الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


2007 الفلسطيني عام الخسائر والفتن

محمد أبو مهادي

2008 / 1 / 1
القضية الفلسطينية


يستقبل الشعب الفلسطيني عام "2008" كما استقبل مختلف المناسبات، مظاهر شكلية لتأكيد هذه المناسبات، وتبادل للتهاني والزيارات، وفي هذه المناسبة أيضاً إضاءة لشجرة الميلاد في مدينة السلام ومهد المسيح.

أنوار شجرة الميلاد لم تصل إلي كل أرجاء الوطن، ولم تضئ عقول تعاني من الظلمة بما يكفي لتدمير المجتمع، ولم يظهر تسامح المسيح في العلاقات الإنسانية اليومية بين الناس، ولا زالت أصوات نشاز تعلو علي أصوات أجراس الكنائس وعلى فلاح آذان المساجد، لتغطي فرحة النساء والأطفال بالأعياد بلحاف من الهمّ والقلق لما هو آتٍ، ومما يحمله العام الجديد للشعب الفلسطيني.

عام الخسائر والفتن انقضى، مع أماني بأن يمضي إلي غير رجعة، وأن تمضي معه كل الآلام التي حلت علي المجتمع الفلسطيني كمظهر جديد لنكبة جديدة كانت خارج توقعات الجماهير من قياداتها وأحزابها السياسية.

عام الخسائر بسبب صراع فلسطيني دموي تبعه انقلاب عسكري راح ضحيته الكثير من الأبرياء، وأفقد الشعب الفلسطيني بريق ثورته الذي انطفأ مع أول قطرة دماء سالت في شوارع قطاع غزة، وأساء لكفاحه العادل من أجل نيل حريته واستقلاله، وأساء لعدالة قضيته بعد أن غابت العدالة والأخلاق في إدارة شؤونه الداخلية وأصبحت الساحة الفلسطينية محطّ لتدخل وعبث الكثير من دول العالم مع اختلاف النوايا، إلي أن تراجع التضامن الشعبي العالمي المساند والداعم والمنظر لنضال الشعب الفلسطيني بشكل كبير، هذا التراجع الذي أفسح المجال أمام الاحتلال الإسرائيلي لأن يزيد من بطشه وجرائمه مطمئناً إلي عدم خروج تظاهرات عالمية منددة بإجرامه، ومطمئناً لمواقف الحكومات العالمية بأنها لن تذهب إلي مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات علي إسرائيلي بعد كل مجزرة كتلك التي حدثت مع عائلتي أبو "غالية" و" العثامنة" وغيرهما من أفعال قد تحدث عواصف أخلاقية تضع إسرائيل أمام العالم الديمقراطي في صدارة الانحطاط الأخلاقي.

عام الخسائر لان حلم الدولة الفلسطينية المستقلة السيادية علي أرضها وسكانها وحدودها وجوها وبحرها قد ينهار مع كابوس الانقسام الداخلي لصالح مشروع إسرائيلي يدركه جيداً صناع هذا الانقسام ممن تضخمت لديهم النزعات الحزبية ونزوات الحكم بأي ثمن، واستهوتهم مظاهر السلطة والجاه علي حساب قضايا وطنية وحساب المراكمة الكفاحية المشرقة للشعب الفلسطيني .

عام الخسائر لان الشعب الفلسطيني قد خسر أول حكومة وحدة وطنية وخسر أول تجربة ديمقراطية برلمانية حقيقية، ليعيش تحت نظامي حكم متناقضين في معظم التفاصيل بدءاً من الجغرافيا وانتهاءاً بالمشروعية والإدارة والتفكير، نظامي حكم خسر معهما المعارضة القوية التي تستفيد من قوتها الحكومة في تعزيز مواقفها السياسية والحكومة القوية التي تستفيد من قوتها المعارضة، وبات من الصعب التمييز بين الحكومة والمعارضة، وفوق كل ذلك ما تكبده المواطن الفلسطيني من معاناة وانتهاك لحقوقه المدنية والسياسية لتسجل اعلي مستوياتها في قطاع غزة وتطال القيادات السياسية والكتاب وأصحاب الرأي وطلبة الجامعات وأساتذتها.

عام الخسائر لان ملامح الاقتصاد الوطني قد تلاشت مع إغلاق أو رحيل غالبية المنشآت الاقتصادية الفلسطينية عن قطاع غزة وأخرى عن الضفة الغربية، ليضاف أعداد كبيرة إلي جيش العاطلين عن العمل، وتزداد معدلات الفقر لتحقق أرقاماً تصلح لان تسجل في موسوعة "غيتس" للأرقام القياسية، وأصبح المواطن فريسة لموزعي الكوبونات و محتكري البضائع والسلع و قادة العصابات، ويكون الشعار الاقتصادي لعام 2007 "حمل البندقية مقابل رغيف الخبز".

وعام الفتن نتيجة لما حلّ بالمجتمع من انحراف خطير في التفكير أصاب القيم والأخلاق والدين بانتكاسة كبيرة يصعب النهوض منها أمام فتاوى التحريم والتجريم والتكفير والتخوين، وأمام تصريحات بعض الصغار الذين عمقوا الخلافات السياسية وصنعوا مشكلة في كل بيت، وارتكبوا جريمة في كل حي، واسقطوا انحرافاتهم الفكرية علي الثقافة العامة للمجتمع الفلسطيني.

عام الفتن لان أي حوار وطني أو اتفاق فصائلي حتى لو كان مدعماً بالقسم بجوار الكعبة لن يعيد إلي مواطن أطرافه التي بترت، والي آخر أفراد عائلته التي قتلت، ولن يلغي مشاهد الهتك اليومي لمنازل الآمنين ، ولن يجعل من المجرمين قادة سياسيين وينقلهم من مرتبة صناع الفتن إلي مرتبة حماة الوطن.

في العام 2008 الشعب الفلسطيني بحاجة إلي تجاوز مآسي 2007 من خلال رؤية تقيمية وتقويمية وطنية صادقة تعيد الاتزان والهيبة والاعتبار إليه، وتوقف هدر الطاقات وإزهاق الأرواح علي أوهام الحكم، وتحقق قدراً من الاستقرار والتوافق المجتمعي الذي أنهكته شعارات وممارسات الفتنة ونيرانها التي تطال كل شيء، انه بحاجة إلي قيادة أفضل بأداء أفضل يحمل رؤى كفاحية وتفاوضية جديدتين، قيادة حكيمة تستند إلي صمود الشعب وكفاحه وتسير به نحو النصر بعد معارك كثيرة طال فيها انتظار الانتصار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يتسبب بإقالة سفير بريطانيا لدى #المكسيك #سوشال_سكاي


.. فيديو متداول لطرد السفير الإسرائيلي من قبل الطلاب في جامعة #




.. نشرة إيجاز - مقترح إسرائيلي أعلنه بايدن لوقف الحرب في غزة


.. سلاح -إنفيديا- للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي




.. -العربية- توثق استخدام منزل بـ-أم درمان- لتنفيذ إعدامات خلال