الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وردتنا الأسيرة.. ها يدي أرفعها كمئذنة

فرج بيرقدار
(Faraj Bayrakdar)

2008 / 1 / 3
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


من يصدِّق أن الدكتورة فداء الحوراني في السجن الآن؟!
من يصدق أن سوريا التاريخ والحضارة، قادرة اليوم على تحمُّل كل هذا العار الذي يهرش ماضيها وحاضرها ويسنُّ أنيابه على المستقبل؟!
ليتها كانت إشاعة أو كذبة سوداء أو بيضاء.
ليتها كانت غلطة عابرة قابلة للاعتذار وطلب الغفران.
للأسف لم يكن الأمر كذلك يا أصدقاء. لقد كان قراراً أمنياً أعمى البصيرة وأسود القلب والنوايا.

هل يعرف من اتخذ قرار اعتقالها أنها دكتورة بجد وليس بهزل؟
وأنها صارت رئيسة، للمجلس الوطني لإعلان دمشق، بانتخاب ديموقراطي حقيقي وليس باستفتاء؟
وأنها سليلة نضالات وطنية وديموقراطية أصيلة، ولهذا ظلَّت السيرة بريئة من الاستبداد والبطش والسجون والمجازر والفساد والخراب، وما إلى ذلك من لعنات شهدناها ولا نزال؟
وأنها في المحصلة أحد الرموز القليلة المتبقية القادرة على تمثُّل وتمثيل وحدتنا الوطنية؟
لكأن تلك الفضائل أو المزايا، التي تتحلى بها فداء الحوراني، هي بالضبط، حسب أعراف وهواجس الاستبداد، مثالبها وتُهمها الخطيرة التي استوجبت اعتقالها!

تُرى.. هل كان عليها لكي تنجو بنفسها، أن تدير المستشفى الذي تملكه، بنفس الطريقة التي يدار بها مستشفى المواساة أو المجتهد أو تشرين أو غيرها من تلك المستشفيات الحكومية والخاصة "المباركة" بانعدام الأخلاق المهنية وبرعاية مافيات أجهزة المخابرات وتجَّار الموت؟!
هل كان عليها أن تقول لزميلها رئيس الجمهورية: شكراً يا دكتور على كل ما فعلت وما لم تفعل مما يليق ولا يليق؟!
هل كان عليها أن تجلس في "الحرملك" ولا تتطاول على الرجال وأشباه الرجال؟!
أم كان عليها أن تتنازل عن أخلاقها وقيمها وتربيتها وتاريخها، لكي يصفح عنها "الأخ الأكبر" أو الأصغر؟!
ربما لم تتوقع فداء الحوراني أن يحدث ما حدث لها ولزملائها بالصورة التي حدثت.
أفترض أن عقلانيتها وأخلاقها ونواياها أصفى وأطهر وأعلى بكثير من أن تتوقع ذلك.
غير أني، رغم كل ما في القلب من وجيب، لا أخاف عليها من الإحساس بالندم أو الخيبة أو الخذلان.
ما أخشاه هو أن لا يحسن الشرفاء وأنصار الديموقراطية وحقوق الإنسان، داخلاً وخارجاً، الدفاع عنها وعن زملائها بالصورة المرجوة.
لا أطلب ولا أتوقع من أجهزة "الأمن" السورية أن تتحلَّى بأي قدر من النديَّة أو الحياء، ولا بأي قدر من الشرف والموضوعية، إذ لن ينضح الإناء إلا بما فيه.
أريد فقط أن أتساءل عما إذا كان زميلها الدكتور، "حماه الله من الديكتاتور"، يشعر بنوع من الخجل مما يحدث أم لا.

كثيراً ما تساءلتُ لماذا أختار أكرم الحوراني أن يعطي ابنته هذا الاسم: "فداء".
أهو محض تيمُّن بأبي الفداء، أم هي الرغبة في ترميز المعنى؟
لست أدري.. غير أني أعرف جيداً لماذا، بعد ذلك، سجَّلت دوائر النفوس السورية عشرات آلاف المواليد بهذا الاسم.

الدكتورة فداء الحوراني.. المحبوبة حقاً لا جوراً.
لك إخلاص ومحبة وصلوات الكثيرين ممن تعرفين ولا تعرفين.
لك الحرية التي تؤمنين بها، وتدافعين عنها من أجل الجميع.
ولك المستقبل الذي تنشدين بلاداً وأهلاً وأمنيات.
"وردتنا الأسيرة".. وردةَ الجميع.. وردةَ سوريا الغالية..
ها يدي أرفعها كمئذنة، لعل ظلالها تصل إلى زنزانتك، وتلقي عليك السلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟