الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية الرئيس الامريكي والمأزق العربي الراهن

عبدالرحمن محمد النعيمي

2003 / 11 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


تتطور الاوضاع في المشرق العربي بدرجة خطيرة، من العراق الى سوريا الى المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر وغيرها من الدول التي تعاني من اشكاليات سياسية لم تتمكن للوقت الحاضر من ايجاد حلول سليمة لها.

ففي العراق تم استبدال الدكتاتورية بالاحتلال الاجنبي .. ولم يعد الامريكان يهتمون كثيراً بما يقوله قادة الاحزاب المنضوية في مجلس الحكم العراقي.. وانما يستمعون الى الضغط الاوربي والدولي المتصاعد ضدهم والذي يريد الحصول على المزيد من الكعكعة العراقية مستثمراً المأزق الامريكي المتصاعد من جراء تفاقم العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال.. ويصعدون من طلباتهم كلما تزايد عدد القتلى الامريكان وحلفاؤهم. وبالتالي فان الامريكان يغطسون أكثر في المستنقع العراقي.. ولديهم خياران يذكرنا بوضعيتهم في الستينات في الهند الصينية.. فمن الدعوة الى اشراك كافة دول العالم تحت مظلة الامم المتحدة بقوات لحفظ الامن في العراق او الاستمرار في عنجهية وغطرسة الدولة العظمى، بعدم الاعتراف بالمأزق وارسال المزيد من القوات الاميركية والحليفة الاساسية الى العراق لقمع الانتفاضة الشعبية والعسكرية المتصاعدة، وتهديد سوريا وايران (وقد تقوم اسرائيل بدور مخلب القط، فتشن الهجوم العسكري على سوريا وتنطلق من العراق لتدمير المفاعلات الذرية الايرانية حيث يقوم شارون حالياً بمهمات مزدوجية حيال المسألة الايرانية معتبراً ان ايران ـ كما تقول الولايات المتحدة الاميركية ـ تشكل تهديداً للسلام العالمي)!! ولن تنفع كل تصريحات وخطابات رئيس الولايات المتحدة حول العالم الأكثر أمناً والأكثر استقراراً بعد الاحتلال الامريكي للعراق.. فما نشاهده وما يلمسه العراقيون شيء آخر.
وفي العراق ايضاً تقدم الولايات المتحدة صورة عن الديمقراطية التي تريد.. اعادة تفكيك المجتمع العراقي الى مكوناته القومية والمذهبية واعتبار حقوق الاقليات والمذاهب حجر الزاوية في المسالة الديمقراطية، اضافة الى الغاء المؤسسة العسكرية العراقية باعتبارها تهديداً للكيان الصهيوني.. وبالتالي تقوم الديمقراطية الاميركية في العراق على التوازنات القومية والطائفية بدلاً من قيامها على المساواة بين ابناء العراق كما هو الحال في الولايات المتحدة او الدول الديمقراطية الحقيقية.

في منطقة الخليج والجزيرة ومصر وسوريا وغيرها.. فان الديمقراطية تعني ايقاف الدعم السياسي والاعلامي والمالي عن المنظمات الكفاحية والجهادية اللبنانية والفلسطينية (وهذا هو سر الرقابة الامريكية المكثفة على الجمعيات الخيرية والتحويلات البنكية) واعتبار العلاقة مع الكيان الصهيوني والتطبيع شعبياً بما يتطلبه ذلك من اعادة تركيب للوعي الشعبي التاريخي .. المطلب الامريكي الاساسي من هذه الدول بما فيها مصر التي يتزايد الرفض الشعبي والعزوف الرسمي عن التعاطي الايجابي مع حكومة شارون.. وتحسين اوضاع الانظمة الحليفة والثناء على كل مناورة تقوم بها للالتفاف على المطالب الشعبية في المشاركة الحقيقية في صنع القرار السياسي.

الا ان الاشكالية التي تطرحها ادارة بوش هي اشكالية حقيقية في المنطقة العربية.. وهي اشكالية الديمقراطية وحقوق الانسان وتداول السلطة والانتقال من دولة الحزب الواحد او الزعيم الاوحد او الاسرة الحاكمة الى دول ديمقراطية سواء كانت ملكيات دستورية او جمهوريات ديمقراطية.

ويبدو واضحاً ان المثقفين العرب والحركة الديمقراطية العربية عموماً يقعون بين نارين.. نار الارتباط بالعدو القومي وهو الولايات المتحدة او نار الارتباط بالانظمة المحلية المعادية لهم والتي ذاقوا ويذوقون الامرين منها.. والتي تتحدث عن الخطر الخارجي وضرورة وقوف كل الشعب الى جانب السلطة المحلية لدرء الخطر الخارجي..وهو حديث مكرر باستمرار.

الا ان العديد من القوى الديمقراطية والشخصيات المعادية للعولمة الاميركية المتوحشة ترى أن عليها ان تتقدم بطرح برنامجها الديمقراطي المتمثل في الاصلاح السياسي الشامل وما يتطلبه من ضرورة الدخول في حوار مع النظام لمعالجة كافة اوجه الخلل في البناء السياسي والاقتصادي والتعليمي والاداري بما يضمن تلبية احتياجات المجتمع وتماسكه وتمتين لحمة الوحدة الوطنية والتخلي عن السياسات الخاطئة التي اثبتت السنوات الماضية عقمها.. وبالتالي اجراء تحول تاريخي في مسيرة الانظمة يحفظ مكانة البعض ويترك المجال امام القوى الاجتماعية الفاعلة في المجتمع ان تحتل الموقع الذي تستحقه.

 ان الموقف السلبي المطلق من الدعوات الاميركية لدمقرطة المنطقة غير مجدية، دون توجه حقيقي وصادق للاصلاحات السياسية المنشودة،  حيث ستجد دعوات الولايات المتحدة استجابة من قبل قطاعات شعبية وسياسية تعاني الامرين من ظلم الانظمة غير الديمقراطية. ولا يمكن تجنب شرور الامريكان دون الوصول الى قواسم مشتركة بين كافة مكونات المجتمع بحيث يتم الحفاظ على سيادة واستقلال البلاد لقاء التخلي البعض عن بعض الامتيازات التي يتمتع بها نفر قليل من الحزب الحاكم او الاسر الحاكمة.

ورحم الله من اعتبر بغيره.

كنعان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|