الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القتلة يخافون الجمال – من وحي سطوع نجمة باكستان والعالم بنازير بوتو..!

محسن صابط الجيلاوي

2007 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


مقتل امرأة مدهشة وجميلة مثل بنازير بوتو هو طعنة للحياة وللتقدم وللجمال وللحب أيضا..ففي بلد مثل باكستان حيث الفقر والتخلف والأمية بزغت عائلة بوتو وحولها التف ملايين من شعب باكستان الذين كانوا يطمحون إلى أن تكون دولتهم حديثة وعصرية ومزدهرة..ولكن للفقر أسلحة متناقضة الهدف والمعنى والغاية قد تصطف إلى جانب الخير أو الشر على حد سواء....ففقراء السند يرون في عائلة بوتو منقذهم وأملهم الوحيد، ورغم النزعة الليبرالية- البرجوازية لهذه العائلة لكن التربية والثقافة والدراسة الغربية المرتبطة بالموديل العصري للمجتمعات الأوربية معايشة وفهم جعل هذه العائلة ذات طموح بجعل واقع فقراء باكستان أفضل حالا وصورة..وعلى الخط الآخر ينساق فقراء البشتون إلى قوى الإرهاب والظلام والتطرف حيث القاعدة وابن لادن والتجمعات الدينية الراديكالية التي لا تعترف بالحوار مع الخصوم، وشكل الحوار الوحيد لديها هو الرصاص والغدر وتشظي أجساد الفقراء عبر غسيل دماغ حقيقي لا يبقي أي شعور بالإنسانية وبالخطوط الحمراء للتعامل مع الخصوم السياسيين..من يستطيع أن يقتل امرأة جميلة ومدهشة وسياسية كاريزمية من طراز فريد مثل بنازير بوتو سوى وحش حقيقي روض كثيرا على أيدي غلاة القتلة ومعسكراتهم الموبوءة بعار التخطيط لقتل الناس بالجملة دون أدنى شفقة أو رحمة..؟؟!
لقد آن الاوان لدراسة معنى تشكيل الوعي لدى الفقراء، عبر دراسة مغايرة ومعمقة لفهم وخصوصية التجمع الأكثر عرضة لتعطيل الحياة السياسة والتقدم وخصوصا في عالمنا الإسلامي، فقاتل بوتو هو مادتها أيضا عبر مشروعها بإيقاف زحف الظلام عبر نشر الوعي عبر شبكة مدارس متطورة وحديثة، عبر مجتمع عمل متطور ينقذ الناس من فريسة الخنوع لزج الدين في مشروع العنف السياسي كسبيل وحيد للوصول إلى السلطة..!
إن أغلب الذين يلفون أجسادهم بالمتفجرات هم نتاج قادم من هذه البيئة المُزدهرة في بلدان تُسرق ثرواتها وكرامتها وعزتها وشرفها من المحتل الأجنبي والوطني معا..، لم يبقى سوى الهروب إلى الأمام وتخريب ما تبقى من المُخرب وبذلك تصدرنا بجدارة مواقع الأخبار والنشرات عن مستوى العنف والرذيلة والتهميش والجوع والخرافة والبؤس..!

القتل المتوالي للعائلة ( البوتية ) رغم كونه حزين وتراجيدي ودموي لكن تأكيد لأصالة هذه العائلة وحبها لأمّتها ووطنها، فأبنائها يكتبون وصياهم قبل أن يتقدموا الصفوف دفاعا عن أفكارهم وعن العناوين الوطنية التي يناضلون من اجلها..امرأة أكثر من حديدية وأكثر من شجاعة استطاعت أن تخترق ليل الظلم والتسلط والقهر الذكوري للعالم الإسلامي عبر اختيار الناس الحر والطوعي لها لكي تكون أول امرأة بعمر 35 عاما تصل إلى منصب رئيس الوزراء في بلد إسلامي بحجم باكستان، ذلك فقط يشكل أفضلية وعرفان وتفرد وسجل تاريخي لهذا المرأة العظيمة التي بكاها سائر شعب باكستان والكثير من محبي الخير في هذا العالم.وشخصيا بكيتها كونها كانت رمزا حقيقيا للسياسي الذي لا يخاف والذي يختلط بالناس روحا ودما وإيثار، هي مدرسة آسيوية قريبة منا شكلا ومضمونا لمعنى السياسي المخلص لأفكاره ولناسه ولمريديه والذي نفتقده كثيرا وخصوصا في العراق وفي عالمنا العربي وهي صورة معبرة عن النجاح في قيادة ناصية حزب غير مؤدلج ويشكل ذلك وحده تحديا ضد السائد والتقليدي في هذا الجزء من العالم....!

تعرف أنها سائرة نحو حتفها لكن ليس في ذهنها ذلك التراجع، الذي يعني موت أفكارها وهزيمتها أمام قوى التخلف والظلام، اتهمت ظلما في حياتها السياسية، لكنها كانت تعرف جيدا انها اتهامات رخيصة للتوظيف السياسي، فحجم التضحيات التي دفعتها هذه العائلة تكنس سائر التشويهات والشبهات..، بالنسبة لي ولغيري هؤلاء ( البوتويون ) غسلوا سائر أخطائهم( إن وجدت ) بالتضحيات العظيمة التي قدموها، فأبوها( أول رئيس غير عسكري ) وأخوتها جميعهم انتهوا قتلا وغيلة على طريق السعي الحثيث والجاد والمشروع نحو تقدم ورفعة باكستان، عائلتها تشكل مزيج أممي فوق القوميات والطوائف، ففي دماء العائلة تنصهر كل الأعراق والمذاهب، وحدها تلك السيرة والوجه المتنوع والغني قدم مشروعا باكستانيا مبهرا ومقبولا يسمى فوق التفاصيل الثانوية...رحلت من منفاها الأوربي الآمن، ليكن ما يكون، استقبلوها بالمفخخات لكنها كانت ذات قبضة حديدية وابتسامة قاهرة للأعداء، ذات طله باسقة ووجه فاتن وخطوات واثقة ، تختلط بالناس رغم المخاطر، انها امرأة تثير الإعجاب والاحترام والفخر ورمز لعظمة أمّة، ولو كنت باكستانيا وخصما لدودا لها لرأيت فيها أحدى أهم معالم باكستان الحديثة الواجب رعايتها والمحافظة عليها والتباهي بها وسط ربيع من الحب والتنافس السياسي، فهناك معايير للشرف وللتسابق الحر والديمقراطي في جعل القناعة واقعا لتغيير حياة شعب ما ولكن أين ذلك من هؤلاء الأشرار الذين حولوا حياة الشعوب إلى جحيم ودم وشظايا.....؟!
ستعيش بنازير بوتو تلك المرأة العظيمة، وردة أسيا، عظيمة باكستان، نجمة ذلك العالم الذي يسحقه الفقر والتسلط والتطرف والتخلف.. ..لقد دخلت التاريخ بسماوات مشرعة، وبموتها المحزن شحذت وعي ملايين من الناس بالأمل وعلمتنا أن درب الحرية والغد الأفضل طريق طويل وشاق بصمت فوقه ببهاء نادر امرأة مغامرة مشعة الحضور والسيرة جدير أن تنحني كل الشعوب لعظمتها واثرها الخالد أبدا..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس