الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية في عراقنا الجديد

حسين علي الحمداني

2008 / 1 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تشكل الأحزاب المحور الأساسي في العملية الديمقراطية في أي مكان في عالمنا هذا، وبدون وجود أحزاب سياسية فانه لا يمكن الحديث أبدا عن وجود ديمقراطية أو شبه ديمقراطية أو حتى ديمقراطية كاملة المعالم واضحة الأركان، فأما ديمقراطية كاملة أو ديكتاتورية شاملة ولا حلول وسط بينهما. ويرتبط مصطلح الإصلاح السياسي دائماً بالأحزاب السياسية والدور المناط بها لتحقيق هذا الإصلاح أو على الأقل وجود دور لها في عملية تحقيق الإصلاح أو التنمية السياسية، بما يقود إلى وضع الأسس الراسخة لقيام المجتمع الديمقراطي المبني على التعددية وصولاً إلى مبدأ تداول السلطة السلمي بين الأحزاب أو التيارات المختلفة كما هو سائد الآن في العالم الغربي الديمقراطي و متبع في العراق الديمقراطي الجديد.
والحديث عن دور الأحزاب في العراق يجبرنا على الخوض في عنوان عريض هو الديمقراطية ، فلا يمكن أن نتحدث عن أي إصلاحات سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية وثقافية دون الغوص في تفاصيل الديمقراطية السائدة لدينا. فالديمقراطية تتأسس على المساواة التامة بين الناس ، والإنسان الملتزم قيم الديمقراطية لا يمكنه أن يقبل ممارسة الاستبداد والاستعباد بحق الآخرين، ولا يقبل أن يكون مستعبداً أبدا الآخرين، حينئذٍ سنجد أنفسنا أمام مجتمع المساواة والكرامة والحرية الذي يفرض سيادة العدل.
ولكن السؤال الأهم، هل يمكن استيراد الحلول والأفكار (كالديمقراطية) مثلاً كما نستورد السيارات والملابس وإنشاء أحزاب على غرار ما هو في دول الغرب؟.
والإجابة هنا تكمن في إن البعض يتصور أن الديمقراطية هي جزء أصيل من الثقافة الغربية ونبتة من نباتاتها الخاصة ببيئتها، والحياة المادية والاجتماعية والفكرية للمجتمعات الغربية أي العناصر الأساسية التي أنتجت الديمقراطية ليست هي ذات العناصر التي تكوّن المجتمع الذي ظل يعاني دائماً من مشكلة اسمها الديكتاتورية، وهذه المشكلة قادت الإنسان إلى الاستسلام الثقافي والسياسي.
المسألة هي مسالة فهم ثقافتنا فهماً جديداً وعميقاً بحيث تصبح ثقافة حية وباعثة بدل أن تُضحي ثقافة ملحقة وتابعة، وهذا نقوله من موقع فهمنا لمحاولات الغرب المستمرة منعنا من بناء ثقافتنا الخاصة التي ستنتج ديمقراطيتنا الخاصة، وهي محاولات بدأت منذ زمن الاستعمار. حيث لم تنقطع هذه المحاولات عن إلحاق مجتمعنا العربي اقتصادياً بالغرب ,والإلحاق الذي نعنيه سيؤدي إلى عملية تغريب ومصادرة وإقصاء لنا كحضارة، كحضور في المستقبل العام للبشرية ولذلك يجب أن نبحث عن طريق خاص لتصدر موكب البشرية، لا أن نتعلم كيف نلحق بالآخرين، معتبراً أن الديمقراطية الغربية جهد إنساني نبيل يتماثل في بعض وجوهه مع الموقف الإلهي من الإنسان ولكن الفارق بين الموقفين هو في النظر إلى الإنسان من بعض الجوانب الحساسة. والديمقراطية الغربية ولدت في بيوت الأحرار وعلى أيديهم في أثينا في عالم يمتلئ بالعبيد، فلم تطرح مقترحات لتحريرهم في حين تحقق وعد الإسلام بالحرية والكرامة والمساواة على أكتاف العبيد، فوضع أنظمة انعتاقهم وانتصار الإنسان الجديد، ولذلك كان الدور المركزي الذي لعبه الإسلام هو الدور الاجتماعي، فإذا تم تجريده من هذا الدور فإننا نكون قد وصلنا إلى مرحلة تحول الناس إلى ملائكة وهذا مستحيل.
وبما أن الديمقراطية هي تراث إنساني يشكل جزءاً كبيراً من جملة الدوافع المحركة للإنسان في عالم اليوم والسنوات القادمة فان الصراع من اجل هضم واستيعاب هذا التراث، وكل الحضارة الإنسانية هو شرط لتجاوزهما وهذا لن يتأتى لنا قبل توكيد الهوية الحضارية لنا كشعب عريق ناضل وكافح وقدم التضحيات في سبيل الوصول إلى ما وصل إليه من ممارسات ديمقراطية أبهرت القاصي والداني ، وكذلك تنمية الديمقراطية لدى النشء وجيل الشباب والدعوة إلى طرح ما يسمى الديمقراطية السياسية حتى تأخذ الأحزاب السياسية دورها الطليعي والأساسي وهذا الدور المناط بها دون سواها من مؤسسات المجتمع المدني لتحقيق الإصلاح السياسي أو المشاركة بصورة فاعلة وحقيقية في هذه العملية، لا أن يكون دورها مجرد ديكور ديمقراطي جميل لا يستر عورة الديمقراطية أو الإصلاح.
إن الأحزاب السياسية العراقية سواء كانت في الحكومة أو خارجها قادرة على لعب دور فاعل وفرض نفسها واستغلال مالها من نفوذ سواء في الشارع أو في الحكم للمشاركة الفاعلة في عملية بناء المجتمع ديمقراطيا والتي تعني أولا إعادة الترميم والبناء على أسس جديدة، أو لنقل عملية نسف الواقع السياسي القديم ، على الأحزاب أن تلعب هذا الدور وصولاً إلى حالة سياسية راقية وعليها أن تمارس تأثيرها بشتى الوسائل لان الإصلاح السياسي يبدأ اولاً بإقرار القوانين الناظمة للحريات وفي مقدمتها قانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية والقوانين الخاصة بالصحافة والمطبوعات والاجتماعات العامة وغيرها من القوانين التي تحكم عمل النقابات على سبيل المثال والمؤسسات ذات التأثير في المجتمع. ونجد من الضروري جدا إن يدرك الجميع إن العراق الجديد هو عراق الديمقراطية الكاملة بعد ان غادرته وإلى الأبد الدكتاتورية الشاملة القائمة على القرار الفردية , والآن مبدأ التعددية التي يجب أن تبني عراق جديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المناظرة بين بايدن وترامب.. ما أبرز الادعاءات المضللة بعد أد


.. العمال يحسمون الانتخابات قبل أن تبدأ، ونايجل فاراج يعود من ج




.. لماذا صوت الفرنسيون لحزب مارين لوبان -التجمع الوطني-؟


.. ما نسبة المشاركة المتوقعة في عموم أسكتلندا بالانتخابات المبك




.. لجنة أممية تتهم سلطات باكستان باحتجاز عمران خان -تعسفا-