الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بنازير بوتو:اختفاء يقلب الوقائع القادمة المفترضة

محمد سيد رصاص

2008 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


كان وقع(11أيلول)زلزالياً على المشهد السياسي الباكستاني،حيث انقلبت التحالفات التي كانت في السنتين الأوليتين من حكم الجنرال مُشرَف،لمَاكان متحالفاً مع الإسلاميين ضد حزبي نواز شريف وبنازير بوتو،إلى وضعية وجد فيها الجنرال الباكستاني نفسه مجبراً،من أجل البقاء وبالتأكيد من أجل مصالح جيو- سياسية تخص مكانة باكستان ودورها في عالم(القطب الواحد)،ليس فقط على التخلي عن حلفائه الاسلاميين المحليين،وإنما أيضاً على ترك (طالبان)أفغانستان يلقون مصير السقوط –بعد أن دعمتهم باكستان منذ قيامهم في عام 1994أثناء تولي السيدة بوتو لرئاسة الوزارة وبعد توليهم للسلطة في كابول منذ أيلول1996- أمام الغزو الأميركي لصالح قوى أفغانية،في(تحالف الشمال)،كانت حلفاء لخصوم اسلام آباد في موسكو وطهران ونيودلهي.
استطاع الجنرال مشرَف ،خلال السنوات الست الماضية،ممارسة فن البقاء في السلطة،ولو بصعوبة بالغة،وسط بحر مضطرب مليء بالخصوم من اليمين واليسار،معتمداً على دعم واشنطن،التي لاترى مصلحة في وصول الاسلاميين للسلطة في بلد يملك أسلحة نووية،وعلى مساندة الجيش،ورجال الأعمال،والمنشقين على حزب نواز شريف،أي(الرابطة الاسلامية)،وعلى أحزاب صغيرة،مثل(رابطة المهاجرين)،الذين يشكلون قوة معتبرة في اقليم السند،وهم من المهاجرين المسلمين من الهند في زمن تقسيم عام1947.
منذ الصيف الماضي،أصبح جلياً أن هناك استنفاذاً في القوى عند الجنرال الباكستاني للإستمرار وفق آليات وعوامل الوضع القائم،وخاصة بعد أحداث(المسجد الأحمر)،عندما وضح بأن(القاعدة)قد تحولت إلى لاعب محلي كبير،بعد مؤشرات غامضة سابقة على ضلوعها في محاولات الإغتيال العديدة،البادئة عام2002،للجنرال:إثر ذلك،تحركت الجهود الدولية للضغط على الحاكم الباكستاني من أجل توسيع قاعدة حكمه،عبر ايجاد معادلة بينه وبين السيدة بنازير بوتو،المقيمة في دبي ،والتي لم تُستنفذ قاعدتها الإجتماعية المحلية القوية،رغم النفي والأداء الرديء في فترتي توليها لرئاسة الوزراء(كانون أول88-آب90،تشرين أول93- تشرين ثاني96)واتهامات الفساد(لها ولزوجها)التي لاحقتها بالمنفى(البادىء عام1998أي قبل تولي الجنرال مشرَف للسلطة في تشرين أول99)وشاركت بها جهات دولية.
كانت تلك الضغوط تتجه بإتجاه انشاء وضع باكستاني يقوم على معادلة شبيهة بتلك المقامة في أنقرة منذ عام2002،بين مؤسسة عسكرية تمسك بالكثير من عناوين القرار في السياسة والأمن والإدارة والثقافة ومظاهر الحياة الاجتماعيةوبين حزب اسلامي معتدل أقرب لنزعة المحافظة الاجتماعية من قربه للإسلاميين يمسك زمامي الإقتصاد والسياسة الخارجية،كان عنوانها وهدفها ايجاد زواج سياسي بين الجنرال مشرَف والسيدة بوتو.
أثمر ذلك عن(اتفاق لندن)بين الطرفين في أواخر أيلول،الذي أصدر على إثره الرئيس الباكستاني(مرسوم5تشرين أول)،أي قبل يوم واحد من انتخابات الرئاسة،بالعفو عن كل الأحكام القضائية السابقة- وبإلغاء الدعاوى القائمة - ضد كل السياسيين السابقين،ماعدا رئيس الوزراء السابق نواز شريف،مع تعهد بالتخلي عن قيادة الجيش بعد القسم الرئاسي،وهو ماأدى إلى امتناع(حزب الشعب)عن معارضة انتخاب الجنرال لفترة رئاسية ثانية أومقاطعة جلسة المجمع الانتخابي( مكتفياً بالإمتناع عن التصويت)،الذي يضم الجمعية الوطنية والمجالس المحلية في أقاليم البلاد الأربعة،ماأدى إلى تأمين النصاب،رغماً عن مقاطعة حزب نواز شريف و(مجلس العمل الاسلامي)،الذي يضم القوى والأحزاب الاسلامية بقيادة زعيم(الجماعة الاسلامية)القاضي حسين أحمد.
أتت عودة بنازير بوتو من المنفى،في18تشرين أول ،على هذه الخلفية،لتستقبلها(القاعدة)بمحاولة اغتيال استهدفت موكبها أثناء توجهها للمنزل من المطار،فيماقام النافذون في جناح(الرابطة الاسلامية)،المشارك بالحكم،مع مؤشرات على اشتراك بعض جنرالات الجيش في ذلك،بمناورات كثيفة للقضاء على مفاعيل ذلك الإتفاق الثنائي،لسدِ طريق رئاسة الوزراء أمام بنازير بوتو،ماأثمر عن محاولة "انقلاب أبيض"،عبر فرض حالة الطوارىء في3تشرين الثاني،قبيل أسبوعين من القسم الرئاسي وخلع الجنرال مشرَف للبذلة العسكرية.
كان مشهد النصف الثاني من تشرين الثاني،والنصف الأول من كانون الأول،يشير إلى إعادة احياء(اتفاق لندن)،وهو ماقاد عملياً لتجميد حالة الطوارىء المعلنة،وإلى سير الأمور بإتجاه تقاسم السلطة بين الرئيس مشرَف وحزب السيدة بوتو بعد الإنتخابات للبرلمان والمجالس المحلية،وقد كانت كل المناورات،التي مارسها الرئيس وحلفائه المدنيين والعسكريين عبر السماح أخيراً بعودة نواز شريف للبلاد بعد منعه في أيلول وإعادته من المطار أوالتي مارستها السيدة الباكستانية عبر محاولة مد اليد للسيد شريف أوللقاضي حسين أحمد،من أجل تحسين شروطهما تحت خيمة تلك الصفقة،التي كان واضحاً أنها ستكون التتويج العملي لإنتخابات الثامن من كانون الثاني عام2008.
كانت مسارعة(القاعدة)لتبني عملية اغتيال السيدة بوتو،بعد ساعات من تنفيذها في يوم27كانون أول وهي المشهورة بالصمت عن عملياتها أوبتبنيها بعد سنوات مثلما حصل مع(11أيلول)،مؤشراً إلى ملحاحية هذا الهدف السياسي عند أسامة بن لادن وأيمن الظواهري،الذي قال بيان(القاعدة) بأنه أمر بتنفيذ الإغتيال منذ تشرين الأول الماضي ضد"الإحتياطي الأميركي الأثمن"،ماأدى إلى انقلاب المشهد السياسي ،الذي كان سائراً،وفق دينامية سلسة،نحو هدف (تقاسم السلطة)،لتأمين قاعدة اجتماعية قوية للوضع القائم بعد تحسينه وتدعيمه،أما تكذيب بعض الأطراف القريبة من"القاعدة"للبيان،أي طالبان باكستان،فلم يقنع الكثير من المراقبين خصوصاً أنه لم يصدر كالبيان المذكور عن تنظيم القاعدة نفسه.
إلى أين تتجه باكستان؟..............









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA