الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شمس المحبة

عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري

(Adel Attia)

2007 / 12 / 28
الادب والفن


قريتى ، مثل كل القرى المصرية ، تقع تحت ضوء الشمس 0
عندما كنت صغيراً ، كنت العب فى ملاعبها ، ملاعب الشمس ، الممتدة بلا حدود إلا فى حدود قريتى الصغيرة ، بسعادة غامرة وافرة ، ولم اشعر يوماً بالخوف والرهبة من اى شىء 0
ولكن منذ سنوات قليلة ، وذات يوم جمعة ، وفى كل يوم جمعة لاحقة ، ارتفعت الاصوات عبر مكبرات الصوت التى انتشرت بغزارة فى انحاء قريتى ؛ لتعلن بلغة التحذير والتهديد والوعيد :
" ان الشمس التى نحيا فى حرارتها ، تبلغ درجة الحرارة على سطحها اثنى عشر ألف درجة بمقياس فهرنهايت 0 فإذا خرجتم من بيوتكم ، فعليكم بارتداء النظارات السوداء ، حتى تحافظوا على عيونكم من ضوئها ، ويجب عليكم استخدام المظال الواقية من اشعتها الحامية ، ولا بد من ارتداء ملابس خاصة ، صممناها وخصصناها لكم ، لحمايتكم مما تبثه الشمس من اشعاعات ضارة قاتلة000" 0
شعر أهل قريتى بالخوف والفزع من الشمس ، وبخوف وفزع أكثر من اناس ابتدأوا يظهرون بكثافة ، يحملون سياطاً قاسية ، يضربون بها كل الذين لا يطيعون أوامرهم !
كان حكيم القرية ، راقداً على سرير المرض الابيض فى احدى مستشفيات المدينة 0
وعندما اخبره أهل القرية بما حدث فى قريتهم ، طالبين منه المشورة ، معتذرين له على ما اضافوه إلى معاناته عن غير رغبة منهم ، تكلم بانفاس متعبة مجهدة ، وقال :
- لا عليكم ، فالامر جد خطير ، فوق كل مرض 0
وصمت قليلاً ، ريثما يستجمع قوته ، ثم قال :
- ان حرارة الشمس المرتفعة جداً ، إن سلطانها وجبروتها ، كما يطلق عليه هؤلاء الذين ظهروا كغرباء بينكم ، لم تستخدمه ضد الانسان ، ولم يمنعها عن محبتها لنا وعطاؤها ، فلم تحجب عنا نورها الذى يضئ لنا الحياة ، ولم تمنع دفئها فى وقت البرد ، بل أكثر من ذلك ، فضوءها يغسل الهواء من ثانى اكسيد الكربون ، ويدفق علينا بالاكسجين من خلال عملية البناء أو التمثيل الضوئى ، وحرارتها تقتل الجراثيم ، وتنمى النباتات 0ألا تذكرون مثلنا الدارج : " البيت الذى تدخله الشمس لا يدخله الطبيب " ؟!00 ارجعوا إلى قريتنا ، وأخبروا هؤلاء الغرباء عنا ، أنهم على خطأ ، وقاوموا افكارهم بأفكاركم المستنيرة 0

ارتاح أهل قريتنا لكلمات الحكيم ، وقرروا مجابهة كل فكر لئيم هدّام 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حياة كريمة.. مهمة تغيير ثقافة العمل الأهلى في مصر


.. شابة يمنية تتحدى الحرب واللجوء بالموسيقى




.. انتظروا مسابقة #فنى_مبتكر أكبر مسابقة في مصر لطلاب المدارس ا


.. الفيلم الأردني -إن شاء الله ولد-.. قصة حقيقية!| #الصباح




.. انتظروا الموسم الرابع لمسابقة -فنى مبتكر- أكبر مسابقة في مصر