الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعلان دمشق إطار لابد من الحفاظ عليه

محمد زكريا السقال

2007 / 12 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


شكل إعلان دمشق نقطة نوعية في مسار العمل الوطني الديمقراطي ، رغم كل النواقص والسلبيات التي اعترت انطلاقته ،حيث لم يكن ممكنا للقوى الوطنية والأحزاب التي دمرها الاستبداد والقمع ، أن تتجاوز ذاتها وأمراضها واستيعاب الديمقراطية كمناخ وإطار لكل المتناقضات وحلها من خلال الصراع بنفس الحلبة الديمقراطية ، فالصراع ضمن الحلبة الديمقراطية من خلال صراع الأفكار والحوار والبرامج التي تعالج الواقع والمسائل المطروحة فيه هو الشرط الأساسي لنموها وازدهارها ، والديمقراطية بقدر ماهي مناخ لحل الصراعات والخلافات بطريقة سلمية ، يلعب العقل والسلوك فيها دورا حاسما ، بقدر ماهي لعبة تستدعي الحفاظ عليها والتمسك بها وبنتائجها التي تتطلب التواجد الدائم ضمن دائرتها وقبول نتائجها لأنها حاجة عامة هي فوق المصالح الشخصية الضيقة والحزبية المستبدة ، وبقدر التفاعل مع مناخها وبناء مؤسساتها بالقدر الذي تشكل مظلة واقية للجميع بمن فيهم الذين يخسرون على أرضها ، لأن الهزيمة فيها تستدعي القراءة والنقد بقدر ما تضع الفائز أمام الامتحان والتجربة والمحاسبة .
وعقد المجلس الوطني للإعلان رغم الظروف القاسية والقمع المعمم ، ورغم العثرات التي تمخض عنها المؤتمر والنتائج التي برزت إلا أن هذه الخطوة تبقى مؤشرا حيويا للمعارضة والنخب الوطنية التي تلتصق بالهم العام وتقرر السير بطريق التغيير الديمقراطي السلمي بإصرار وتحد ي، شكل الشرط الأساسي لمعركة التغيير .
لم يكن ممكنا لخطوة إعلان دمشق الأخيرة إلا إن تقع ببعض الوهنات ، وكان لابد لمؤتمر يضم شرائح وأطراف تمثل قوى وأفكار واتجاهات مختلفة ، إلا أن يعطي نتائج مرتبكة ومتعرجة كي تكون اللوحة شاملة للجميع والقراءة المتأنية للبيان التوافقي الذي نتج عن المؤتمر تعكس هذه النتائج بوضوح ، وتعكس الحجوم والأوزان لهذا التنوع من الاتجاهات والأفكار ، ويعكس شيئا مهما يجب التمسك به والحفاظ عليه وهو وحدة وطنية ، يجتهد كل طرف فيها ضمن رؤيته وقناعاته للوصول للديمقراطية وإلغاء عسف قوانين الطوارئ ومحاكمه الاستثنائية ، ودرء الخطر الذي يتهدد سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها الوطنية ، من مشاريع خارجية ، أو استبداد داخلي .
لهذا كان على القوى التي لم يحالفها الحظ بهذا المؤتمر ولم تستطع برامجها وأفكار ها أن تتقاطع مع حلفائها إلا بهذا القدر ، أن تبرهن على ديمقراطيتها أولا القبول بنتائج المؤتمر ، ومن ثم ممارسة حقها ضمن دائرة التحالف بالنقد والتفنيد لكل ماتراه خللا ولا يلبي سقفها ، وطنيا كان أم ديمقراطيا.
إن حل التناقضات بالطريقة التي مارستها بعض القوى والتي نعتبرها ركنا أساسيا في الحركة الوطنية وساهمت بقدر كبير في بناء هذا التحالف ، شئ مؤسف ومؤس خاصة أن يبادر بعض الذين لايستوعبون الخلاف إلى التشكيك والاتهام ، خادمين بذلك النظام وأدواته التي لاتملك إلا سياسة القمع والإخضاع ولا تعترف برأي أخر ، هذا السلوك الغير مفهوم والذي يأتي في ظل الحملة الأمنية التي يشنها النظام على قادة وكوادر إعلان دمشق ، يضع مستقبل المعارضة الديمقراطية على المحك ، ويدلل على أزمة الديمقراطية التي نسعى لتحقيقها ، حيث إننا ومن خلال الأسماء والنتائج التي رشحت لايمكن لنا إن نشكك بصدق نضالها وتوجهها الوطني ، رغم قربنا أو بعدنا من اجتهادها الوطني ، هذاالسلوك والتقدير لجهدها واجتهادها لايثنينا عن مطالبتهم بالعقلانية والتروي واحترام القضايا العالقة كقضية مختلف عليها لاتشكل إجماع تتطلب النقاش والتروي والاجتهاد الذي يقرب ويوحد .
لاخيار أمام المعارضة إلا وحدتها الوطنية ، وإعلان دمشق ومجلسه الوطني يشكل الحد الممكن مرحليا علينا أن نحافظ عليه ونطور نتائجه ونحصن سياقه واتجاهه من خلال التفاعل معه ونقده من داخله ورفده بالمبادرات والأفكار والبرامج التي تجعل منه حاضنة جماهيرية وطنية تستطيع تحقيق الديمقراطية وكف يد الاستبداد وكنس الفساد وإعادة الحياة السياسية للوطن ، لانطيل إذا شددنا على أن تهيئة مناخ واستلهام تربية وسلوك لحل خلافاتنا هو الأساس الذي لابد منه للتغيير الديمقراطي السلمي الذي نكرره وننشده يوميا .

محمد زكريا السقال
برلين / 25 / 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و