الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المشهد العراقي ....2 ..ثورة العشيرة على المليشيات الدينية !؟

ثامر قلو

2007 / 12 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يشهد الوضع العراقي في الآونة الاخيرة بعض الاستقرار ، خصوصا في المناطق الساخنة ، وهي مناطق الشمال الغربي فضلا عن العاصمة بغداد والمناطق المحيطة بها ، والفضل يعود في احداث هذه التغيرات لقوات الصحوة العراقية بالدرجة الاساسية ، وهم بالاساس يتكونون من رجال العشائر وشيوخهم ، وقد انتفضوا بعد أن بلغ السيل الزبى كما يقول المثل المشهور ، على ذواتهم قبل أن ينتفضوا على الواقع المرير الذي فرضه عليهم وعلى عامة المواطنين في تلك المناطق المليشيات الدينية المدعومة من الاحزاب الدينية وبلدان الخليج والدولة الاسلامية في ايران ، ومدعومين بشكل كبير من جانب الدولة عبر خطابها الديني الذي لا يقل تاثيره عن دعم الاخرين لهذه المليشيات السائبة .
الصراع بين الشيخ ، وهو زعيم العشيرة ، وبين رجل الدين ، صراع مستديم ، فقد يكون خفيا في بعض المراحل الزمنية ، وقد يكون في مراحل اخرى صراعا علنيا ، وذلك حسب الظروف الموضوعية والذاتية المحيطة بمواقع الاحداث ، وقد كان النظام البائد انتبه بعد نشوب الحرب مع الدولة الاسلامية في ايران للدور الكبير الذي ينهض به شيخ العشيرة ورجل الدين ، فعاد لاغداق الامتيازات عليهم وتقريبهم للنظام ، فصار رجل الدين بوقا للنظام في المساجد والحسينيات من زاخو حتى الفاو ، كما صار شيخ العشيرة يوفر للحرب الوقود البشرية بكل الطرق المتاحة .
بعد السقوط المدوي للنظام في التاسع من نيسان ، جرى ترتيب وتصنيف جديد للعشيرة ، فقد انزوى بعيدا بعض الشي عن مجرى الاحداث والتأثير فيها شيوخ العشائر ، مقابل صعود نجم رجل الدين ، وبالطبع يعود اسباب هذا الاختلال للظروف المحيطة ، فرجل الدين تحرر من ماضيه المعيب بسهولة عبر الاستشهاد بالعشرات من الآيات التي تبرر له زلاته ، فيما، شيخ العشيرة الذي يفترض أن تلازمه النخوة والشهامة ، انكفأ بعيدا ، لان النخوة والشهامة لا تشترى ولا تباع ، ثم ان انتصار رجل الدين على شيخ العشيرة في الواقع العراقي الحالي ، كان له مبرراته الموضوعية ، فقد قدم لحكم العراق بعد السقوط أحزاب دينية شيعية وسنية مدعومين حسب الطائفية من ايران وبلدان الخليج ، دون أن يتوفر لشيوخ العشيرة في العراق سندا ودعما، حتى من دول الاحتلال الممثلة بالدولة الاولى امريكا وحليفتها بريطانيا، فبقوا يلعقون جراحهم النازفة داخليا من الاذلال ويتلهفون للفرص السانحة .
لا نقول جديدا ، اذا مررنا على الدور المشين الذي تنهض به الاحزاب الدينية ، ومن بينها المجموعات الارهابية القادمة من خارج الحدود بتلاوينها الطائفية ، فقد شهد الشارع العراقي العجب والعجاب في ظل سيطرتهم على الاوضاع في كل المناطق ، باستثناء مناطق كردستان العراقية ، فكان شيمهم، القتل والتخويف والاختطاف ، دون أن يرف جفن لرجل الدين، بدرجاتهم الدنيا والعليا ، فقد كان القتل والخطف والابتزاز من قبل هؤلاء يستند للمبررات الدينية في أغلبه، وسوف يستمرالارهاب والقتل دون هوادة طالما بقي هؤلاء يقودون ويسيطرون على الشارع السياسي العراقي ، لكنه في الجانب الاخر لا تلقى مثل هذه الاعمال الوحشية ، الاستساغة والقبول من قبل رجال العشائر ، بل ان الشهامة والنخوة التي يمتاز بها رجل العشيرة البسيط ، فضلا عن النخوة والشهامة لدى الشيخ ، وهو شيخ العشيرة حتما ، تدفعه للانتفاض وتحرير أبنا الشعب من هذا الوضع المخيف ، وقد استغلوا اول فرصة سانحة لمد يد العون و الدعم لهم من قبل قوات الاحتلال لتحرير الشارع في مناطقهم من الهوس الديني المخيف ، فكانت صحوتهم صحوة ميمونة يباركها العراقيون الوطنيون ويتمنون امتدادها لكل المناطق العراقية .

سنوات عجاف مرت على العراقيين ، دون ان تقوى حكومتنا الموقرة بجيوشها واجهزتها الامنية على توفير بعض الامان للعراقيين من شمال العراق حتى جنوبه ، وقد فلح في تحقيق بعض الامان والاستقرار رجال الصحوة العراقية في ظرف زمني قياسي ، فبدلا من الشكر ومد يد العون لهم وتوسيع نشاطهم في الوسط والجنوب يلقى هؤلاء التحذير تلو التحذير ! الحكومة تطالب بتحجيم وجودهم ، والاحزاب الدينية وعلى راسهم الحزب الاسلامي السني لا يستسيغ وجودهم وبقائهم كما فهم في كلام الهاشمي نائب رئيس الجمهورية لدى لقائه برئيس الجمهورية في دوكان، ومن الدلائل أيضا أقوال أحد شيوخ الصحوة في الانبار ، وهو أمير عشائر الدليم ، عن ان الحزب الاسلامي يسعى لخلق بديل عن القاعدة وتهديم مشروع الصحوة خلال المقابلة مع راديو سوى ليوم الثلاثين من كانون الثاني الحالي .
الحكومة تخشى هؤلاء ، والاحزاب الدينية كلهم يخشون هؤلاء ، لان رجال الصحوة ببساطة سوف يسحبون سطوتهم السياسية على الشارع العراقي ، ويمهدون الطريق لبناء دولة القانون ، لذلك فان الايام القادمة سوف تشهد صراعا جديدا ، بين رجال الصحوة وهم رجال العشيرة وبين الاحزاب الدينية مدعومين من الحكومة الدينية الطائفية ، لخشيتهم من انهيار مشاريعهم الدينية ، وهي مشاريع طائفية في الاساس ، وقد تشهد الايام القادمة وضوحا في المواقف ، وخاصة من قبل قوات الاحتلال ومدى جديتهم في تحقيق الاستقرار في البلاد ، ففي حال توسع نشاط الصحوة الى الوسط والجنوب والامر يدعمه أبناء الشعب العراقي التواقون لاستتباب الامان بدون أدنى شك ، سوف يحدث زلزالا لصالح الاستقرار في العراق .
لا بأس أن يوفر الطمانينة والاستقرار للعراقيين رجال العشائر ، طالما عجزت الحكومة عن توفيره ، وهي عاجزة عن تحقيقه بدونهم ، لانها هي الحكومة ذاتها سواء في عهد الجعفري أو المالكي أو الهاشمي ، أو عدنان الدليمي ، فهؤلاء حسب الاغلبية من العراقيين ليس هناك ثمة جديد ، يقدمونه للعراقيين ، الا اذا ركبت رؤوسهم صحوة رجال الصحوة العراقيين ، فتكون صحوتهم صحوة وطنية عراقية .
لم يكن يوما حلم العراقيين ، قيادة طموحاتهم عبر العشيرة ، في زمن يشهد تغيرات سريعة ، حضارية وتكنولوجية ، لكن ان يتحقق الخلاص من سطوة المليشيات الدينية عن طريقهم فأهلا بهم ، فهم في كل الاحوال يمثلون الامتداد الوطني العراقي ، بينما يمثل الدينيون على تلاوينهم امتدادا فئويا وخارجيا بعيدا عن الحس الوطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس