الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرائم الشرف بحق المرأة ...والصراع الطبقي

فواز فرحان

2007 / 12 / 26
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


تعتبر الجرائم التي ترتكب بحق المرأة بحجه غسل العار مرآة العلاقات الاجتماعيه التي تحكم مجتمعا ً ما لا سيما تلك المجتمعات التي تحكمها جملة من القوانين والاعراف العشائريه والقبليه والتي تلقى تشجيعا من انظمة الحكم البرجوازية والاستبداديه ، فالقوانين السائده اليوم في العالمين العربي والاسلامي تلعب دورا أساسياً في ابقاء هذه الجرائم على قيد الحياة من خلال إسنادها بمواد قانونيه بحجة غسل العار والدفاع عن الشرف ...
ستة أشهر لا غير هي فترة الحكم الصادر بحق جريمه من هذا النوع في أغلب ألأحيان وتكون المحاكمه صورية الى حد بعيد يحظى المجرم بتعاطف رجال الشرطة والقضاء ويختفي البحث عن الحقيقة ايا ً كان شكلها ومضمونها ، وفي مثل هذه الحالات تشعر المرأة ان الانظمة والقوانين السائده ومطبقيها جميعهم يقفون وراء تهميشها وطمس حقيقة وجودها ككيان يمثل نصف المجتمع ...
تبدو هذه الحقائق بديهية لاول وهلة ويعلمها الجميع لكن ما هو غير بديهي أستمرار النظام القضائي في هذه البلدان في تخلفه وعدم قدرته على مواكبة تطور العصر والانظمة القانونيه فالقضاء في العالمين العربي والاسلامي لا يزال غارقا في الفساد ولم تتناوله اية عملية إصلاح لا سيما في الفترة الاخيرة التي شهدت تطورات متسارعة في هذا المجال ، فلم نسمع على سبيل المثال تعيين سيدة على رأس القضاء الأعلى في اية ِ دوله عربيه أو إسلاميه ! كما أننا لم نسمع عن دولة يقتسم فيها كل من الرجال والنساء هيئة القضاء ألأعلى بالتساوي ، ومن هذه النقطة بالتحديد يمكن معرفة المكانة التي تحتلها المرأة في القوانين الوضعية في تلك الدول ، وتخضع هذه الجرائم عادة لطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تتحكم في المجتمع والتي تؤدي في نهاية الامر الى إعتبارها جرائم شرف أو جرائم قتل يحاسَب عليها المجرم ...
وفي المقابل عندما تتمكن حكومات هذه الدول من الوصول لحالة امتلاك جهاز قضائي يصنف هذه الجرائم في الخانة الصحيحة تتمكن المرأة من الشعور بوجودها ومكانتها في قوانين بلدها وتدرك معها ان هناك من ينصفها ويعطيها حقها وتتمكن من أداء واجبها تجاه مجتمعها ووطنها بالشكل الصحيح ، لقد تعاظمت في الفترة الاخيرة حدة هذه الجرائم حتى في البلدان التي تمتلك قوانين رادعة لها كما حدث في بعض الدول الاوربية لكن قوتها كانت في بلدان الشرق الاوسط التي لا تزال تعاني فيها القوانين من ظلامية مغرقة في التخلف تشجعها الانظمة الاستبدادية الحاكمة هناك والتي ترى في الوقوف مع هذه الجرائم التي يرتكبها ابناء العشائر ضمانة للحفاظ على نظام الحكم من خلال تجنب تأليب العشائر وأبناءها ضدها ، وحتى الدول الاكثر تقدما لم تتمكن من وضع حد لهذا النوع من الجرائم رغم تصنيفها كجرائم قتل ويحكم المجرم بالمؤبد
لان ذلك يخضع في حقيقة الامر الى صراع من نوع اخر تجهله الاغلبية وهو الصراع الطبقي
الذي يتحكم في طبيعة العلاقات السائده في مجتمعات اليوم ، ولا تزال المنجزات التي قدمتها ثورة اكتوبر الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي تتصدر قائمة الحلول التي قدمتها للمرأة والطفل في نفس الوقت اي حلا جذريا مكنها من الارتقاء في سلم الحياة والتطور الى جانب نظيرها الرجل لتختفي كل انواع المطالبات مع تحقيق تلك المنجزات ، فالمجتمعات البرجوازية والرأسمالية فشلت في ايجاد حلولا جذرية لموضوع ألمرأة لانها لا تنطلق في الاساس من
حلول جذرية لهذه المشاكل بقدر ما تكون حلولا مؤقتة تناسب النظام الاجتماعي الاقتصادي الحاكم ، اي انها حلولا اصلاحية ليس الا !
لقد تجاوزت المرأة حالة الغبن التي كانت سائدة قبل الثورة في الكثير من دول العالم الاشتراكي وتعيش اليوم حالة من التوازن مع الرجل في تلك الدول وربما تتخطى حدود حريتها تلك الموجوده في العالم الغربي رغم الهزة التي حدثت بأنتقال المجتمعات هناك الى أقتصاد السوق ودخولها البوابة الرأسمالية من جديد ..
عندما تقف سيده ما في العالم الغربي امام الحقوق التي حصلت عليها فأنها بلا أدنى شك تبدو مقتنعة بحصولها على أغلب حقوقها ولم نقل حقوقها كاملة ً لان هناك مكاسب حصلت عليها على حساب أخرى خسرتها كألأسرة وحالة الاستقرار الاجتماعي ، وكذلك فأنها وقعت أسيرة ظروف أجتماعيه وسياسية تعود بالاساس لطبيعة النظام الاقتصادي الذي تعيشه مع ذلك لم تتمكن من الحصول على فرصتها كاملة في أغلب الدول ، بينما مكنتها الاشتراكيه من الحصول على مطالبها وفق مبدأ الانسان اخو الانسان ورفقيه وصديقه دون تحديد الجنس لانها ساوت بين الجنسين في القانون والواجبات والحقوق وأي ظلم كان يلحق بها كانت الدوائر القضائيه تعامله وفق قانون الجرائم والاعتداءات ..
اما في مجتمعاتنا فأنه من الصعب الحديث عن تخطي هذه المرحله من التعامل مع قضية المرأة دون خلق علاقات انتاج جديدة تساوي المرأة مع الرجل وتلغي البناء التحتي لعلاقات اجتماعيه لها بناءها الفوقي في مرحلة المجتمع الحالي ، اي ان لها مؤسسات وقوانين تبررها وهذا ما يمثل العقبة الاولى امام القضاء على جرائم من هذا النوع واجتثاثها من العقول التي تبررها عشائريا ودينيا ، ربما القوانين التي خطتها ثورة اكتوبر والتي كانت نابعة من نظرة الماركسيه للمرأة هي التي أسست لمجتمع العدالة ولقيت تفهما من أبناء المجتمع حتى وصلت الى مرحلة يمتدحها أعداء الاشتراكيه قبل أصدقاءها ..
اي بناء مؤسسات قانونيه وحقوقيه تساوي بين الجنسين امام القانون وتمنع تذويب القوانين في الاطار الديني والعشائري والقومي الذي يحاصر القضية في مجال ضيق يقف عائقا امام بروز العدالة في هذه القضايا وتجعل المرأة تفقد الامل في مجتمع إنساني عادل يعطيها حقوقها ، وربما يعتقد البعض ان شن حملة على القوانين الجائرة بحق المرأة في المجتمعات العالم ثالثية هي قضية لا تتجاوز حد المطالب الاصلاحيه الباحثة عن حلول مؤقتة !! لكن الواقع يفرض علينا التذكير بأن هذه القضية هي جوهر الموضوعات التي تناضل لاجلها قوى اليسار والشيوعيه حتى لو تم تناولها لمفردها دون القضايا الاخرى ، لتتمكن المرأة من نيل فرصتها في التعبير عن حقها ووجودها كشريك أساسي في بناء الحضارة الانسانيه ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زواج القاصرات يشعل المغرب.. وحملة رقمية لإيقافه | #منصات


.. الحركة قيدت النساء ب70 تشريعا.. أول تقرير أممي عن الأفغانيات




.. الاستشارية الأسرية حنين بطوش: لابد من تعاون الأهل مع الشباب


.. امرأة تواجه متظاهرين يهود مؤيدين لفلسطين في نيويورك




.. اختتام أعمال مهرجان القصة القصيرة الكردية التاسع