الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة اسرائيل أكبر وأعتى منظمة لاسامية في العالم

محمد بركة

2003 / 11 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


المرآة على ما يرام .. المشكلة فيما يقف امامها
بعد الانتهاء من اعمال المؤتمر الصهيوني العالمي في القدس الغربية يوم الخميس (13.11.2002) اجتمع عدد من الاشخاص الذين ينتمون الى ما يسمى "الفوروم  الاسرائيلي لمحاربة لمحاربة اللاسامية" في مكتب الوزير لشؤون القدس والشتات في الحكومة الاسرائيلية انطولي شيرانسكي، حيث بحث اعضاء هذا الفوروم في تنامي مظاهر اللاسامية في العالم.
يشارك في هذا الفوروم مندوبون عن وزارة الخارجية ووزارة الهجرة والتنظيمات الرسمية التي تعمل لاستجلاب اليهود الى اسرائيل من مختلف انحاء العالم، الى جانب مندوبي اجهزة المخابرات الاسرائيلية.
وقد خلص هذا الاجتماع الى تصنيف اللاسامية على ثلاثة اوجه:
الاول "اللاسامية التقليدية"، وهي الموروثة من النصف الاول من القرن الماضي في اوروبا.
والثاني "اللاسامية الجديدة"، وهي تلك الموجهة ضد دولة اليهود وليس فقط ضد اليهود انفسهم، بمعنى ان انتقاد حكومة شارون وجرائمها موصوم باللاسامية وفق التعريف الجديد، وبمعنى ان اسرائيل الرسمية والحركة الصهيونية تصنع تماثلا متطابقا بين سياسة دولة اسرائيل وحكومتها وبين اليهود.
والثالث "اللاسامية الاسلامية" التي تعم اوروبا وبدأت تنتقل من ممارسات فردية عفوية وغير منظمة في شوارع اوروبا الى "إرهاب متطور"، الامر الذي يشكل تهديدا على وجود الشعب اليهودي حسب اصحاب الفوروم الاسرائيلي لمحاربة اللاسامية.
خلاصة الامر في رأينا ان الحركة الصهيونية مصرة على تطوير دور الضحية الافتراضية لليهود، فهي بالاضافة الى الى استثمار اللاسامية التقليدية (والمرفوضة ضد اليهود لكونهم يهود)، تبتكر ادوات جديدة في غاية من الخطورة، وذلك عندما تضع اليهود برمتهم وسياسة حكومة شارون في سلة واحدة  وهي من حيث تدري- دون شك- تحمّل اليهود وزر الجرائم التي ترتكبها حكومات اسرائيل ضد الشعوب العربية عموما وضد الشعب الفلسطيني تحديدا.
وهذا يشكل خروجا في غاية الخطورة عن الموقف المألوف الذي تحمله اوساط دولية بما في ذلك اوساط يهودية وصهيونية تنسب لنفسها صفة الاعتدال بشأن ضرورة الفصل بين الموقف من اليهود كدين او حتى كتجمع قومي وبين ممارسات السياسة في اسرائيل.
كما ان الحركة الصهيونية بابتكارها الاداة الاخرى المسماة " اللاسامية الاسلامية "، وان كانت تحاول استثمار المناخ العالمي (الامريكي)، الذي يجري ترتيبه حجرا على حجر (بعد 11 سبتمبر) لوضع الاسلام في خانة الارهاب وخلق تداخل لقواسم مشتركة بين " اللاسامية الاسلامية " و " الارهاب الاسلامي ".
وبذلك تضع الصهيونية الرسمية اليهود كلهم في مواجهة المسلمين كلهم الامر الذي يحمل بذورا خطيرة تتجاوز ابعاد التداول السياسي الآني او المعاصر لتدخل في عمق تأسيس صراع حضاري ديني يرفضه الاسلام دينا- بحكم اقراره بالديانات التوحيدية الثلاث- وتؤلبه الحركة الصهيونية بدوافعها العنصرية.
ان اي انسان يحمل افكارا انسانية وديمقراطية لا يستطيع ان يتقبل العنصرية العرقية ضد اليهود او سواهم من الشعوب والمشاهد المروعة في تفجير الكنيسين في استانبول والتصريحات التي تحمل صياغات عرقية من قبل بعض الشخصيات في العالم لا يمكن الا ان تستدعي عدم القبول والاستنكار.
 لكن اصرار الحركة الصهيونية واسرائيل الرسمية على صياغة اللاسامية في القوالب الخطيرة المذكورة يبطل اي مفعول اخلاقي من وراء صيحات الاستنكار والهجوم المنفلت الذي خرج من اسرائيل على رئيس وزراء ماليزيا، محاضير محمد، وعلى عضو البرلمان الالماني من الاتحاد المسيحي " مارتين هوفمان" وعلى الموسيقار اليوناني العالمي الكبير " ميكيس ثيودراكيس" وعلى الاستطلاع الذي اجراه الاتحاد الاوروبي وتبين من خلاله ان حوالي 60% من الشعوب الاوروبية ترى ان اسرائيل تشكل الخطر الاكبر على السلام العالمي.
واذا كان هناك ثمة من ما زال يحتاج الى قرائن على ازدواجية الخطاب الصهيوني والاسرائيلي الرسمي ومراوحته بين استنكار "اللاسامية" من جهة وممارسة ابشع انواع العنصرية، جاء تصويت اليمين البرلماني ،ضد الاقتراح السياسي الذي قدمته  باسم كتلتنا في الكنيست والذي تضمن دعوة لتصفية كل المظاهر اللاسامية ضد اي "من الشعوب السامية ومن ضمنها الشعب اليهودي والشعب الفلسطيني" ، ليكشف الوجه الحقيقي لهذه الازدواجية التي تتمسك بالطبيعة العنصرية الاجرامية لسياستها ضد الشعب الفلسطيني وضد الشعوب العربية.
قد تكون لنا ملاحظة هنا اوهناك على طريقة صياغة موقف محاضير او هوفمان او ثيودراكيس، ولكن القاسم المشترك المحرك للانتقادات المذكورة تجاه اسرائيل هو سياستها ضد الشعب الفلسطيني وجرائمها اليومية وتغييبها القسري لاي افق سياسي وارتباطها العضوي بهيكلية الاستراتيجية الامريكية العدوانية في العالم.
ان اطلاق فرية اللاسامية على اي انتقاد لجرائم اسرائيل الرسمية هو شكل من اشكال الارهاب السياسي والاعلامي والمعنوي، خاصة عندما يجري تبني هذه الفرية كاملة في اروقة البيت الابيض في واشنطن.
ان اسرئيل لا تستطيع ان تلعب الى الابد دور "شعب الله المختار" من جهة ودور "داوود" الصغير والضعيف في مقابل "جليات" من جهة اخرى ولا يمكنها المراوحة الابدية بين الغطرسة العمياء القائمة على القوة وبين عقلية الضحية الافتراضية في كل الاحوال ، بين كون  اسرائيل واحدة من اقوى خمس دول في العالم وبين دور الشريد الطريد في مسار التاريخ.
صحيح ان استطلاع الاتحاد الاوروبي يشكل مشكلة عويصة لاسرائيل، ولكن المشكلة ليست في المرآة ( الاستطلاع ) كما حاول المتحدثون باسم حكومة اسرائيل ان يصوروا الامر.
المرآة على ما يرام ، المشكلة في من يقف امام هذه المرآة!!
المشكلة في الوجه القبيح للاحتلال، في الجريمة اليومية المتدحرجة ضد الشعب الفلسطيني وضد حريته وفي كون اسرائيل "اكبر حاملة طائرات امريكية في العالم" وفق تعريف الزعيم التاريخي لليمين الاسرائيلي مناحيم بيغين.
الشعب الفلسطيني هو احد الشعوب السامية...
ولذلك لا مناص من الاستخلاص القائل ان اكبر واعتى منظمة لاسامية في العالم هي حكومة اسرائيل نفسها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد