الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المشهد العراقي ....1 ..تطورات الموقف الامريكي !؟

ثامر قلو

2007 / 12 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم يكن احتلال العراق واسقاط النظام الدكتاتوري البائد من قبل القوات الامريكية في العام 2003 بعيدا عن الاسترتيجية الامريكية الجديدة الهادفة حسب كل الدلائل لتفكيك الدول وتذكية الحروب العرقية والطائفية في العالم وخصوصا مناطق الشرق الاوسط وبعض الدول الاسلامية ، ومن الامثلة المادية الملموسة على الامر، ما يحدث في الصومال والباكستان وأفغانستان والبحرين ولبنان وفلسطين والعراق ، وقد تشاء الصدف أن يعزز ويسهم في تنفيذ هذه الاستراتيجية عن طيب خاطر الدولة الاسلامية في ايران ، فالدولتان تنطلقان للاهداف ذاتها تقريبا وهي السيطرة وبسط النفوذ على الدول الاخرى ، فامريكا الدولة الاحتكارية التي تقودها الشركات الراسمالية يبحثون عن الاسواق الجديدة لغرض الاستغلال وتحطيم يقظة الشعوب الساعية للتطور مستغلين دائما تخلف هذه الشعوب وغرقهم في الخرافات وتشبثهم الاعمى بالدين ، وليس بعيدا عن هذه الطموحات تسير دولة نجاد في ايران ، ولكن شتان ما بين الاسد والثعلب حين المقارنة بين الدولة العظمى أمريكا والدولة الاسلامية في ايران .
لا يمكن أن ننعت كل تطور أو حراك في الساحة الدولية لحكم المؤامرة ، رغم أن شعوب الشرق المهووسين بالدين مهيئين نفسيا وثقافيا لتمرير أصحاب المؤامرات وفرش طرقهم بالورود ، لكنه من الحكمة القول أن أكثر من أربع سنوات من التخبطات الامريكية في الاحداث العراقية بهذا الشكل المقزز لا يبعث على الاطمئنان ابدا حول النوايا الامريكية واستراتيجيتها في العراق والمنطقة .
أمريكا دولة امبريالية تقودها قوى المال والشركات الاحتكارية شاء من شاء وأبى من أبى ، لذلك فان الوصف الماركسي للامبريالية ينطبق تماما على الدولة الامريكية ، فهذه القوى الاخطبوطية لا تكترث لا لمصالح الشعب الامريكي ولا لمصالح الشعوب المغلوبة على امرها ، والنظر عن كثب لما يحل بالشعب الامريكي من وراء هذه السياسة الجنونية التي تلحق به الخسائر البشرية والمادية والمعنوية ، ناهيك عن سياسة التدمير والتخريب والتفتيت للشعوب الاخرى كما حدث ويحدث للعراق منذ الاحتلال الامريكي واسقاطهم للنظام الدكتاتوري البائد يبرهن بلا شك على تمادي الدولة الامريكية التي تقودها الشركات الاحتكارية بالعنجهية والدناءة الى أبعد الحدود .
لم يكن تنصيب العديد من الحكام على مجلس الحكم العراقي من قبل الادارة الامريكية ، أو عن طريق دعمهم، اول الخطوات لتمرير مخططهم الاستعماري ، أو الامبريالي ، فقد سبق الحلم وهو حلمهم بالطبع ، تقسيم الاجواء العراقية حسب خطوط الطول والعرض ، تحت ذريعة منع قوات النظام الدكتاتوري من البطش بالقوات المعارضة ، فيما كانت دبابات صدام وجيوشه تسحق المعارضين امام أنظار جيوشهم وقواتهم ومسؤوليهم دون أن يرف لهم جفن ، ابتداءا من انتفاضة آذار حتى السقوط المدوي في التاسع من نيسان 2003 .
الفوضى التي احدثتها القوات الامريكية بعد التحرير ، وهو يعد في جانب منه عن حق تحريرا ، وفي الجانب الاكبر منه احتلالا وتدميرا لبنية الدولة العراقية ، لم تكن هي أبدا الفوضى الخلاقة التي يتكلم عنها المفكرون لانهاض الشعوب المتخلفة عبر ارساء الخطوات الاولية لذلك النهوض ، لان الفوضى الخلاقة تعني بتطوير العقول وتطوير النظر للحياة وشؤونها قبل أي شي أخر ، فيما كانت الفوضى العراقية التي سهل لها المحررون تقضي على البنى التحتية للدولة العراقية وتسهم في الوقت ذاته لزيادة تحجير العقول الحاكمة وهي عقول طائفية ومتحجرة اساسا .
حسب الظنون والقراءات والتحليلات للوضع العراقي المستجد بعد السقوط ، ينبئ بلا ريب أن القوات الامريكية لم تكن معنية باحداث الاستقرار في العراق ، والامر يعد ماثلا ومشخصا من قبل البسطاء والاميين قبل أن يلتمسه المعنيون والمثقفون والمهتمون بتطورات الشان السياسي العراقي ، والدلالة ان اخر الاسفتاءات البريطانية في مناطق الجنوب العراقي حول دور الجنود البريطانيون ومدى اهميتهم لبسط الاستقرار في العراق ، كانت النتيجة أن اثنان في المئة فقط من أبناء الشعب العراقي ، اثنوا على دورهم الايجابي فيما قابله البقية بالاشمئزاز وربما الاحتقار ، فان كان الحقد والاحتقار بلغ منصبا بهذه النسبة العالية على القوات البريطانية العاملة في العراق، فانه حتما يفوقه او يساويه في الاحتقار للقوات الامريكية العاملة في العراق أيضا وبالنتيجة يمثل احتقارا للادارة الامريكية بشكل خاص .

كثيرون يعتقدون ، وانا من بينهم ، ان الادارة الامريكية الحاكمة ، استهدفت بسياستها المضحكة والمبكية في آن ، احداث الحرب الاهلية في البلاد ، لكن بالطبع دون تحميلهم المسؤولية خوفا من الراي العام المحلي الامريكي والعالمي ، فقد أسهموا في تفاقم الصراع الطائفي ، وهو صراع يعلم العراقيون أنه صراع عقيم يقوده قوى طائفية محدودة مدعومين من خارج الحدود ، أو مدعوما من قوى عراقية داخلية وهم محدودين ايضا للحفاظ على هذه الاوضاع والاجواء الفوضوية في البلاد لادامة امتصاص خيرات الشعب والبقاء في مراكز السلطة لفترات طويلة ، ويعلم العراقيون أيضا ان الطرفين من القوى الطائفية يلعبون ذات الدور لتفتيت العراق وتفكيكه ، لانه من الاستحالة أن يكون الطائفي وطنيا أيا كان لونه أو ديدنه ! حلمهم وهو حلم الامريكيين والطائفيين معا ، كان احداث فوضى عارمة ، كأن يهاجم اهالي شرق بغداد وهم من الشيعة ، اهالي غربها وهم من السنة ، أي ان تصير الحرب حرب السلاح والمطاوي والسيوف كما في الحروب الاسلامية الاولى ، وكان حلمهم أيضا حرب على ذات المنوال بين اهالي الجنوب العراقي والاخرون في شماله وشماله الشرقي ، ومن ثم يخرجون على الشعب العراقي والعالم ، بان الحلول تنحصر بالتقسيم والتفرقة بين هذه الاقوام المتوحشة لكي يستتب الامن والاستقرار .
أكثر من أربع سنوات من الفوضى والقتل والاختطاف ، وهي سنين عجاف قلما مرت مثلها على شعب ، ولا يعلم حدسها المخيف والمرعب الا من عاش في اتونها ، اكثر من أربع سنوات يذكون آوار الحرب الطائفية باساليب بارعة امام انظار القوات الامريكية دون ان يفلحوا بزج الشعب العراقي في اتونها ، فقد كان العراقيون يزدادون تلاحما وثقة بالوطن العراقي ومستقبله المنشود ، بعد كل هجمة وكارثة طائفية من هذا الطرف أو هذاك ، للدرجة التي أصاب التصلب العراقي ووطنيته الادارة الامريكية بالذهول قبل ان يصيب القوى الطائفية المحلية .وبعد اليأس من احداث التقسيم عبر تفاقم العنف والاختطاف والقتل بأشكاله ، أرادت الادارة الامريكية التي تقودها الاحتكارات المالية احداث التقسيم عبر الكونكرس الامريكي الذي طرح مشروعا للتقسم كاشفا عن يأس الطموحات الامريكية في العراق .
بعد اليأس الذي أصاب الادارة الامريكية في العراق لبلوغ الاهداف المعنية ، لفت نظرهم انهم قاب قوسين أو أدنى من اضاعة الخيط والعصفور ، فقد أضاعوا وخسروا طموحاتهم الدنيئة في العراق من جهة ، وعلى الطريق يقبلون على خسارة منصب الرئاسة الذي يوفر للشركات الاحتكارية الحاكمة الفرص الماجنة للكسب المالي ، فقد سهلوا توفير بعض الامان للعراقيين عبر رجال الصحوة ، في الوقت الذي ينسبون هذا الامان والاستقرار المحدود في الوضع العراقي لبضعة الاف من الجنود الذين استقدمهم بوش في الاونة الاخيرة ، فهكذا يوهمون الشعب الامريكي الذي نسي أو كاد ينسي بعض الشي التخبط الامريكي في الشأن العراقي عبر هذا الاستقرار المحدود تجنبا لمحاسبة الادارة الامريكة على دورهم القذر في الساحة العراقية عندما يحين موعد الانتخابات الرئاسية القادمة في الولايات الامريكية قريبا.
المليارات التي صرفتها الادارة الامريكية في العراق وهي ليست أموال جورج بوش ولا هي أموال ديك تشيني بل انها الاموال المجنية من أبناء الشعب الامريكي عبر سطم ظهورهم بالمزيد من الضرائب ، ولا القتلى من الامريكيين في العراق هم أبناء هؤلاء ، فانهم شباب ققراء يبحثون باي وسيلة لرفع مستوى حياتهم المعاشي ، نقول أن هذه المليارات لو كانت وضعت تحت تصرف اغبى رجل في العالم لكان نظف كل البيوت العراقية من السلاح وأغلق في الوقت ذاته حتى الثقوب في الحدود العراقية مع الدول الاخرى وكان فعل غيره كثير وكثير جدا ، لكنهم لا يمتلكون صفاء النية فكيف يحدثون هذا للشعب العراقي !؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -