الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون النفط والغاز متى سيخترق الكواليس ويبصر النور في مجلس النواب؟

مهران موشيخ
كاتب و باحث

(Muhran Muhran Dr.)

2007 / 12 / 27
دراسات وابحاث قانونية


مع اطلالة العام الجاري اعلنت حكومة السيد المالكي عن استكمال مسودة مشروع لقانون النفط والغاز وهي بصدد عرضه على مجلس النواب قريبا للمصادقة عليه , وقد استبشرت حينها الشريحة الواعية للنخب الوطنية لجماهر شعبنا وبضمنهم اكاديميين وخبراء مختصين في شوؤن الصناعة النفطية واقتصاديين وخبراء الشوؤن المالية خيرا لكون هيكلة وتنظيم والاستغلال العقلاني للثروة النفطية تشكل حجر الزاوية لازدهار اقتصاد البلاد والضمانة الوحيدة لنجاح عملية اعادة الاعمار، انه مفتاح التوجه الجاد نحو الانسلاخ من حالة التخلف الاجتماعي ومكافحة الامية والافكار الغيبية . ان الانطلاقة الى اعمار العراق تمر عبر تهيئة البنية التحتية للصناعة النفطية لانها توفرالاساس المادي لانتعاش اجواء الرفاهية والرخاء في الحياة والارتقاء بالمجتمع الى مصف الدول العصرية . وها نحن على اعتاب استقبال العام الجديد وقانون النفط والغاز ما زال مخفيا عن الانظار , يحوم حوله الغموض بعد ان تعددت اصالته الى اكثر من نسخة . فالنسخة التي شرعته مجلس الوزراء والتي نوقشت بنودها مع رئاسة حكومة اقليم كوردستان والنسخة التي وصلت الى رئاسة وبعض اعضاء مجلس النواب لا تنتميان الى عائلة واحدة ! ولحين وصول النسخة الى مجلس النواب انشطرت مسودة القانون وانجبت عدة توائم ( ملاحق ) !. ورغم هذا السراب الذي يهيمن على مصير وحيثيات مسودة القانون نجد ان هناك تعارض جدي وجوهري في تفسير وتطبيق البنود بين حكومة اقليم كوردستان ووزارة النفط العراقية ، بينما حكومة السيد المالكي ملتزمة جانب الصمت متناسية مسئوليتها في ادارة السلطة التنفيذية الاتحادية وكأنها ليست الجهة التي شرعت مسودة القانون . الى متى سيحجب مسودة قانون النفط والغاز عن البرلمان العراقي لمناقشته واقراره ، ومن يقف وراء هذه المماطلة ؟ من المستفيد من هذا التاخير ؟ هل المتضررين هم ابناء جالية المنطقة الخضراء وامتدادها ام الشعب العراقي المنكوب والفقير اصلا ؟

سنحاول الاجابةعلى هذه التساؤلات بالوقوف عند ثلاث محطات رئيسية و نؤكد مجددا من ان حجب الانظار عن القانون والابتعاد عن طرحه في الاعلام والتاجيل الغير المعلن لمناقشته واقراره لا يخدم مصلحة البلد بتاتا بل يزيد من صعوبات الحياة الاجتماعية والاقتصادية ويعقد الوضع السياسي القلق اساسا ، ناهيك عن استغلال مافيات الميليشيات المسلحة حالة اللادولة التي تعيشها البلاد بمواصلتها سرقة وتهريب النفط باقصى الوتائرفي ظل غياب الرادع القضائي وصمت الحكومة
اولا : قانون النفط والغاز وعامل الزمن
سارعت رئاسة الحكومة العراقية مباشرة بعد الانتهاء من اقرار القانون وفي سباق ماراثوني بالدعوة الى تمريره من قبل مجلس النواب بعجالة حتى انها حاولت اقناع البرلمان بالغاء عطلتها الصيفية بغرض المصادقة على القانون باسرع ما يمكن وشارك في هذا المسعى العديد من المسئولين الكبار في مجلس الوزراء والنواب فقد دعى د . حيدر العبادي رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في البرلمان العراقي من لندن قبل اربعة اشهر الى ضرورة التعجيل في تنظيم قانون النفط والغازبسبب الفقر الذي يعانيه نصف المجتمع العراقي ! ، وفي نفس الفترة صرح السيد وزير المالية في بغداد بان البلاد بحاجة الى الاسراع في تمرير قانون النفط والغاز لاننا بحاجة الى موارد مالية اضافية ولان الانتاج قد تراجع هذا العام الى 1.5 مليون برميل ، ثم جاء تصريح السيد الشهرستاني في نفس الوقت من موسكو بقوله نحن بحاجة الى زيادة الانتاج باسرع وقت ... وكأن المصادقة على قانون النفط والغاز ودخوله حيز التطبيق ودراسة عروض الشركات الاجنبية والتفاوض والاتفاق معهم والمباشرة بالعمليات واستحصال الموارد النقدية من العملية هى مسالة اسابيع ام بضعة اشهر ! . اما مدير شركة ايرلندا للنفط صرح في تلك الوقت قائلا ... لو وقعنا العقد مع الطرف العراقي اليوم فسيكون بامكاننا المباشرة بالعمل ربما بعد 3 سنوات بسبب الاوضاع الامنية . من المناسب هنا الاشارة الى ان السيد وزير النفط صرح في المؤتمر الاستثنائي الاخير للاوبك والذي انعقد في 5 ديسمبر من السنة الجارية في ابو ظبي بان العراق سيزيد من التصدير بمقدار 250 الف برميل يوميا (فقط) والزيادة هذه " قابلة للتحقيق في مدى زمني يصل الى عام ...!!! ، ترى ما الفائدة اذن المغامرة والاسراع في توقيع عقود مع شركات اجنبية بهدف زيادة التصدير الى مليون، مليون ونصف او حتى مليوني برميل اضافية يوميا والعراق يواجه سقف تصدير تتحكم به الى جانب متطلبات السوق قرارات منظمة اوبك وغيرها ؟ علما اننا مؤهلون لتحقيق هذا الكم للتصدير بقدراتنا العراقية . ان تصريح السيد الشهرستاني هذا من ابو ظبي هوبحد ذاته دحض للتبريرات والتاملات المنتظرة من ان الاسراع في تمرير القانون سيؤدي الى زيادة العائدات المالية في فترة قياسية تعد بالاسابيع او الاشهر ! . ترى ما هو موقف وزارة المالية الان بعد ان ارتفع تصديرنا للنفط في النصف الثاني من العام الجاري الى مليونين برميل في اليوم وبموازاته ارتفع سعر البيع بمعدل يقارب 40 دولار للبرميل الواحد ليصل الى مشارف الـ90 بل واكثر؟ .وللامانة نقول ان جميع الارقام المتعلقة بانتاج وتصديرالنفط العراقي فيها الكثير من الافتراضية بسبب الفساد الاداري والسرقة وغياب العدادات وسوء استعمالها وهذا ما اكده التقرير الاخيرلمنظمة الامم المتحدة في جلستها بتاريخ 18 - 12 - 2007 .

نتسائل هنا عن الاسباب والدوافع التي ادت بحكومة السيد المالكي التخلي عن الاسراع بتمرير قانون النفط والغاز وطي صفحته وتركه جانبا ؟ هل اهمية القانون تراجع فعلا من اولويات البرنامج الحكومي ام انه الان رهن التوافقات السياسية المحاصصاتية خلف الكواليس؟ . غداة انعقاد مؤتمر دول الجوار العراقي في اسطنبول قبل شهرين ابلغ السيد المالكي الى وزيرة خارجية امريكا كونزاليزا رآيس " ان الاجواء باتت مهيئة للمصادقة على عدد من مشاريع القوانين التي اقرتها الحكومة واحالتها على مجلس النواب للمصادقة عليها مثل قانون النفط والغاز، ومشروع قانون المساءلة والعدالة
ثانيا : قانون النفط والغاز والتجاذبات السياسية لقوى المحاصصة

مضى على سقوط النظام الدكتاتوري الدموي 5 سنوات ولا يزال العراق الجديد دولة اشبه بسفينة بلا قبطان تتقاذفها امواج قوى المحاصصة الطائفية والاثنية ... حكومة يحكمها دستور زئبقي ، تختلف في تفسير بنوده جميع الاطراف السياسية التي ساهمت على صياغته والمصادقة عليه ، دستور يضم جملة من الابهامات ان لم نقل التناقضات لنصوص مفصلية كتلك التي تتناول موضوعة الفيدرالية وتوزيع سلطات الاقاليم والمحافظات وكذلك توزيع الثروات ومسالة كركوك . فلا غرابة إذن من تقاطع وتعارض مواقف حكومة اقليم كوردستان ووزارة النفط بخصوص مشروع قانون النفط والغاز فهي نتيجة حتمية في تحديد موقف من منظومة هلامية لمشروع متعدد الاوجه . والمسالة لم تعد تقتصر على اختلاف في فهم مشروع قانون النفط والغاز وصلاحيات التوقيع على العقود بل اعمق واتسع ليشمل موضوع الرقعة الجغرافية لاقليم كوردستان وعائدية كركوك الى الاقليم لا بل امتد مؤخرا مطالب حكومة اقليم كوردستان بالتوسع الجغرافي نحو الجنوب !، ان اصرار التحالف الكوردستاني على مواقفه هذه يثير التساؤلات عند الكثيرين عن مدى مصداقية حكومة اقليم كوردستان بالايمان بالعراق الواحد الموحد ...عراق كل العراقيين . يبدو لنا هنا ان اتفاق الجنتيلمان القائم بين التحالف الكردستاني والمجلس الاعلى بخصوص كركوك وفيدرالية جنوب بغداد قد جوبه برفض قاطع من قبل الاطراف الاخرى في الائتلاف الشيعي ولم تحضى بمباركة المرجعيات الدينية العظمى واسفر عنها الاسراع في تشكيل تكتل جديد ثنائي من التحالف الكوردستاني والحزب الاسلامي . ان اي مراقب سياسي يعجز في ايجاد الجديد في البعد الوطني لميثاق التفاهم هذا ومميزاته في التعامل مع الدستور عن سابقاتها . تشكلت سابقا العديد من الكتل واللجان ... كتلة الرئاسات الثلاث + واحد ، وكتلة اربعة + واحد ، وهناك لجنة منسية تشكلت من مؤتمر المصالحة الوطنية التي انعقدت في بغداد سميت لجنة تعديل فقرات الدستور! الى جانب لجنة برلمانية تضم قيادات التحالف الكوردستاني وشقي الاحزاب الاسلامية مهمتها ايضا تعديل فقرات الدستور ، ولم تفلح اية جهة لحد يومنا هذا من الوصول الى موقف موحد من الدستور رغم تجاوز السقف الزمني المحدد لها ! . ان هذه التعددية في التوافقات والائتلافات السياسية بين اطراف الرئاسات الثلاث تشير بوضوح الى غياب المشروع الوطني عند اركان هذه الاحزاب ، و يبدو جليا اليوم وبعد اكثر من عامين من اقرار الدستور ان النواة المركزية في اختلاف وجهات النظر بين اركان حكومة الوحدة الوطنية هي الثروة النفطية وتتفرع منها الاختلافات في موضوعة الاقاليم وتوزيع الثروات وكركوك ومؤخرا نشاط حزب العمال الكوردستاني . اليقين هنا ان قانون النفط والغاز اصبح مادة جوهرية لصفقات سياسية بين الاحزاب المتنفذة على حساب مصلحة الوطن وعامة الجماهير
ثالثا : قانون النفط والغاز ومستقبل العراق

العراق الجديد بحاجة ماسة الى سن قانون للنفط والغاز ، قانون شمولي يضمن تكامل انتاج النفط والغاز مع الصناعة النفطية والقطاعات الانتاجية الاخرى ووفق سياسة اقتصادية منهجية ، سياسة ذات ستراتيجية واضحة المعالم يشرعه خبراء واخصائيين محترفين تخدم مصلحة العراق الواحد الموحد ارضا وشعبا وليس للنزعة الاقاليمية والطائفية والفئوية لاحزاب المحاصصة . ان التشبث بحاوية تشريعية متمثلة بالدستور وبغطاء سياسي عنوانه المحاصصة قطعا لن تجدي اي نفع لكون الدستور هو زئبقي الخواص والمحاصصة عندنا خطوط مساراتها لا تعانق مصلحة الوطن ، وبالتالي المماطلة والتباطؤ في تشريع قانون النفط والغاز سيطيل من حالة اللاستقرار السياسي والامني وتعمق الازمة الاجتماعية بدء من البطالة وانتهاء بالاستمرار في الانخراط في الميليشيات المسلحة وامتهان القتل لسد رمق العيش ...! . ان الطريق الى بناء العراق الجديد ، عراق كل العراقيين رهن بالهوية الوطنية لقانون النفط والغاز باعتباره يشكل حجر الزاوية في هرم الدستور العراقي وبعكسه البلاد مهدد بالتمزق الجغرافي وفقدان السيادة على ثروته النفطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين