الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنه ذِكرٌ للذين آمنوا بمجلس الإمعات!

نوري المرادي

2003 / 11 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


(( واعتذار مؤكد إلى المقاومة الوطنية العراقية الباسلة ))

يخطأ المرء بحق معبوده، فيقدم له قربانا، لا ناقة له بالخطأ ولا جمل. وقد يخطأ بحق فرد فيكابر أو يهين عبده علانية لصالح المعتذر منه.
والقصد عما حدث ليلة أمس على مسمع ومرأى من العالم أجمع.
فبرعاية بول بريمر وإشراف منه تداول مجلس الإمعات طويلا، فخاطب يوم 031125 مجلس الأمن برسالة تضمنت مقترحات منه عن الجدول الزمني لما سمّاه (( عودة الحكم الذاتي )) بحلول تموز القادم.
وبعد أربع ساعات من إعلان هذه الرسالة إلى الملأ، وتحديدا في الساعة 0114 بتوقيت أوربا  ليوم 031126 أوردت رويتر* عن ناطق أمريكي رفض ذكر اسمه أنه قال: (( أن رسالة مجلس الحكم العراقي إلى الأمم المتحدة أرسلت بطريق الخطأ وأن أحدهم وضع مسودتها في البريد عن طريق الخطأ أيضا ))
وبعد أقل من ثلاث ساعات على تصريح الناطق الأمريكي هذا، خرج ناطق باسم مجلس الإمعات وأعلن بدوره: (( أن هذه الرسالة فعلا أرسلت بطريق الخطأ إلى الأمم المتحدة وأنه يسحبها ))
ومذيعة فضائية الجزيرة، غالبت ابتسامة طفيفة علت وجهها وهي تعلن تصريح ناطق المجلس! وهي حتما لم تتهكم بصراحة، خوف أن تتهم بأنها تناصر فضائية العربية وبالتالي سيغلق مكتبها.
فما الذي حدث؟!
لنعد أولا إلى الرسالة!
فهي كانت هادئة جدا وجاء في بعض منها: (( أن دستورا جديدا سيوضع بحلول منتصف مارت القادم ليعرض على العراقيين في آخر شهر كانون الأول عام 2005 باستفتاء بعد انتخابات عامة. وفي ضوء الأحداث اتضح أنه من المناسب أن يصدر مجلس الأمن قرارا جديدا يأخذ في الحسبان هذه الظروف ))
وهذه الرسالة، على أية حال، استجابة لطلب سابق من الأمم المتحدة التي أمهلت المجلس حتى منتصف 12 القادم ليقدم جدوله الزمني وتصوراته. وهي كما يقول نصها تؤجل أي قرار بخصوص قوات الاحتلال حتى بداية 2006 على أقل تقدير، ناهيك عن أنها تشرع الاحتلال كليا. أي ليس فيها ما يغضب أمريكا ولا يزعجها. بلها مطابقة كليا لما صرح به هوش وبول وباول وبوش يوم بشرونا قبل أربعة أيام فقط، أنهم سيسلمون للعراقيين حكما ذاتيا بحلول حزيران أو تموز القادم.
والرسالة بتوقيع طالباني، وهو رئيس الدورة الشهرية الحالية للمجلس. ورسائل الرئيس، أي رئيس، عادة ما تضمّن في الديوان الرسمي للدولة، وفي سجلات الصادرة الذي تشرف عليه سكرتارية الرئاسة. وهذه هي الإجراءات المتبعة أيا كان الرئيس. ومخاطبة مجلس الأمن والأمم المتحدة، مثلها مثل كل مخاطبات الرؤساء الخارجية، لا تتم برسائل عادية ترمى بصندوق رسائل، ثم تحول إلى الخارج لتصل بعد أسابيع. وإنما ترسل بالشفرة اللاسلكية أو التلكس أو برقا إلى مندوب الدولة هناك ليسلمها بدوره إلى الجهة المعنية. والتجاوز الوحيد المتاح حاليا في رسائل الرؤساء، هو استخدام الفاكس أو البريد الإلكتروني، الذي سيشرف عليه الرئيس أو سكرتيرة الخاص بلا أدنى شك.
أي مختصرا، كل الحيثيات تنفي ما ادعاه الناطق الأمريكي، وما أكده ناطق المجلس من أن الرسالة وضعت خطأ بصندوق الرسائل.
ومجلس الحكم هذا يشتمل على مناضلي كوردستان ومناضلي المجلس الأعلى وجعفري ودلوعة اللاهوت بحرالعلوم ومناضلي المخابرات كلبي وعلاوي وحميد مجيد وغيرهم ممن صال وجال وعبس وتولى إذا قيل له إمعة! وكلهم، كما نفترض له حد من الكرامة مهما صغر، سيمنعه حتما من ترديد قول الناطق الأمريكي حرفيا عن الرسالة وسحبها. وكان بإمكانهم مجرد سحبها ودون تفسير، أو بتفسير دبلوماسي ما غير ترديد تلك السخرية الأمريكية - الإهانة الموجهة لهم حصرا.
وتصريح الناطق الأمريكي، واستجابة المجلس العاجلة له، هي لطمة شديدة اللهجة للمجلس وأحلامه العصافيرية. وهي أيضا كفخة ما بعدها كفخة في عالم التحقير والإذلال وجهت له فما  عادت كلمة (( إمعات )) تستوعب وصف حالته. وربما سنضطر إلى كتابة اسمه كاملا (( مجلس الحكم العراقي )) ليصبح مثالا وكنية عن الشيء الذي هو دون الإمعة قدرا وموقعا. فأين هذا المجلس من شموخ الحمير الذي أظهره حمار قاد الأمريكان يوم أمس الأول قود الغنم في أزقة بغداد وحاراتها؟!
مع العلم أن الناطق الأمريكي الذي صرح، كان خلال وقت عمله الرسمي – النهار في أمريكا. بينما ناطق مجلس الحكم كان خلال منتصف ليل العراق، وصرح بما صرح به بعد سويعات فقط من الناطق الأمريكي. وعندها، فلنتصور الوقت اللازم ما بين إيقاظ أعضاء المجلس من نومهم وهم في منتصف الليل، وبين صدور القرار. الأمر الذي لا يعني غير شيء واحد. وهو أن الناطق الأمريكي أمر، فأوقظ هؤلاء على عجل وحالما اكتمل نصابهم، رفعوا أيديهم بالموافقة على تصريح الأمريكي وعادوا إلى نومهم.
فهل من شيء وراء هذا الإذلال والتحقير الأمريكي لمجلس حكمه - صنيعته!؟
ربما، والله أعلم!
فقد يكون ما حدث رسائل آنية تبودلت بين الأمريكان والمقاومة الوطنية!
أو هكذا أرى على أية حال!
فالأمريكان، وحين أغلقوا مكتب فضائية العربية وضيّقوا على فضائية الجزيرة مهددين بغلقها أيضا، حين فعلوا هذا، افترضوا أن مصادر الأخبار انقطعت عن العالم، لذا نزلوا  إلى الصحافة بتصريح مفاده أن العمليات العسكرية ضدهم انخفضت إلى النصف. وتساوقا مع هذا الخيال، ردوا رافضين على دعوة لإمام أحد المساجد لهدنة ثلاثة أيام العيد.
ودعوة إمام المسجد هذا، كانت باللغة العربية وأمام مصلين عراقيين عرب وبمناسبة عيد عربي إسلامي، وفي المثلث المتهم بفلوليته للمقاومة. أي أنها دعوى منه موجهة للمقاومة العراقية فقط، كإكرامية أو رأفة يظهرونها للجنود الأمريكان الذين سيقوا إلى هذه المجزرة بلا جريرة.
لكن، أبي زيد عكس الدعوى وكأنها رجاء إليه، فتبطر وتعالى ورفض. فعاجلته المقاومة بثلاثة صواريخ على مقر إقامة قواته وسط بغداد، كرسالة إنذار منهم إليه تذكره بوضعه، فاعتذر!
اعتذر عن هفوته، ليس بأن صفع نفسه عقوبة أو نقدها ذاتيا، بل صفع مجلس إمعاته عوضا، بأن سفههم وأذلهم بهذا الشكل المهين، ولصالح عدوهم اللدود - المقاومة!
وهي الرسالة الجواب! أو هكذا نفترض!
فهل لمجلس الإمعات رأي آخر؟!
أو هل سيعود بعضهم كالسيد الذي زعل على مقال (( شموخ الحمير )) ليمتدح وطنية وألمعية مجلس الإمعات ثانية؟!

www.alkader.net
.....
*
http://www.reuters.com/locales/newsArticle.jsp?type=topNews&locale=ar_ME&storyID=3891792

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح