الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قلب عبد الستار ناصر

هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)

2007 / 12 / 26
سيرة ذاتية


أرتعشت قلوب الكثيرين من محبيه بمجرد سماعهم نبأ أجراء عملية لقلبه ، وهو البعيد عن وطنه العراق منذ سنوات تجاوزت العقد من الزمان ، وكأن قلوب محبيه الذين يقطنون المنافي البعيدة متصلة بقلبه ، ولهذا فلم تأت رعشات قلوبهم أعتباطاً ، أنما من عمق المحبة والاخلاص لهذا الكاتب الكبير ، صاحب المنجز الابداعي الثري ، أنه عبد الستار ناصر القاص الذي أستولى على قلوب وعقول قراءهِ بمنجزه الابداعي ، فقد كان خبر جراحة القلب مؤلماً على أصدقاءه ومحبيه وممن عرفوه منذ سنوات طويلة ، فهو القاص المبدع ، والكاتب الشجاع ، والمثقف البارع ، والأنسان البسيط الذي لم يأخذه الغرور يوماً ليتعالى على من يعرفونه ويعرفهم عن كثب ، وظل ومازال صديقاً ومحباً لكل الادباء والمبدعين .

كاد قلب ناصر الذي خضع لعملية جراحية أن يزيد من آلامنا وأحزاننا التي أصبحت لا تعد ولا تحصى ، لولا عناية الرب ، التي أستطاعة أن تنقذ قلب عبد الستار المفعم بالحب والأخلاص والابداع على مدى عقود من الزمن مضت ، ذلك الزمن الذي أرانا أشياء كثيرة وكانت في الغالب مؤلمة على مبدعينا وبخاصة الأدباء منهم ، الذين بدأوا يتساقطون الواحد تلو الأخر منذ سنوات النفي القسرية في زمن الدكتاتورية وحتى سقوطها المصحوب بالعمليات الارهابية التي قتلت مئات اللآلاف من أبناء العراق وصولاً الى التطورات السياسية والأهمال المتعمد من قبل ساسة العراق الجديد الذين أنشغلوا بأمورهم الخاصة ضاربين عرض الحائط المبدعين العراقيين الذين يعانون من آلام الغربة والأهمال والمذلة والمرض والفقر والحرمان وأشياء أخرى كثيرة !

لم يكن عبد الستار ناصر بحاجة ماسة الى ساسة العراق لكي يتكرموا عليه ، فهو أسم معروف للثقافة العربية وثمة العديد من الاصدقاء والاحبة الذين سيقفون له أكثر مما تقف له حكومة العراق المنشغلة بالسرقات ، هذا فيما اذا فكرت الحكومة بذلك وليست لها الوقت الكافي للتفكير بآلام الأدباء والمبدعين العراقيين أطلاقاً !

أتذكر ما بعد حرب عام 1991 التي قصمت ظهر الجيش والشعب العراقي ودخول العراق مرحلة الحصار المؤلم والمدمر شكل المقبور عدي صدام حسين التجمع الثقافي العراقي وأنشأ جريدة بابل ، وقد أمر عبد الستار ناصر ليشرف على صفحاتها الثقافية بما يخدم النظام والمرحلة ، وقد قبل ناصر مجبوراً ! وأستطاع أن يخرج يومياً صفحة ثقافية مكتظة بالمقالات والقصائد والدراسات المهمة وفي غالبيتها كانت تتوجه نحو بناء أرث ثقافي عالي الجودة بعيداً عن التطبيل والتزمير للنظام ، كما وجعل من قصائد جان دمو ونصيف الناصري الدادائية أن تطرز صفحات بابل الثقافية ، بينما كان عدي صدام يقرأ ويتابع كل ما ينشر في جريدته الحديثة العهد ، حتى أنه وصل الى نتيجة بأنه لا يفهم ما ينشر على صفحات بابل ، الأمر الذي أضطره ليرفع سماعة الهاتف على المحرر الثقافي عبد الستار ناصر ويولغ به شتماً ، مستفسراً منه عن هذه القصائد الغير مفهومة المعنى ، فرد عليه ناصر : يا أستاذ عدي هذه قصائد دادائية يقال عنها . فرد عليه عدي ، وما معنى دادائية ؟ فقال ناصر : الدادائية هي حركة فنية جريئة باقية بقاء الفن والأدب في حياة البشر شكلت في أوربا بداية القرن العشرين من قبل تريستان تزارار لرفضه الحرب العالمية الاولى ... وقبل أن يكمل عبد الستار ناصر تعريفه للدادائية ، صرخ به عدي وبقوة : أنك مطرود يا عبد الستار من الصفحات الثقافية لجريدة بابل ، مع عقوبة . فضحك عبد الستار ناصر ليعود أدراجه مرتاحاً الى أحضان القصة والرواية والمقالة وبار أتحاد الادباء ومقهى حسن عجمي حيث أصدقاءه الذين لا يستطيع الاستغناء عنهم .

لقد أستطاع هذا المبدع في ظروف غاية في الخطورة والصعوبة أيام النظام السابق أن يضحك على المؤسسة الاعلامية والثقافية التي كان يديرها عدي صدام وينشر العديد من النصوص التي كانت تسخر من ذلك النظام والذي قبر الى أبد الابدين عام 2003 ..

وكم كتب ناصر من القصص الجريئة التي أوصلته الى زنزانات السجون بسخريته العالية من الخليفة ، أنه كاتب شجاع بحق وقلّ ما نجد كاتباً بشجاعة قلمه الذي لم يبخل حتى على الأدباء الشباب ليقيمهم من خلال قلمه الذي لم يتوقف عطاءه يوماً ، عبد الستار ناصر ثروة أدبية عراقية وعربية كبيرة وطاقة أبداعية لا نظير لها في وقتنا الحاضر .

فقلبك يا عبد الستار هو قلب العراق الذي مازال ينبض بالحب والابداع على الرغم من الآلام والمحن الكبيرة التي يعاني منها وطننا ، وما عملية القلب الجراحية ألا أزمة آيلة للذهاب وتعود من جديد الى محبيك وقرآءك لتواصل المشوار الطويل الذي أبتدأته منذ عشرات السنين ، مشوار الابداع الذي أخلصت أليه بكل صدق وأخلاص .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في