الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانطلاقة تستوجب الاستفاقة

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2008 / 1 / 3
القضية الفلسطينية


لا احد غير الأعمى والحاقد ينكر لفتح أنها مفجرة للثورة الفلسطينية المعاصرة.. لا احد غير ذوي النزعة الفئوية الضيقة من ينكر أن فتح هي العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية.. ولا احد غير ضيقي الأفق والموتورين من يتهم فتح بصفات غير وطنية.. ولا احد غير أصحاب المشاريع الخاصة يريد أن يقصي فتح ويطوي صفحتها.. ففتح صاحبة التاريخ الطويل بالنضال وقائدة الحركة الوطنية لأجيال وأجيال، استطاعت وبعرق الرجال ودم الرجال، أن تحفر لها اسما من الصعب على كل أعدائها وخصومها أن ينتزعوه-- بترهات وأقاويل باطلة، واجتزاءات من هنا وهناك، لينالوا من حقيقتها كعصب أساسي مازال يغذي شعلة النضال والثورة.. وفتح بما لها من إسهامات وتضحيات.. وبما لديها من شهداء وجرحى وأسرى، ومن مواقف في لحظات مصيرية.. مازالت ورغم كل ما مر عليها، حركة للتحرر الوطني، وصاحبة لمشروع وطني، قادته ورسمت معالمه منذ زمن، ومازالت تقوده إلى يومنا هذا.
ولان فتح بهذا الثقل وبهذا الحجم من المسئولية، ولان عيون أصدقائها دوما مشدودة إليها، تتطلع إليها كي تكون بحجم التحديات التي يواجهها مشروعنا التحرري الوطني برمته.. ومن منطلق الحرص عليها.. فان الواجب يفترض بكل وطني مخلص أن يقول لفتح-- ليس فقط ما يريد أن يسمعه الفتحاويون، بل ولابد من القول أيضا ما يزعج أحيانا بعض قادتها-- أولئك الذين يغمضون العين أحيانا عما آلت إليه أوضاع الحركة الداخلية، وعن التآكل الكبير الذي حصل لرصيدها بين الجماهير، وظهرت دلالاته قبل وقت قصير في نتائج الانتخابات التشريعية.
إن المنطق يقول أن فتح تواجه تحديات جسام لابد لها من الانتصار عليها.. تحديات أولها داخلي يتطلب منها القيام بعملية تعبئة وتثقيف لقواعدها، وإجراء عملية غربلة لتنظيمها وهيئاته القيادية، لإزاحة كل من تسبب بالإساءة لسمعة ولنهج الحركة الوطني، وكل من الصق بها ما لا تقبله الجماهير من سمات، والعمل على تصليب عودها، وحمايتها مما يحاك ضدها من جهود هادفة لتمييعها أو شرذمتها أو تحويلها لمشروع استثماري خاص، بعيد كل البعد عن الأسس التي قامت عليها الحركة، وثاني التحديات يكمن في ضرورة تأكيد الحركة بوضوح أنها مازالت في خندق المقاومة للمشروع الصهيوني، باعتبار أن شعبنا مازال لم ينجز مهام مرحلة التحرر الوطني-- رغم التداخل الكبير مع مهام البناء الوطني-- الأمر الذي يتطلب من الحركة لفظ كل الأدران التي نمت على جسدها، وعملت على تبهيت صورتها وهويتها النضالية، وسعت جاهدة لإخراجها من خندقها الوطني المقاوم-- تحت مقولات مرحلة السلام ولا خيار إلا المفاوضات و99% من أوراق الحل بيد أمريكا-- وهذا يستدعي من الحركة المساهمة أكثر في عملية تفعيل المقاومة الشعبية للاحتلال والاستيطان، والتصدي الحازم لكل أشكال التطبيع مع العدو المحتل الجاثم على أرضنا، وثالث التحديات في نظرة الحركة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولمفهومها للشراكة مع فصائل منظمة التحرير، فلا بد للحركة-- ولا خيار أمامها-- إذا ما أرادت كسب المعركة الداخلية مع حركة حماس، إلا التوجه الفعلي لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير على أسس ديمقراطية، وتفعيل هيئاتها وتخليصها كليا من حالة الذوبان في جسد السلطة، لتعود المنظمة قائدا فعليا للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، يرعى مصالح هذا الشعب ويوجهه ويتواصل معه أينما كان، وهذا الأمر مرتبط كل الارتباط بتغيير مفهوم الحركة للشراكة مع باقي الفصائل، وهو يعني توقف الحركة عن التعامل مع الفصائل الأخرى كملحقات أو توابع يجري استخدامها وفق ووقت الحاجة، ورابع التحديات يكمن في طبيعة وشكل العلاقة بين الحركة والسلطة، إذ لابد للحركة من أن تتعامل مع الواقع الجديد والقائل بان تداول السلطة هو قاعدة أساسية من قواعد الديمقراطية، الأمر الذي يستوجب من الحركة أن تضع حدودا فاصلة ما بينها وما بين جسد وهيكل السلطة، والتوقف عن النظرة إليها كمشروع فتحاوي، فالسلطة الوطنية يجب أن تكون سلطة لكل الشعب، وعليها ( أي السلطة ) أن تدير وان تخدم حياة ومصالح كل الشعب، كون كل الشعب قد شارك بانتخابها، وهذا الفصل هو في مصلحة حركة فتح ( كتنظيم ) ويجنبها تبعات واحراجات علاقات التنسيق والتشبيك التي أوجدتها الاتفاقيات ما بين السلطة والاحتلال، كما ويبعدها نسبيا عن تحمل المسئولية عن أداء السلطة وسياساتها، وخامس هذه التحديات يكمن في أداء الحركة الجماهيري، فحركة فتح بما لديها من إمكانيات مادية وبشرية (غير متوفر لدى غيرها من الفصائل عدا حماس)، وما لديها من فرص وقدرة على التأثير، مطالبة اليوم بالقيام بعملية تغيير جذري في أشكال علاقاتها مع الجماهير، وطرق تواصلها معها، واضعة نصب أعينها أن أصوات هذه الجماهير هي وحدها القادرة على تحديد هوية الجهة التي ستجلس على سدة الحكم، الأمر الذي يتطلب من الحركة مزيدا من احترام إرادة الجماهير، وصون حقوقها وحرياتها، وخدمة مصالحها، بعيدا عن الفئوية والعشائرية، وبعيدا عن الأساليب الفوقية المنفرة-- التي تمارسها بعض القيادات أحيانا-- وعلى الحركة أيضا استخدام نفوذها بشكل قوي من اجل تصويب أداء السلطة، ودفعها لوضع سياسات تنحاز أكثر لمصالح الجماهير الشعبية.. وهنا يمكن الجزم بان حركة فتح ستكسب كثيرا فيما لو شرعت أبواب التحقيق في ملفات الفساد، وفيما لو أطيح ببعض الرؤوس من رموز الفساد.
إن قوة فتح هي بلا جدال قوة للتيار الوطني الديمقراطي.. وما توجيه النقد لفتح إلا من منطلق الغيرة عليها كحليف قوي-- ليس من اجل انجاز مهام مرحلة التحرر الوطني فحسب، وبل في معركة بناء أسس النظام السياسي الفلسطيني-- الذي نرى انه لابد أن يكون ديمقراطيا تعدديا، والنقد هنا يأتي من نفس الخندق الوطني، وليس من الخندق المعادي، الهادف للنيل من حركة فتح، ومثال ذلك النقد الذي نوجهه لطريقة معالجة السلطة وحركة فتح موضوع الصراع مع حركة حماس ( بعد إقدام الأخيرة على انقلابها العسكري في قطاع غزة )، فقد كان الجميع ينتظر من السلطة أن تبني نموذجا للحكم في مناطق الضفة الغربية، يكشف عورات ما تبنيه وتؤسس له حركة حماس في مناطق غزة، لكن الكثير من الإجراءات والممارسات الخاطئة التي مارستها السلطة، ( بالإضافة إلى تأخرها في تقديم انجازات تتلمسها الجماهير -- عدا ما أنجزته على صعيد الأمن الداخلي )، كل ذلك قد أسهم فعليا في تفويت الفرصة على إجراء هذه المقارنة وحرم التيار الوطني الديمقراطي-- جزئيا-- من استخدام ذلك في التأثير على وعي الجماهير، لاستمالتها استعدادا للانتخابات المبكرة القادمة..
مخيم الفارعة – نابلس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل