الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتفاقية الجزائر... كي تحترم يجب ان تمر عبر طريق اخر

جاسم الحلفي

2008 / 1 / 4
دراسات وابحاث قانونية


لم يكن الجدل الذي اثاره تصريح السيد الرئيس جلال الطالباني في منتجع صلاح الدين قبل ايام، ولاحقا توضيحاته حول اتفاقية الجزائر والخلاف حولها، هو الاول من نوعه يطلقه مسؤول عراقي حول تلك الاتفاقية.
ذلك ان الخلاف حولها كان، ولايزال قائماً، ومنذ توقيعها في العاصمة الجزائرية يوم السادس من اذار عام 1975 بين النظامين العراقي والشاهنشاهي الايراني، ممثلين بصدام حسين حين كان نائبا لرئيس الجمهورية وشاه إيران محمد رضا بهلوي وبرعاية هواري بومدين الرئيس الجزائري انذاك.
النظامان اللذان وقعا الاتفاقية سقطا، واصبحا جزءا من الماضي. وبغض النظر عن طريقة سقوطهما، فانهما لم يمثلا الشعبين، العراقي والايراني، باي حال من الاحوال، بل انطلقا عند توقيع الاتفاقية المذكورة من مصالحهما الخاصة، وفي المقدمة من ذلك مصلحة بقائهما واستمرارهما على سدة الحكم. لم تتم استشارة الشعبين في عقدها، لعدم وجود اليات لسماع رأيهما في كلا النظامين. وهكذا يمكن تاكيد ان الاتفاقية جاءت لتحقيق المصالح الخاصة لكلا الطرفين، دون النظر لمصالح الشعبين الجارين. ففي الوقت الذي كان هدف نظام البكر – صدام، قمع الكفاح المسلح المتصاعد الذي تخوضه الحركة الكردية في سبيل الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان، كان هذا المطلب مطمح ممثلي الشعب الكردي انذاك، ومطمح الشعب العراقي باسره، والانتقال، من ثم، لتصفية الحركة الديمقراطية باسرها، ومن بينها حزبنا الشيوعي العراقي، وانهاء كل اشكال المعارضة والاحتجاج، والانفراد بالحكم، فيما كان هدف النظام الشاهنشاهي هو التمكن اكثر من السيطرة على المنطقة لاداء دوره كشرطي اقليمي لقمع اي تغييرات يمكن ان تحدث في المنطقة لمصالح شعوبها.

لقد طرأت على المنطقة منذ توقيع الاتفاقية لحد هذه الفترة احداث كبيرة. فقد ولى النظام الشاهنشاهي، وانهار نظام صدام حسين الذي مزق الاتفاقية في عام 1980، ثم اعلن عن قبولها في رسالة الى السيد هاشمي رفسنجاني عام 1990. وبين رفضه للاتفاقية وقبوله لها مرة اخرى، شن الحرب على ايران ليدخل البلدين في دوامة حرب التي لم يكسب فيها غير اعداء الشعبين الجارين، واما الخاسر الاكبر فيها فكان الشعبين الجارين المسالمين اللذين تكبدا مئات الاف القتلى والمعوقين والارامل والايتام، هذا غير الخراب الاقتصادي والاجتماعي الذي لحق بالبلدين من جراء تلك الحرب المدانة، وما تلا ذلك من اجتياح الكويت واستباحتها من قبل النظام المباد الذي مهد بهذا العمل الهمجي لاستقدام القوات الاجنبية الى المنطقة التي اجبرته وبمشاركة قوات عربية على الخروج من الكويت، ثم خضوعه وتوقيعه المذل على اتفاقية الاستسلام في خيمة صفوان.
لم تكن العوامل السياسية وحدها التي فعلت فعلها خلال العقود الثلاث المنصرمة بل ان الجغرافية كان لها دور ايضا. فالحدود بين البلدين كما رسمتها الاتفاقية عند خط التالوك في شط العرب، حيث تعتبر اعمق نقطة داخل الممر المائي، في مجرى النهر، ليست الآن كما كانت في زمن الاتفاقية، فقد انحرف النهر تجاه الأراضي العراقية نتيجة الترسبات وجرف اراضي ومزارع وغابات نخيل في الجانب العراقي.

الان وبعد كل التغيرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة، وبعد ان تأسس في كلا البلدين نظامان سياسيان، هما في كل الاحوال لا يشبهان النظامين اللذين وقعا الاتفاقية، لا بالشكل ولا بالجوهر، هل تبقى الاتفاقية كما هي؟ يجيب السيد محمد علي حسيني المتحدث باسم الخارجية الايرانية على ذلك بالقول(ان المعاهدات التي ترسم الحدود بين الدول- المعاهدات الحدودية- توجب حقوقا والتزامات بالنسبة للدول وهي ثابتة ولا تتغير وان قضايا مثل الحروب وتغيير الحكومات والتغييرات الأساسية في الأوضاع لا يمكنها ان تنقض الاتفاقيات الدولية).
لكنه يمكن القول ان مصلحة البلدين والشعبين الجارين وامن المنقطة وسلامتها تحتم اعادة النظر ببنود الاتفاقية عبر حوار شفاف وحريص ومسؤول، وبما يضمن حماية المصالح المشتركة ويؤسس لعلاقة يكون اساسها التعاون، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لكلا البلدين، وتنفذ استنادا الى مبدأ الوفاء بالعهود والمواثيق الدولية، فالعلاقات بين البلدين بحاجة الى تركيز حجر الاساس بما يضمن اقامة علاقات صداقة وطيدة.
وهذا يتطلب ايضا عرض الاتفاقية على مجلس النواب الذي ينبغي ان يقول كلمته بشأنها، ويضفي عليها مصادقته. فهذه هي الطريقة الوحيدة، التي تحفظ الحقوق وتؤكد الاحترام المتبادل، انها الطريقة القانونية و الدستورية التي تنطلق من الارادة السياسية للعراق، فكي تحترم الاتفاقية يجب ان تمر عبر هذا الطريق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر


.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم




.. الجزيرة ترصد معاناة النازحين من حي الشجاعة جراء العملية العس


.. طبيبة سودانية في مصر تقدم المساعدة الطبية والنفسية للاجئين م




.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع