الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ضوء زيارة الرئيس التركي المرتقبة الى امريكا

عبدالله صالح
(Abdullah Salih)

2007 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


من المؤمل ان يلتقي عبدالله كول نظيره الامريكي بوش يوم 8 / 1 /2008 في واشنطن ، من ابرز القضايا التي ستناقش في هذا الاجتماع ، موضوع الهجمات التركية على كردستان العراق بحجة تصفية مقاتلي حزب العمال الكردستاني ، تلك الهجمات التي تجري بشكل مستمر هذه الايام مما سبب في تشريد مئات العوائل من قراها ، هجمات تشن بتأيد امريكي صرف وصمت اوروبي واقليمي ، وتراجع وسكوت واضح لقيادات الاحزاب الكردية في كردستان العراق التي كانت تحذر انقرة من مغبة شن اي هجوم .

نظرة بسيطة الى الواقع السياسي في تركيا تظهر بان حزب العدالة والتنمية ومنذ مجيئه الى سدة الحكم في تركيا والانقسام موجود داخل المؤسسة الحاكمة ، فالحزب الحاكم متهم من قبل المؤسسة العسكرية ، ذات النفوذ القوي ، بتقويض الاسس العلمانية للدولة التركية ، وهي نقطة استند عليها العسكر في مقاومة النفوذ الشعبي للحزب الحاكم . هذا الصراع بدا اكثر وضوحا عشية الانتخابات الرئاسية الاخيرة بحيث وصل الى حد التهديد بانقلاب عسكري بغية اقالة حزب العدالة والتنمية من السلطة كما جرى في ثمانينات القرن الماضي، هذا الوضع اجبر الحزب الحاكم على اجراء اتخابات جديدة في تموز عام 2007فاز على اثرها بغالبية مقاعد البرلمان التركي ، من ثم تم انتخاب عبدالله غول الرجل الثاني في الحزب الحاكم رئيسا للجمهورية بغالبية اصوات اعضاء البرلمان ومنهم الاعضاء الكرد.

المشكلة الكردية كانت وما زالت احدى اهم القضايا المحورية المطروحة على اجندة الحزب الحاكم وهذا ما دفع برئيس الجمهورية الجديد الى زيارة كردستان التركية ، بعد تنصيبه مباشرة ، لكسب التاييد لمشروع يهدف الى احتواء هذه المعضلة عن طريق اجراء بعض الاصلاحات واعطاء بعض الحقوق ، بغية تهميش حزب العمال الكردستاني وتقليل نفوذه خصوصا وان غالبية الاصوات التي كانت تمنح لمناصري الـ( بي كي كي ) في الانتخابات السابقة منحت في الانتخابات الاخيرة لحزب العدالة والتنمية الحاكم. هذه المشاريع وانصا ف الحلول والوعود البراقة سرعان ما تحولت الى تحشيد قوات كبيرة من الجيش التركي على حدود كردستان العراق بغية محاربة حزب العمال الكردستاني بحجة ان هذا الحزب يشكل خطرا على الدولة التركية ، وقيام مسلحيه بمهاجمة القوات التركية وقتل واسر بعض من افراده .

نحن هنا لسنا بصدد تقييم سياسات حزب العمال الكردستاني ونهجه السياسي وهل كونه يمثل الشعب الكردي في تركيا ام لا؟ ولكننا بصدد الاشارة الى اضطهاد قومي بشع من قبل سلطة شوفينية فاشية ضد حقوق مشروعة لشعب مقموع ومضطهد ، انها مسألة انسانية لا يمكن التغاضي عنها ، وهي من احدى المسائل المهمة والاساسية في منطقة الشرق الاوسط .

ان حزب العمال الكردستاني موجود منذ الثمانينات من القرن الماضي والظلم القومي على الشعب الكردي في تركيا يمارس بابشع صوره من قبل الشوفينية القومية التركية وحكوماتها المتعاقبة على السلطة منذ قيام الدولة التركية على يد مصطفى كمال اتاتورك ، اذا فالحملة العسكرية التركية في كردستان العراق قبل ان تكون بهدف محاربة مقاتلي الـ ( بي كي كي ) هي وسيلة تهدف ، من جملة ما تهدف ، الى توحيد صفوف الشوفينية التركية بدأ من الاحزاب السياسية الحاكمة او التي في المعارضة ، مرورا بالمؤسسة العسكرية ووصولا الى الشوفينيين الترك من افراد وجماعات ، وهو ما حصل بالفعل من خلال التظاهرات المطالبة بابادة مسلحي الـ ( بي كي كي ).
من الاهداف الاخرى لهذه الحملة العسكرية للجيش التركي محاولة ايجاد موطأ قدم في الساحة السياسية العراقية خصوصا بعد الفشل الذريع الذي منيت به قوات الاحتلال في العراق وفي مقدمتها امريكا ، وبعد ان تأكد تورط جيران العراق من ايران الى السعودية في الوضع الامني المتدهور والوضع السياسي المتأزم في العراق.
تقويض محاولات انشاء كيان مستقل في كردستان العراق كان السبب الآخر لهذه الحملة ، رغم تطمينات الاحزاب القومية الكردية الحاكمة بتمسكها بوحدة العراق .
اضف الى ذلك محاولة اعادة الهيبة والغطرسة للجيش التركي الذي يعد ثاني اكبر جيش في حلف شمال الاطلسي ، ووفق الرأي القائل بأن قيمة الجيوش وهيبتها تكمن في شنها الحروب وكسبها بطبيعة الحال ، خصوصا بعد فشله وخلال عقدين من الزمن في القضاء على مسلحي حزب العمال الكردستاني لذا

ان التدخل العسكري التركي في كردستان العراق والذي يجري بمرأى ومسمع وموافقة امريكا الحليف الستراتيجي للشوفينية التركية ورغم انف مناصري ومؤيدي السياسة الامريكية في العراق من الاحزاب الكردية الحاكمة ، لهو دليل واضح على ان امريكا ليست صديقة الاكراد كما كان ولا يزال القوميون الكرد يهللون له ، وان هذه الهجمة الشرسة للجيش التركي في كردستان العراق ليست سوى جزء من مخطط اكبر يهدف الى الحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة وليس للشعب الكردي فيها ناقة ولا جمل. وسوف لن تجني قيادات الاحزاب الكردية من موقفها هذا سوى المزيد من الخيبة والخذلان والمزيد من التذمر والنقمة الشعبية المتنامية داخل المجتمع في كردستان العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا