الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافتنا العربية الخليجية اسئلة تشبه الهيجان

علي حسن الفواز

2007 / 12 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


أثار الروائي الاماراتي ثاني السويدي اسئلة مهمة حول بعض ملامح الثقافة الاماراتية ومشكلاتها التي باتت تستدعي وقفات جادة وضرورية، بعضها تنظيمي والاخر فني، ولاشك ان الثقافة كاجراءات واليات ومفاهيم اضحت في صلب نظامنا المجتمعي، مثلما اصبحت هي المصدّ الذي بات يواجه ازمات الوجود والهوية والحرية والعولمة، وصراعات الانسان المفترضة مع الاخر العولمي والامبريالي والاستشراقي والاحتلالي!
واذا كانت ازمة تعويم النشر في الامارات وسوء التخطيط لها او كما يقول انها ترتبط ب(العقلية التي تدير النشر والطباعة) وبالتالي فانها اصبحت مشكلة وتستدعي بالضرورة كل هذه الاسئلة، فانا اعتقد ان هذه الازمات ليست اماراتية وخليجية خالصة، وانما هي ازمات عربية متأصلة في مطابخنا الثقافية، اذ تعاني من ازمات انتاج البضاعة (الثقافية) وازمات تسويقها، وازمات تنظيمها وادارتها من مشكلات معقدة وغائرة..فالثقافة لم تعد استعراضا ولم تعد صالونا للنخب، ولم تعد بيتا سريا لممارسة خطايا الجسد واعترافات المرآة، انها اصبحت صناعة وسوقا ونظاما لانتاج المعارف والمفاهيم والمصطلحات والافكار والكتب، واحسب انها اصبحت ايضا الواجهة الساخنة لمناقشة ازمات الهوية والدولة والعولمة والخصخصة وجدل الافكار حول المواطنة والسلطة وغيرها من الثنائيات التي اسلمت العقل العربي الى المزيد من الازمات..
ان ازمة ترجمة الكتاب والتعريف ب(عاصفة) الثقافة العالمية التي اجتاحت المكان العربي، باتت واحدة من مشكلات عدة، فهذه الترجمات غير خاضعة كما يبدو الى برنامج نوعي او حتى اطار يحدد الحاجة الى اختيار وقيمة هذه الترجمات! فضلا عن ان هذه الترجمات كثيرا ما تتسم بالعشوائية، كتّاب لم نعرفهم او لم يتم التعريف بهم لكي يدخلوا في سياقنا الثقافي، كتب لافكار عائمة وغامضة ومثيرة للضجر، في حين ان ثمة حاجات ثقافية تتطلب جهدا ترجميا سريعا يناسب (ازمة الطوارىء)التي تعصف بنا مكانا وهوية ووعيا! اذ هي الحاجة الى الثقافات الوقائية مثلما هي الحاجة الى الثقافات (لتسليحية)! تلك التي تمنح العقل قدرة على التعرّف، وقدرة على ترميم الذات، واعادة انتاج التاريخ خارج لعبة الازمة والمأزومين، والحرب والمحاربين. فضلا عن الشروع في برنامج الترجمة المقابلة، اذ يعرف الجميع كونديرا وباموك، لكن كم من سكان العالم! يعرف ثاني السويدي او حسين درويش او رفعت سلاّم وغيرهم من الاسماء العربية التي نعتقد باهميتها وضرورة ان تجد فرصتها في التعريف العالمي..
ان الحاجة اضحت ضرورية ولازمة للتنظيم الثقافي، والحرص على ان يكون التعاطي مع فكرة عالمية الثقافية منطلقا لتأكيد اهمية الصناعة الثقافية، مثلما يكون التعاطي معها خاضعا للمهنية والعلمية وليس الى طريقة (التذكر) وملء الفراغات! واعتقد ان انتاج مشهد كهذا يفترض التخطيط وتحديد الجدوى وتوفير الامكانات مع تأمين الادارة الرشيدة التي تضع في حسبانها ان هذه الصناعة تنتمي الى (منظومة) الصناعات الثقيلة، وان ادراك مقدماتها يعني ادراك الكثير من اسرار المستقبل، فالعالم ليس شبحيا والارض لم تعد كوكبا مجهولا، وهذا ما يجعل الحصول على (عشبة) الثقافة بمستوى الحصول على عشبة( كلكامش)
ان من ابرز تجليات هذه الصناعة هي صناعة الكتاب، اذ يمكن لهذا الكتاب ان يكون مصدر من مصادر التعريف بالذات والاخر، التعريف بالهويات، التعريف بالامكنة، وهذا ما يفترض ادراك اهميته على الاقل في زمننا هذا الذي مازال يتداول الكتاب الورقي ويقيم له سنويا العشرات من معارض الكتب ..
اعتقد ان معارض الكتاب هي واحدة من منظومة العرض والتعريف، وينبغي ان تؤسس وفق سياق يؤمن باهمية التبادل المعرفي الثقافي، وان نسعى بحرص وجدية لجعل هذه المعارض شكلا اطاريا يضمّ التنوعات الثقافية التي تشكل ظارتنا الثقافية العربية الجديدة، بعيدا عن مهيمنات (الكارزمات) وتضخيم ظاهرة (الشعراء الموتى) على حساب (اصحاب الحياة) الذين يولدون كل يوم وهم مهيئون للصخب الذي تطرحه هذه الحياة .. وطبعا هذه المعارض تحتاج طبعا الى استعداد مسبق! والى تخطيط ينبغي ان يضع في الحسبان حقيقة اننا مكشوفون على عالم يركض من حولنا كالعدائين..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء