الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رداء الأفاعي

صالح جبار

2007 / 12 / 29
الادب والفن



تشبث بإضلاعي, حاولت فك الأزرار , ولكنها كانت مطبقة على شعرات صدري الكثيفة ..
تأكدت أخيرا , بعد عناء ... لم يكن من السهل أن أخلعه , فهو يبدو كمن ولد معي ... بقيت دهرا
أحمله على كتفي , وأنوء بثقله ... لكنه مع مرور الأيام صار جزء من شخصيتي ...

في الليل , حين يسكن الدبيب , وتهدأ النبضات , أستشعر به , وكأنه قد تعب مثلي تماما , لأنه يحمل
نفس صفاتي
ربما ولدنا من نفس الجينات ... أو هو صنو لي , لايمكن مفارقته ....

وفي ليالي الشتاء الباردة , كان يقص علي قصة الخليفة الذي صاح غاضبا
( لن أنزع قميصا ألبسه الله لي ... حتى ألاقيه ...)

كان عنادا مؤلما .. ومن النوع الذي يؤدي إلى التقاتل , افترقت ألأمة بعده إلى سبعين فرقة متناحرة
كل تريد ثأر دمه المسفوح عنوة ... ويتمسحون بقميصه الذي خضبه الدم , ولا أحد يقبل أقل من القصاص ...

تحسست الزر الأعلى , والقريب من رقبتي , ولأول مرة ... يتململ من مكانه , وبدا ضجرا , فانزاح إلى الخلف , وانفتحت الياقة ...

تنفست بعمق , وكأني أتنفس من جميع مساماتي , المغلقة منذ عهود طويلة ... لم أعد أذكرها ....
وفي الصباح , أدركت أن الربيع , حل علينا , فقد بدت المروج مخضرة , والأزاهير متفتحة ,
والأفاعي خرجت من مكامنها ... بحثا عن دفء الموسم ... وإبدال جلدها المتهرئ من قسوة البرد ..
فتذكرت جارتنا , التي كانت تخرج , بحثا عن أردية الأفاعي , بين الإعشاب , والوهاد الممتدة نحو الأفق ...

لتجمع أكبر كمية منه .. ثم تجففه في الشمس , وتطحنه مع عجينة الحناء , لتعدها للصبايا اللواتي , يتباهين بشعورهن المسرحة والطويلة ...

دأب الجميع على فعل ذلك , حتى الرجال , كانوا يضعون الخليط على لحاهم , وقد اكتسبت اللون الأحمر , وتدلت نحو صدورهم ....

عانيت كثيرا من الأزرار المطبقة على عظام صدري لكنني اكتشفت إن الخليفة أصر على عدم خلع القميص واخو ة يوسف لازالوا يبكون عشاء على قميص أخيهم ...

وفي ليلة غاب القمر في المحاق شعرت بسكون غريب , لقد تململ ردائي , بهدوء لم أعهده
انفتحت الأزرار , وبان صدري وبطني عاريين بلا شعر كثيف .....

رأيت القميص يرحل عن كتفي ويتركني منسلا إلى الخارج ,,, شعرت بالضيق لأني بدأت افقد
ميزة شخصية طبعت سلوكي الصريح لكن دبيبا سرى بين أضلاعي نحو خاصرتي جعلني افزع
مما يطرأ .... تطلعت في المرآة كانت ملامح وجهي تتغير....

فقد استطال رأسي وجحظت عيناي فيما بدا فكي يتوسع بشراهة وصرت أتلوى مثل الأقحوان
بينما جلد الأفعى ينمو على أحشائي بسرعة حتى غطى هياكلي وانتابني جوع مخيف ....



ورغبة عارمة في الانقضاض على الجرذان المذعورة كنت احسبها وليمة فاخرة... ثم فكرت أن
انسل وراء الرداء الذي عافاني وامضي زحفا... لأتحسس ندى الأرض الرطبة فتحت الباب الظلام
الدامس يطبق على الأرجاء ونجوم بعيدة تومض بحياء مخجل....
مضيت مبتعدا نحو الحقول ولم أ كن اسمع حولي سوى الفحيح .........
*********************








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة