الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكــلامُ المُــباح في مســـألة الحَمْــلِ والسّــــفاح

مصباح الغفري

2003 / 11 / 25
الادب والفن


 وَسَــــلِ الحُبلى ، لِقاحَ الشّــرّ ، هـل بَعْــدُ وَحـــامُ ؟
 ( الجواهري )

حدثنا أبو يســار الدمشــقي قال :

خلّـفتُ غاشــيَة الخنــوع ورائــي         وأتيــت مُصطفـلاً أجُـرّ ردائي!

لكي أنام ناعمَ البال ، انتســبت إلى حزب الاصطفال ، متقاعِداً عن النضال ، تاركاً التنظيرَ والقيلَ والقال. وحزب " يصطفلوا " حزب عريق ، عرفه العرب قبل خارطة الطريق ، كالقشــة يتمسّــك بها الغريق .  لكن العلاقة مع السلطة ، كالعلاقة مع اللصوص والشرطة ، وتلك ورطة أي ورطة ! شعارهم من لم يكن معنا ، فهو علينا . إذا لم ترقص في المسيرات الشعبية ، فأنت عميل للاستعمار والصهيونية . وإذا لم تمتدح خطَــب الرئيس القائد ، فأنت رجعيّ وحاقد .

ولأنني لا أتقن الرقص ، وأعلَمُ أنه دليل على النقص . فقد غادرت الوطن ، هرباً من الآفات والمِحَن . غادرت وطنَ الأحزان ، وأطلقت للساني العنان ، مكتفياً بمحاربة القمع بأضعف الإيمان : القلب واللسان!
لكن حساب الســوق ، لا ينطبق دوماً مع حساب الصندوق . فقد حُرمت من تجديد جواز السفر ، فأين المفرّ ؟ أحرقتُ سُــفني كطارق بن زياد ، فالعودة إلى وطن المخافر دونها خرطُ القتاد . وكيف أعــود إلى وكر الأفعى ، وإلى حتفي بظلفي أســعى ؟ 

قال أبو يســار ، وهو يُكثرُ من الاستغفار ، ألا فاعلموا أيها السّــمار ، أنني طوفت في الأمصار ، فلم أجد ملاذاً آمناً في غير بلد الاستعمار ! أقمت في باريس كل هذه السنين ، يمزقني الحنين . أحلُمُ بصحن فول مُدَمّــس عند مجيد ، وكأنه لعَــسُ الغيد الأماليد . لكنني عندما أتذكّــرُ أقبية المخابرات ، ولســعَ السياط والخيزرانات . أثوبُ إلى الرشــد بعد الجهل ، وأنتظر من الباري الفرج والحل .

رُفِعَ الديكتاتور إلى السماء ، فتنفســنا الصعداء . فتغيير الدول رحمــة للأمــة ، وقد تزول عنا الغمــة . ولا زلنا بانتظــار رفع المظالم ، والمصالحة بين المواطن والحاكم .
بعد حرب العراق ، إلتفت الساق بالساق، وإلى واشنطن كان المساق . أصبحت بغداد بين علَّةٍ خبيثة ودواء نَجس ، بين طاغية زالَ ووحشٍ مفترس . وبدت أعراض الوحام ، على القيادات التاريخية والحكام . فلم يعد الحَمــلُ والسّــــفاح ، وقفاً على الغواني والمــلاح . أصــبحَ الحَيْــضُ من شِـــيَمِ الحاكمــين ، في بلاد العرب والمسلمين . والجميع حُبالى بالهموم والرّعب من المنون ، فهذا يومٌ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون !

اليانكي يحمــلُ فاســه ، والكلّ يتحَســسُ راســه . وكراسي الحكم كالتوابيت ، والجالس عليها بين كيت وكيت . ولا زالت جماهير المخابرات والمُخبرين ، تعتقل الشرفاء والمناضلين ، والعفو العام لا يشمل غير القتلة واللوطيين!

نحن لا ننتظر العفو من أحد ، وحق الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد . فهل يعفو القاتل عن القتيل ، في هذا الزمن الوبيــل ؟ نحن ننتظر إعادة الحقوق ، فليس في ذلك للآباء أي عـقوق !

ثم إن أبا يسار تنهـــد ، وما لبث أن أنشــد :

أقــولُ اضطراراً قـد صَـبرتُ على الأذى      على أنني لا أرى الحُــرَّ مُضطَـــرا
وليـــسَ بِحُــرّ مــــن إذا راَ مَ غايـــــــةً       تخـوّفَ أن تجري به مَسلكاً وعـرا

                                                     








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة من حفل افتتاح الدورة السابعة والسبعين لمهرجان كان


.. حول العالم | موسيقى فريدة بأنامل أطفال مكفوفين في تايلاند




.. الدورة الـ 77 من مهرجان كان السينمائي.. ما أبرز ملامحها وأهم


.. الموسيقي المصري محمد أبوذكري يصدر ألبومه الخامس -روح الفؤاد




.. بين المسرح والسياسة: المخرج وجدي معوض في عشرين 30 ??بعد اتها