الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام العالمي والجيوبوليتيك:رؤية نقدية

منير لخضر

2008 / 1 / 2
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تنطلق هذه الرؤية النقدية .من فرضية مفادها:إن التصاق النظام العالمي (قديم/جديد) بالنظريات والمدارس الجيوبوليتيكة قاد دائما إلى استعمار وغزو الشعوب الضعيفة واحتواء الدول الصغيرة من طرف "الدول العظمى".
إن هذه الرؤية النقدية ستسلط الضوء على شقين أساسيين في هذا الموضوع(النظام العالمي والجيوبوليتيك) وهما :
1-الشق القانوني المتمثل فيما يسمى" بالشرعية الدولية"
2-الشق النظري والفكري المتمثل في" الأدبيات الاستعمارية"
1-الشق القانوني:
إن النظام العالمي الجديد المزعوم لا يرقى للتسمية التي أعطيت له بحيث إن العنصر الأساسي الذي يكونه وهو تعزيز الأمم المتحدة وهذا العنصر ليس في غير حاجة إلى تأكيد أنه لم يطبق نظرا لوجود سياسة الأقطاب وبالتالي فالحديث عن مصداقية الأمم المتحدة ماهوإلى تضليل وتمويه ينضاف إلى أسطورة "الأمن الجماعي".
في الواقع إن النظام العالمي الجديد ماهو في حقيقة الامر إلا عملية غسل العقول من جديد ولعبة تحتاج فيها الولايات المتحدة الأمريكية ،الدولة العظمى،الوحيدة حاليا إلى شركاء ليس إلى اقتسام اللعب معهم(نظرية اللعبة) ولكن لتطبق قواعد لعبها هي فهذا"النظام العالمي الجديد"هو في الواقع أكثر خطورة من النظام السابق بحيت في ظل هذا النظام الجديد أصبحت الأمم المتحدة أداة لينة في يد الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق "مجلس الأمن "مما قاد إلى انتقاص سيادة الدول بظهور مفهوم "واجب التدخل الإنساني ".
لقد كان أمل شعوب العالم الثالث في بروز نظام عالمي جديد حقيقي يفرض القانون الدولي على الجميع ولكن الطريقة التي عولجت بها أزمة الخليج الثانية ،بين مدى محدودية هذا النظام،وانه ليس محايدا ،وإنما يفرض "القانون"على دول ويستثني دول أخرى.في إطارسياسة الكيل بمكيالين،والإزدواجية ،والتعامل الدائري مع القانون الدولي،الذي لا يكمن الإمساك بأطرافه. ويتضح ذلك من خلال الأسئلة التالية:
- لماذا بقي مجلس الأمن أخرص أمام مجازر الشيشان؟
- لماذا بقي مجلس الأمن متلعثم أمام إبادة مسلمي البوسنة؟
- لماذا بقي مجلس الأمن حائر أمام الكوارث الإنسانية التي تعصف الهوتو والتوتسي في رواندا؟
- لماذا بقي مجلس الأمن منشغل أمام المذابح الصهيونية للشعب الفلسطيني الأعزل والسليب؟
-لماذا بقي مجلس الأمن غير مبالي بالتحرشات الصهيونية على الشعبين اللبناني،والسوري؟
ويمكن ان نتجاوز هذه الصيغ الاستفهامية،لان مجلس الأمن لن يستطيع إجابتنا عنها حتى ولو أراد ذلك.ونقول:
- إن مجلس الأمن هو من فرض الحصار على ليبيا (قرار748 )
- إن مجلس الأمن هو من شن حرب إنسانية على الصومال سميت زورا وبهتانا "بعملية إعادة الأمل"
- إن مجلس الأمن هومن فرض العقوبات على السودان .
- أن مجلس الأمن ساهم في احتلال أفغانستان والعراق.
انطلاقا من الحقائق السابقة فإن أحدا لا يستطيع أن يراهن على مصداقية مجلس الأمن، وبالتالي عدم المراهنة على مصداقية "النظام العالمي الجديد"الذي يعتقد انه يخدمه.
2-الشق النظري:
يرى Paul hazard في كتابه( ( la grise de la pensée europenne
(أزمة الوعي الأوروبي) أن الفكر الأوروبي أصبح يسير في اتجاهين متعاكسين:اتجاه نسبي ،يؤمن بنسبية القيم و الثقافات ، واتجاه كوني يؤمن بكونية القيم الأوروبية وبتأخر ودونية المجتمعات الأخرى. إن هذا التيار الأخير تيار فكري،عنصري،يميني،يربط بين الثقافات والانتماء العرقي،وقاد إلى الاستعمار. والتوسيع.والبحث عن المجال الحيوي وفق منظور جيوبوليتيكي صرف.
وهذا الاتجاه له جذور تاريخية، تعود إلى الإمبراطورية الرومانية التي لم تكن لها حدود تعترف بها، بل دائمة التوسع والاستيطان.فهي كانت تميل إلى الإمبريالية .لهذا توصف الولايات المتحدة الأمريكية بالإمبراطورية الجديدة، نظرا لتطابق خصائص الإمبراطوريات على السياسات التي تتهجها (احتلال أفغانستان والعراق...)
في كتابه:"النظرية العامة للنوع البشري " يشير (Buffon)إشكالية في غاية من الأهمية، مؤداها: هل يعزى الاختلاف بين الشعوب إلى العرق أم إلى الثقافة؟.
إن الرأي الذي يرى أن الاختلاف يعزى إلى الثقافة كان رأيا معتدلا يقول بإمكانية تقدم المجتمعات المتخلفة, ودلك بمساعدة الدول المتقدمة.
أما الرأي الثاني الذي يعزي، الاختلاف بين الشعوب إلى العراق.فهو اتجاه خطير,قاد إلى الاستعمار ويقول أن المجتمعات البدائية والمختلفة هي كذلك" بطبيعتها" وبالتالي يجب استعمارها وتعنيفها بل لربما تقتيلها.
ان تنامي هذه التيارات الشوفينية,التي برزت في كتابات عديدة ومنها كتابات شارل موراس. التي تقول بتفوق الحضارة الغربية وتنادي بالغزو والاستعمار. تنهل من الكتابات الانترويولوجية والجغرافية ، والجيوبوليتيكية,من أجل تبرير وتسويغ الاستعمار والغزو والبحث الدائم واللامتناهي عن المجال الحيوي.
ان كتابات جل المنظرين الجيوبوليتيكيين أمثال : راتزل,ماكيندر,هاوشهوفر,.... أسست مفهوم المجال الحيوي, والمناطق العظمى وبالتالي كانت الأساس الفكري لتبرير سياسات التوسع الإقليمي والإمبريالي.
عموما الجغرافيا السياسية (الجيوبوليتيك) تقدم تنوعا كبيرا للمواقف واختلافا في درجة التطور فهي جد قوية بالعالم الانجلوسا كسوني وضعيفة بفرنسا وألمانيا وايطاليا، ومنعدمة في العالم العربي ودول العالم الثالث. والسبب هو تواجد تقاليد تربوية تهتم بالجغرافية السياسية بشكل قوي في انجلترا والولايات المتحدة الأمريكية، بينما تلاشت هذه التقاليد بالبلدان الاروبية. فيما لازالت لم توجد وتتأسس في الدول العربية ودول العالم الثالث مما يطرح السؤال حول موقع هاذين الفضائيين ضمن "النظام العالمي الجديد"؟

يرى العديد من الباحثين أن العرب كانوا أكثر الخاسرين في أوضاع "النظام العالمي الجديد" الذي دشن الإعلان عنه خلال حرب الخليج الثانية. في أفق تدمير القدرات العربية وقلب الموازين لمصلحة أعدائهم: الإمبريالية والصهيونية. كما تسجل أيضا، الغياب التام لمشاركة دول العالم الثالث في صياغة مضامين هذا" النظام العالمي الجديد".
ومن العناصر التي تؤكد أن هذا النََظام ليس جديدا،.انه لم يغير من نظرته للعالم الثالث بل لازال العالم المتقدم (المركز) يحتفظ بنفس الرؤية لدول العالم الثالث (المحيط) المتسمة بالسيطرة على القطاعات الاقتصادية المهمة الأكثر حيوية.
انطلاقا مما سبق نرى، ضرورة فك الارتباط مع المنظومة الرأسمالية، التي تؤطرها النظرية الواقعية في العلاقات الدولية وضرورة تأسيس وتعميق وعي جيوبوليتيكي و جيوإستراتيجي في العالم العربي,وفي العالم الثالث، من خلال مراكز البحوث ومعاهد الدراسات المتخصصة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شهداء ومصابون بقصف إسرائيلي استهدف مباني في مخيم جباليا ومدي


.. أبرز ما تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة




.. لا معابر تعمل لتربط غزة مع الحياة.. ومأزق الجوع يحاصر السكان


.. فرق الإنقاذ تبحث عن المنكوبين جرّاء الفيضانات في البرازيل




.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية