الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروز والرحبانيون

نقولا الزهر

2007 / 12 / 30
الادب والفن


مع أغانيهم يذهبون بي إلى أوَّل وطن ...

حزيران - 2006

الرحبانيون وفيروز دائماً كانوا، وما زالوا يعنون لي القريةََ بما فيها..

الجبل والتلال والسهل والوادي وراس النبع وظهر الشير...والحور العتيق...

الصيف.. والعرزال.. والروزانة.. والناطور..

يغنُّون لأيلول وتشرين..

تذهب عيناي للتو.. إلى القطاف وثريات العنب التي تكلم عليها جبران.. وأشجار التين المثقلة بحملها.. وحبات الميس البنية اللذيذة ...والرمان والنسرين...

يغنُّون لكانون...

يطير ذهني إلى الثلج ومعصرة الزبيب.. وموقد الحطب في زاوية البيت.. والقنديل العتيق..

يغنُّون لثلج تموز...

تذهب ذاكرتي إلى جبل الشربين وأعالي القلمون ومزار اللوز.... والحقول والسفوح وأسمائها السريانية لما كنا نذهب صغاراً لنجلب من بقايا الثلج لتحضير شراب الدِّبس البارد (السَوِيقْ)...

في قاموس أعراسهم وسهرياتهم.. كلماتٌ وأسماء.. تتردد في مسامعي في قريتنا منذ كنت أحبو:

راجح.. مريم.. زْمرّدْ.. جبران... وديعة.. سارة.. هيلانة.. زلفا.. سبع.. ليّا.. هندومة.. نمر.. أسعد.. دياب.. نجمة.. مَسّوكْ.. زكية.. فرنجية.. كرجية.. نائلة.. سلمى...

أسماء جميلة.. رائعة في معانيها... أعجب كيف يستبدلونها هذه الأيام بجويل وكارلا وروميو وسنثيا ورودي ورين وأنطوني والفريد... وجو... ومايك .. وجوانا....

جبل صنين.. دراج بعلبك.. حرمون.. ظهر الشير.. الجرد.. والتنور.. كلمات الناس اليومية الأصيلة التي لا تموت.. لم أقرأ يوماً جبران ومارون عبود ولم يذهب خاطري إلى فيروز والرحابنة الذين يتأجج ويتألق لديهم السهل الممتنع..

الرحابنة وفيروز لا يستقيم الكلام عليهم دون الكلام على عمود آخر من أعمدتهم: (فيلمون وهبى).. هذا الفيلسوف الشعبي الخالد..

الرحبانية ليست ظاهرة عابرة.. هي نهرٌ خالدٌ لا يجف.. في مصر ظاهرة سيد درويش العظيمة انتهت بموته.. بينما في لبنان مازال منصور يتألق في "أيام سقراط" و"حكم الرعيان" والمتنبي، ومازال الياس يمخر عباب المعمورة بموسيقاه، ولا نعرف عبقرية زياد المختبئة في هذه الأيام عما ستتحفنا في القادم القريب ..

مسرحياتهم لا تضج بالمباشر والمبتذل.. لكن السياسة ومشاعر الناس تنبثق دون أن ندري من بين السطور..

حينما قرأت العنوان(حكم الرعيان)..شعرت وكأني أقرا مقالة طويلة تتكلم على الراعي والرعية والأحكام السلطانية السائدة في المشهد السياسي العربي هذه الأيام.. لقد أنزل منصور الحكام إلى منزلة الرعيان.. (فلسفة شعبية ساخرة رائعة)..

الرحابنة لا يتكلمون بالسياسة.. لكنهم ينضحون سياسة..

الرحابنة أسَّسوا لمدرسة موسيقية وغنائية لبنانية شامخة لا تقل شموخاً عن المدارس العربية الأخرى..

وأخيراً اسمحوا لي أن أبعث بهذه المناسبة بقصيدة كتبتها عن أيلول الذي أحبته فيروز وأحبَّه الرحابنة:



رسالة إلى أيلولْ



1



أما زالتِ العيونُ الغضَّةُ

تسافرُ من شواطي نهارِكْ

إلى براري السماءْ

لتحبوَ مع هلالِكْ

وتحدِّقَ في وجهِ عروسِ المساءْ

وتمشي في مآتمِ النجومِ الهاوية

إلى مثواها الأخير

وتغفوَ على صوتِ الحكايا الدائرة

من الشرفاتِ وأسطحةِ المنازلِ

ومصاطبِ الصيف ؟؟...



2



أما زالوا يأتون من كلِ المعمورةْ

في أسبوع ميلادِكْ

وينحنون عابرين البابَ الضيقَ

إلى المقامِ العتيقْ ؟!

في السفينة الطافية على صخورِ أول وطن

ويأخذون الصورَ التذكارية ..

في كهوفِ أشجارِ الزيتونِ الألفية ؟؟ ..



3



أما زالوا في بدرِ تمامِكْ ..

يحرِقونَ على التلالِ جذوعَ الأشجارْ ..

ويقفزون في الساحاتِ

على "أبابيلِ" النارْ ..

ليتطهَّروا من خطاياهم ؟؟ ..



4



أما زالت عناقيدُ الكروم

وأكوازُ التين ..

ومصابيحُ اللؤلؤِِ الوردي

ترشف من سلافةِ جمرِكَ السَّماوي

لتهِبَ نفسَها لجانياتِ الشهدِ

والأناملِ

والعصافيرْ ..

قبل أن ترى تجاعيدَ وجهِها

في دموع الخريف ؟؟ ...



5



أما زالوا في أواخرِ أيامِِكْ

يعمِّدونَ العناقيدَ

في ماءِ الشمسِ

والزيتِ

والرمادْ ؟!..

ويدفنون الزبيبَ في خوابي الطينْ ..

على ترانيمِ المطرْ ؟؟ ..



6



أيلولْ ... يا موسِمَ الفرحْ ..

في وادي البطمِ العتيقْ ..

أنت وحبيبي من جوارِ زماني

فيكَ من عذرائِها

وميزاني..

لك ما بين الضلوعْ ..

كما لنيساني .....

نقولا الزهر
دمشق/سجن عدرا/8 ايلول/1986








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?