الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ان كل من يخاصم حرية الرأي فهو عدوالاسلام محاضره طه حسين قبل 70 سنه

هادي ناصر سعيد الباقر

2008 / 1 / 11
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


نستطيع ان نمضي في البحث التاريخي عن حرية الرأي، بل عن الرأي نفسه الى ابعد زمن ممكن، فلن نتجاوز الالف الثاني قبل المسيح. الى ذلك الوقت كان الانسان يحيا حياة توشك ان تكون الية يتأثر فيها بالغريزة، ويطيع فيها الغريزة، اكثر مما يتأثر في بأي شيء اخر، واكثر مما يطيع أي شيء اخر، فكانت حياته اليومية نتيجة لتلك الغرائز، وكانت حضارته التي انتهى اليها نتيجة لتلك الغرائز، التي كانت تسيطر على حياته سيطرة تامة.
ولكن الحياة الانسانية لم تقف عند هذا الحد، وقد اراد الله للانسان ان لا يكون حيوانا اجتماعيا بالغريزة وحدها، وانما اراد له ان يكون حيوانا اجتماعيا بالغريزة والعقل. والعقل الانساني يرقى شيئا فشيئا.
ورقية نتيجة الحياة المادية وتعقدها وما ظهر فيها وما زال يظهر من الخصومات والتنافس على المنافع، والتهالك على ارضاء الحاجات الانسانية التي لا تتقضى، وما دام الناس يشعرون بهذه الحاجات ويدفعون بغرائزهم الى ارضاء هذه الحاجات، وما دامت هذه الحاجات مختلفة اشد الاختلاف متنوعة اشد التنوع.
ان الرقي العقلي، وهذا التفكير الذي نلاحظه لم يلبث ان انتهى الى نتائجه الطبيعة، وهذه النتائج الطبيعية، هي ايقاظ ميل الانسان الى النقد، والى الملاحظات المختلفة على النظم التي كان خاضعا لها، ومنذ اخذ الانسان اليوناني يلاحظ وينقد ويصنع نظام حياته موضع البحث والتفكير نشأت الخصومات السياسية عند اليونان. بدأ العقل الانساني ينقد فلم يكن من سبيل الى ان يقف عند حد.
ان الرجل الذي يمتاز بالعقل ويمتاز بالتفكير الصحيح يجب ان يضع الحقيقة فوق كل اعتبار وان يجعلها هي وحدها قبلته اذا فكر او نظر. فكما ان للفيلسوف حق في الفكر، وفي ان يعلن رأيه، وله الحق في في ان يتحدث الى الناس حرا، فمن الطبيعي ان يقاوم هذا الرأي. ولم يكن للعقل الانساني قد ارتقى، ولم يكن الانسان يفهم مقاومة الرأي بالرأي وحده، انما كان الانسان يفهم ان كل خارج على الشعب يجب ان يقضى عليه بالعقاب مهما يكن من شيء، فقد كان سقراط

هو الضحية الاولى لحرية الرأي، ولكنها الضحية الخالدة الخصبة، وكان موت سقراط اعلانا لانتصار العقل وحرية الرأي.
مضت الفلسفة تناضل عن حقها في الحرية وتلقى في ذلك محنا وخطوبا.. الى ان كان عصر ظهور المسيحية. في ذلك وصلــت الحرب بين العقل والضمير وبين الجماعات الى اقصى ما كان يجب ان تصل اليه من عنف وكان مظهر هذه الحرب بين حرية الضمير والرأي، ما كان الخصومة بين الامبراطورية والدين المسيحي.
والشر كل الشر ايها السادة يأتي من ان الانسان يطغى. ويكاد يكون طغيانه جزء من طبيعته. فهذه المسيحية التي جاهدت في سبيل حرية الضمير والتي لقيت الوان العنف والظلم من قياصرة الروم، والتي سقطت دماء مئات الالاف من ابناءها في سبيل الحرية، هذه المسيحية لم تكد تصبح دينا رسميا حتى تأثرت او اعتنقت نفس المبادئ التي كانت تحارب فيها، وفرضت على خصومها بعد ان ضعفوا ما كان يفرضه عليها خصومها ، حين كانوا اقوياء فأن المسيحية الرسمية قد اضطهدت الوثنين وقتلتهم وعذبتهم.
اني عندما عرضت لكم تاريخ حرية الرأي قد سلكت طرقي في الغرب منذ بدأتها.. ولم اذكر الشرق، … وسببه واضح .. ان الشرق القديم، الذي كان يسبق العصر اليوناني، هذا الشرق لا نستطيع ان نجد فيه ظلا لمسألة الرأي وحريته، لا نكاد نجد شيئا من هذا في تاريخ الشرق القديم، انما وجدت الخصومات حول الرأي في الشرق عندما يتصل الشرق باليونان ايام الاسكندر.

الشرق العربي المسلم
اما الشرق الاخر، الشرق الذي يبتدئ من نحو القرن السادس للمسيح والذي نعيش الان في ظله، الشرق الذي تأثر بالامة العربية، الشرق الذي تأثر بالعرب والدين العربي، الشرق الذي تأثر بالاسلام. هذا الشرق الاسلامي ايها السادة ربما كان من اسعد اقطار الارض من هذه الناحية، واحق اقطار الارض بالاجلال، ذلك انه لم يعرف منذ وجود الاسلام مصادرة حقيقة، خليقة بهذا الاسم، تقوم على حرية الرأي معليا لها حريصا عليها. واظن ان كل مفكر هو منصف صادق في البحث والتاريخ لا يستطيع بحال من الاحوال ان يسجل على الاسلام، ولا على الذين اخلصوا له انهم صادروا الرأي او قاموا حرية الرأي بنوع من الانواع.
ومن المحق الاسلامق ايها السادة ان نظاما كالنظام الاسلامي نجد في تاريخه الاول هذه الجملة الخالدة، التي تصور الحرص على حرية الرأي، والغناء مع حرية الرأي، وايثار حرية الرأي على الحياة.

هذا النظام ظاهر في هذه الجملة الخالدة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم لعمه ((والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته او اهلك دونه حتى يظهره الله))، هذا النظام الذي نجد في تاريخه هذه الجملة الخالدة والذي نجد في كتابه المقدس القرآن الكريم ((لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)) (( قل يا ايها الكافرون * لا اعبد ما تعبدون * ولا انا عابد ما عبدتم * ولا انتم عابدون ما اعبد * لكم دينكم ولي دين)) لا يمكن باي حال من الاحوال في أي وقت من الاوقات خصما لحرية الرأي، وكل من خاصم حرية الرأي فهو عدو للاسلام.
ومع ذلك ايها السادة فان برئ الاسلام من العداوة لحرية الرأي، وبرئ من كل خصومه لحرية الرأي، واذا كان الاسلام هو الدين الذي يجعل حرية الرأي اصلا رسميا فان بين المسلمين من يتخذون الاسلام وسيلة لمحاربة الاسلام.
واذا لم يكن بد من ان اودي اليكم بكل صراحة وشجاعة رسالة العقل ورسالة الاسلام معا، فاني اعلن اليكم صادقا بغير تردد ((ان كل من يخاصم حرية الرأي فهو عدو الاسلام))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات