الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلم والمعرفة شعبية المصدر

هادي ناصر سعيد الباقر

2008 / 1 / 7
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


هناك حقيقة هامة وهي ان العلم والمعرفة والثقافة لا يمكن ان تكون حكراً ومصدراً في طبقة معينة.
الشعب كله يمثل مصدر الحقيقة والقاعدة الذي ترتكز عليه كافة جذور العلم والمعرفة وكافة عمليات التخطيط والتنمية.. كما انه لا توجد مستويات ثقافية عليا ودنيا تفضل بين طبقات المجتمع كل منها تحتاج الى اسلوب خاص للتحدث اليها ((وفق عقولهم كما يقولون!)) لان الكلمة الحق الخيرة يفهمها الجميع. فمن الصعب ايجاد مقاييس ومعايير واضحة ثابتة تحدد مستويات الفهم والمعرفة.
فمن خصائص هذا العصر الحديث انه جعل العلم والثقافة بمتناول الجميع فمن رغب اخذ من منهلها العذب ما شاء ومتى شاء رغب عنها. فبعد ان كان العلم حكراً، بالعصور المظلمة، ووفقاً على من يستطيع شراء الكتب ممن يستطيع دفع ثمنها من الطبقات الغنية، قامت المطبعة الحديثة واجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية المسموعة والمرئية والمقروءة، بنشر الكلمة بثمن رخيص او مجان ودفعها دفعاً لمتناول كل فرد اينما كان…
ولم يعد التعليم والتربية خدمة من الخدمات تؤديها الدولة بل حقاً من الحقوق لجميع افراد الشعب وواجباً وضرورة لازمة من ضرورات الحياة والتقدم وواجباً تلتزم به الدولة.
لقد غدا العالم صغيراً، كانما الغيت المسافات الغاءاً، فانك لتتحدث اليوم امام المذياع فيسمعك من هم في النصف الاخر من سطح الارض قبل ان يسمعك مباشرة من هم معك في نفس القاعة. وانك لتقف امام التلفاز فيراك من هم على الطرف الاخر من سطح الارض، وقد لا يراك بوضوح من هو غير بعيد منك على بعد عشرات الامثار… وانك لتتناول طعام افطارك صباحاً في بغداد ونستطيع ان تأخذ طعام الغذاء في لندن والعشاء في نيويورك او طوكيو… وانك لتستطيع ان تطلب اية بضاعة او ترسلها من والى اية بقعة في العالم فتصل في وقت قياسي.
فلم تعد المسافات تشكل عامل خوف وازعاج، وعلى العكس ان التقدم في هذا العصر مدين في وسائل النقل والمواصلات وعليها ترتكز اسس التطور الحضاري: الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وحتى البايولوجي… وادت تمازج الانسانية بخيرها وشرها فأدت الى الغاء الفوارق بين سكان هذا الكوكب الارضي وادت الى المشاركة الانسانية وتضامنها بكافة اوجهها.

ديمقراطية المعرفة
العلم والمعرفة لا تأتي من مصدر واحد في الطبيعة ولا من فئة وانسان معين، لان هذا مناقض لقواعد المنطق ودلائل التاريخ وسنن الطبيعة وقوانينها، فليست هناك قوانين طبيعية تجعل التقدم العلمي والتقني يقتصر على فئة دون اخرى ولا على امة دون اخرى. لان في هذا ضياع للحقيقة ودعوة لوضع حدود طبقية جامدة غير متفاعلة، واتجاه ضد مبدء الديمقراطية والمشاركة الشعبية.
فالديمقراطية والمشاركة الشعبية هي التي ينظر اليها صعوداً من القاعدة على انها مشاركة الجماهير في اتخاذ ومناقشة وتنفيذ القرارات التي تعينهم، والمشاركة الشعبية هي العنصر الذي لا يمكن الاستغناء عنه في العملية الديمقراطية التي تستهدف حشد طاقات المجتمع وتوجيها نحو عملية التطور والتنمية.
فالديمقراطية والمشاركة الشعبية هي المبدأ الاساسي الذي يعمل على ربط الاهتمامات المختلفة داخل اطار من الوحدة الفعالة وهو كذلك مبدأ من قوانين البيئة الطبيعة. وبواسطتها يتم اكتشاف طرق التعاون التي تؤدي الى اقصى مصلحة ومنفعة للجميع.
وجماهير الشعب لديها المعرفة والفهم بلغة العلم ويتقبلون قواعد المعنى، حتى انهم يستطيعون من ناحية المبدأ، كالخبراء، ان يختبروا صحة ما يقبلون على انه حقيقة علمية. وينتج عن هذا نظرة جديدة للمجتمع الديمقراطي الا انه على اساس انه مجموعة من الافراد يعيشون على ادنى مستوى من الاشتراك ولكن على اساس انه مجتمع يتضمن مجتمعات من البحث والفهم، كل منها مفتوح لجميع ممن لديهم الذكاء والقابلية لقبول النظام الذي تتحدد على اساسه المعرفة… وهنا يمكن اسهام الديمقراطية والمشاركة الشعبية في خلق مجتمع متطور مفتوح من رجال متساوي دون تضحية بالتمييز العقلي او القدرة المتخصصة.
فالعلم والمعرفة هما قبل كل شيء نتاج الملاحظة الانسانية والخبرة والتفاعل مع الحياة وظواهر البيئة، وما المعرفة الا وليدة المعاناة والملاحظة والتشخيص المستمر، والتفاعل التراكمي عبر التاريخ والحاضر… فالعامل والفلاح وساكن الجبال والسهول والمراعي وكذلك الذي اتخذ من الاهوار مستقراً لحياته وعمله، كل هؤلاء هم مثقفون وخبراء بيئتهم ومشاكلهم ومعاناتهم ومظاهر التفاعل مع هذه البيئة وهم يحملون معهم جوانباً من الحقيقة العلمية للمجتمع الذي يعيشون فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملك التيك توك يتحدى #ماكرون .. ومصير #فرنسا إلى اليمين المتط


.. ديفيد لامي من أصغر نواب حزب العمال إلى وزير خارجية بريطانيا




.. معسكرا أقصى اليمين وتحالف اليسار.. الفرنسيون يختارون 557 نائ


.. الأسبوع وما بعد | فوز ساحق لحزب العمال ينهي 14 عاما من حكم




.. بعد 14 عاما.. انتصار ساحق لحزب العمال البريطاني