الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطوة الأخيرة في رحلة الألف ميل للأستبداد في سورية

فريد حداد

2007 / 12 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لم تكن أعتقالات كانون الأول 2007 في سورية , والتي طالت الدكتورة فداء الحوراني رئيس المجلس الوطني لأعلان دمشق , ورفاقها , مفاجئة لأحد . بل ما كان ممكن أن يكون مفاجئاً , هو أن لاتقوم أجهزة الخراب والتدمير والبلطجة , والمسماة زورا وبهتاناً " بالأجهزة الأمنية " , بهذه الأعتقالات . والمفاجئة الحقيقية الكبرى هي , لماذا لم يتم أعتقال كل أعضاء المجلس الوطني دون أستثناء . أيضا ستكون مفاجئة كبرى أن قامت تلك الأجهزة بالأفراج عن الجميع بوقت قريب . .... لماذا ؟؟؟؟؟

لأن الورم السرطاني الذي أصاب سورية في 13 تشرين الثاني 1970 , والذي بث خلاياه الخبيثة في كل أنسجة جسد الوطن السوري , من نسيج الجيش الى القضاء الى التعليم الخ الخ . والذي مافتئ حتى تاريخه يعمل على تدمير كل خلاياه السليمة . لن يكون رد فعله طبيعيا وسلميا على أدراكه , بأن الجسد السوري مازال يحمل الكثير من الخلايا السليمة والمعافاة , وله آليته الخاصة في التعافي من الآفات التي تصيبه , ومنها الأستبداد وأفرازاته .

فمنذ حزيران 1976 تاريخ دخول الجيش السوري الى لبنان , يوم أصدر الحزب ( الشيوعي السوري _ المكتب السياسي ) آنذاك بيانه المشهور الذي ندد فيه بتدخل النظام في الأزمة اللبنانية بشكله الذي تم به , ومروراً بالبيان الأول الذي صدر عن التجمع الوطني الديمقراطي بتاريخ 18 آذار 1980 . والمعارضة الديمقراطية السورية ما فتئت تدعو النظام الى التعقل والحوار والأنفتاح على الشعب وقواه السياسية الحية , والأبتعاد عن القمع كلغة حوار سياسي مع المجتمع . ولم تجن هذه المعارضة من النظام الا الصد والأعتقال والتخوين والتسريح من العمل ومنع السفر . وحتى اليوم , وعلى الرغم من هذا التاريخ الطويل للقوى الديمقراطية في النضال ضد الأستبداد , مايزال جهابذة النظام وأقزامه المرتزقة , ممن يُسمون كتّاب ومدراء ( مراكز بحوث ) يلقون بالتهم الوقحة , وقاحة أخلاقهم ومنابتهم الوضعية , في وجه هذه المعارضة وأعلامها . وحتى يومنا هذا مازال نظام التوريث يسير بنفس النهج الذي أسسه حافظ الأسد , من تدمير وأفساد وتفتيت للمجتمع , وأزلال وقهر للناس وللنشطاء , وأغتيال للمعارضين السوريين والعرب . ولعل وجود هؤلاء ( المثقفون ) الأقزام الأنتهازيون , يجسد خير دليل على حجم الدمار الذي ألحقه هذا النظام بنفوس البعض . فبعد هذا الذي نعرفه عن نظام عشنا في ظله لمدة 37 عاماً وخبرناه , هل لنا ان نفاجئ بحدوث أعتقالات , أم بعدم حدوثها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟......

ان انعقاد المجلس الوطني لأعلان دمشق , هو حدث سياسي فريد في الحياة السياسية داخل سورية , منذ استيلاء الأستبداد على السلطة السياسية في البلاد , واحتلاله لكل مؤسسات الدولة وتكوينات المجتمع بعد ذلك . ويستمد انعقاد المجلس الوطني فرادته من كونه الحدث المميز نوعياً عن كل ماسبقه من أحداث سياسية , سواء مايتعلق منها بنشاط السلطة أو حتى بنشاط الأحزاب المعارضة نفسها , فقد ضم أجتماع المجلس , رجال ونساء , عرب وأكراد وآشوريين , قوميين وليبراليين ويساريين واسلاميين وديمقراطيين . أي أنه ضم أوسع تمثيل ممكن للشعب السوري حتى تاريخه . توافق فيه المجتمعون على تشخيص المرض الذي تعاني منه سورية , وهو الأستبداد والفساد . كما توافقوا على شكل سورية المستقبل , سورية المعافاة من مرضها , وطريقة علاجها , بالحرية والتعددية , وبناء دولة القانون والمواطنة . أداة ذلك كله نظام ديمقراطي مُنتخب , يستمد شرعيته من صندوق الأنتخاب , وتتجدد هذه الشرعية في دورات انتخابية متعاقبة . كما مارس فيه المجتمعون , القيم التي يُنشدوها لسورية المستقبل , من حوار ديمقراطي , وانتخبوا قيادتهم ايضاً بنفس الطريقة .

ان ما أثار زعر النظام الفاسد المستبد من انعقاد المجلس الوطني , هو رؤيته , وادراكه , بان نقيضه قد بدأ بالتكون , فها هي الوحدة الوطنية الحقيقية , تتجلى في التئام شمل هذا التنوع الكبير من ابناء شعبنا , في سبيل هدف واحد, هو نقل البلاد من عفونة الفساد والأستبداد الى رحاب الحرية والديمقراطية , وليست الوحدة الوطنية التي ينافق بها النظام والتي تتلخص في تكميم كل الأفواه الشريفة , والحفاظ على أفواه النفاق والخداع وحدها تصدح كأفواه مدراء ( مراكز البحوث ) التي تتطل من على شاشات الفضائيات العربية . بالأضافة الى ما شكله اجتماع المجلس ايضاً من خلال روح المسئولية التي اتصف فيه اعضاءه , وجدية الحوارات التي حصلت , ووضع مصلحة الوطن في المكان الأول من اهتمامهم , النقيض الذي أظهر تفاهة مؤسسات النظام وانتهازيتها , واستهتارها بمصالح الشعب والوطن , باعتبارها مؤسسات شراء الذمم , وتحقيق المنافع الشخصية , كما مباركة السياسة القمعية للعائلة الحاكمة وخدمها .
ان مقياس الوطنية الوحيد , في كل بلاد العالم , وفي كل مراحل التاريخ , تقاس بمقياس واحد وحيد وهو مدى التزام الفرد أو الحكم بمصلحة شعبه ووطنه . فمن يعمل للحفاظ على استقلال بلاده , وتحرير المحتل منها , وايجاد ظروف حياة تضمن للمواطن كرامته , وتضمن له حياة مريحة في الحاضر ومضمونة للمستقبل , هو الأنسان الوطني . ومن يسلم جزء من ارض وطنه لأعداءه , و يدخل في مساومات دولية لخدمة قوى الخارج بمقابل الحصول على دعمها لسلطانه , كما فعل نظامنا السوري في لبنان وفلسطين والعراق . ومن يحول البلاد الى مزرعة خاصة لعائلته , ويدفع بثمانين بالمائة من ابناء الشعب السوري ليعيشوا على خط الفقر وتحته , ومن يحني رأسه مطأطأً اثناء تحليق الطيران الأسرائيلي فوق قصره , لا يحق له ولا لأذنابه مدراء ( مركز البحوث ) أن يُعطوا دروساً في الوطنية لرجال ونساء اعلان دمشق , الذين لايملكون الا حبهم لوطنهم وغيرتهم على شعبهم , سلاحاً يشهرونه في وجه الطغيان .

في ثمانينات القرن الماضي , لم يجد الأستبداد السوفييتي الشائخ آنذاك حرجاً , من وضع امكانيات دولتهم الهائلة في " الأمن " والدعاية والسياسة , في مواجهة منشق , فرد , واحد , هو سولجنستن . لقد كان سلوكهم ذاك اشعاراً بأنهم يخطون الخطوة الأخيرة في رحلة الألف ميل لأستبدادهم . وكانت فعلاً خطوتهم الأخيرة . فهل كان النظام السوري تلميذاً ( نجيباً ) لمدرسة الأستبداد السوفيتيية , باعادته للدرس الأخير الذي تعلمه , كيف يخطو الخطوة الأخيرة في رحلة الألف ميل لأستبداده , باعتقاله لفداء حوراني ورفاقها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟. الزمن آت ونرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه