الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تغييــر الأدوار بين القظـــلار والدفتــردار !
مصباح الغفري
2003 / 11 / 26الادب والفن
حدثنا أبو يســار الدمشــقي قال : ـ إخترتُـــهُ أســودَ حتى لا أتَّهَمَ به ، ومَخصــياً حتى لا يُتَهَمَ بي ! ولا يزال الحال ، على هــذا المنوال ، في اختيار أشــباه الرجــال ، لكل منصـــبٍ خطــــيرٍعال . كثر الحديث عن تغيير الوزارة ، والصحــافـة منهمــكــة " بتبييت الإســتخارة " ، والكلام للكُـنّــة فاسمعي يا جــارة ! بالونات الإختبــار ، مملوءة بالهواء الحــار . فتارة نســمَعُ عن الملياردير وفيق ، وأخرى عن تاجــر شــنطة عريق ، لكأنــه ليس في حزب القائــد رفيق ، ولو من أبناء الطريق . وأين جبهــة الديكورات ، القانعــة من المــوائد بالفتات ؟ هل خلا ســيرك فيصــل ودانيال وصــفوان ، من واوي أو ثعلبان ؟ أركان الجبهــة من خيرة ذكــور النحل ، ما فيهم إلا فحــلٌ أو شــبهُ فحل ، فلماذا تبحث القيادة الحكيمة عن أصحاب الربط لا عن أصحاب الحل ؟ أفَمَـــوْطِــنٌ فيــه يَـعـاسِــبَة ، كأولاء كيــف بِــطــاحُـــهُ تُـغــشــى ؟ على أنني لن أطيـــل الكــلام ، فالمَـــزاد الوزاري بعــد أيام . وهــو مَــزاد بالظــرف المختــوم ، لا بُــدّ فيــه من دفــع المعـلـوم . ولا مناص من شــهادة حُـســـن ســلوك ، يقول مؤلف المخطوط عن القظلار ، أن فتحي أفنــدي الدفتردار ، أصبَح من أصحاب الدرهــم والدينــار ، وأربَت ثروته على المليار. بعد أن كان يبيت على الحصــير ، و لا يملك شــروى نقير . فجاء الأمــر بجلبه للحســاب ، لكنه أفلَت من العقاب . ولذلك قصــة تكتب بالإبــر ، على آماق البصــر ، لتكون عبرة لمن اعتبر . فقد حـمَــلَ معه الهــدايا للقظــلار ، فشُـــنقَ بدلاً عنه أحــد الشُطّـــار ! وعاد إلى الشــام ، منصــوراً تتقدمُــه الأبواق والأعــلام . لكن أهم ما جاء في هذا المخطوط القديم النادر ، هو البحث اللغوي في الوزير والوازر ! يقول المؤلف غفر الله له : إعلم ، هَــداكَ الله إلى دكاكين التجار وحُــريّــة الســوق ، وإلى العلاقة مع أصحاب المرسيدس والنوق . أن الوزارة مشــتقة من الجــذر الثلاثي "الـــوِزْرْ" ، وهو من كبريات الكبائر البكـْـر . وهــذا مذهـــبُ البصريين ، وهو خلاف مذهب الكوفيين . الذين ظنــــوا أن الوزارة من شَـــدّ الأزر ، ونصـرة أولي الأمر ، في الســر وفي الجهــر . ودليلهــم في ذلــك قول موســى : واجـعل لي وزيراً من أهلي ، هــارونَ أخي ، أشــركه في أمــري ، وأشــدد بــه أزري . يا وزيـــرَ الإقتصـــاد الوطـــني بالله قل لي كــيفَ أصبحــــتَ غني ويمكن للقاريء اللبيب ، أن يضــع مكان وزير الإقتصــاد الأريب . إســم أي من المســؤولين ، أو فلذات أكبادهم الميامين . فبين كردســـتان والأهراس ، ألفُ عُــدي وألـفُ قصــي وألــفُ فراس ! فالحكمــة والفهــلوة وتحصيل الثروة بدون تعب ، تنتقل بالإرث نزولاً على عمـــود النسَــــب ! وزفر أبو يســار زفرة ، وأنشــدَ بحســرة : أطَـــرْطَــــرا تـطَــرطَــري تقــدّمـــــــي ، تـأخـــــــــري وأدرك شــهرزادَ الصــباح ، فسَــــكتت عن الكلام المُــــــباح.
عثرت على مخطــوط نادر من عصــر المماليك ، صَـنّـفه أحــدُ الكتاب الصــعاليك . عنوانه :
" نزهـَـة الأبصــار ، في ذكر ما جرى بين القظــلار ، وفتحي أفندي الدفتردار "
ولن أستطيعَ عرض كل ما جــاء في هذا الكتاب ، لكي لا أتــّهَمَ بالأصــولية والإرهاب . سأكتفي بالإشــارة ، عن صريح العبارة!
وقبل البدء في المقامات ، لا بد من شــرح معاني الكلمات . فكلمة القظــلار كلمة تركيــة ، معناها كبير الطواشــية. ففي أيام بني عثمان ، كان مولانا السلطان ، لا يأتمن على حريمــه غير الخصيان ، وله أســوة حســنة بالجاحظ أبي عثمان . فقد اشترى الجاحظ غلاماً أســود خصــيّا ، قالوا له لقد جئت أمراً فريّا . أغلامٌ مَخصيّ وأســودْ ، يا صاحب الوجــه الأنكــدْ ؟
أجاب الجاحظ :
فعند مولانا العِـــرْض ، أهم من الأرض ، وفي ظل الأحكــام العرفيــة ، وتسلط الأجهــزة الأمنيّــة . لا يســتطيع الوالي الخروج عن التقاليد والعادات ، ومنصب الوزير الأول محجـــوزٌ لغرف التجارة والمــُقاوِلات ، ممن رضــِيَتْ عنهم المخابرات ، الأحياء منهم والأموات !
رئيس الوزارة هو الإسم العربي للقــظلار ، ووزير المال هو الدفتردار ، ولو كرهَت الإمبريالية والإستعمــار . أمــا الصــدر الأعظــم ، فهو جنــاب الوالي الأفخــم . فلو كان الباب العالي في اســتامبول ، لما ذهــبنا إلى واشنطن أيها المهــبول !
من أي خصي أو مملــوك . لا يجــوز أن يََنــطَّ إلى رئاســة البرلمان أو الوزراء ، من كان في وجهــه ذمـــاءٌ من حياء . لكي تصــلَ إلى الحكم في ســجســتان ، عضّ بالنواجــذ والأســــنان ، على موقعــك في ســوق النخاســة والخصيان !
الوزارة ، لا تحتاج إلى خــبرة أو شــطارة . فقط أنــزِل الســروال ، ولا تُكثر من القيل والقال ، وإلى ربــك يومئذ الرُجْـــعى والمــآل .
أفهــم أن يســعى إلى الوزارة أهل الكُــدية والفقــر ، فهي طريق لليُـســر بعــدَ العسر، فما بالُ من يملك الذهــبَ والتبر ؟ أم أنهم كجهنم يُقالُ لها هل امتلأت فتقول هل من مزيــد !
وفي ذلك قصــــيدة للشــاعر نــديــم محمـــد ، طيّبَ الله ثراه ، مطلعهـــا :
لم تهاجـر ، لم تتاجــر ، لم ترث عن أبيــك الغــر ، غيـــر العفـن !
تسَــــــنــّني ، تشَـــــيـــّــعـي تهَـــــوّدي ، تـنــصّـــــري
تــأمـــرَكـــي ، تـبَـــرْ طَــني تسَـــعْوَدي ، تَـبَــلْـغـــــــري
تَـمَـرْكَـــسـي ، تـأسْـــــــلمي من قُــــبــٌـلٍ أوْ دُبـُــــــــر!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حوار مع الكاتب السعودي أسامة المسلم و
.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من
.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان
.. تفاعلكم | بعد حالة الطوارئ الثقافية التي سببها في الرباط، حو
.. تفاعلكم | مخرج فيلم -آخر سهرة في طريق ر-، محمود صباغ، يرد عل