الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهام عارضة .. علم من أعلام الثقافة الفلسطينية

باسم الهيجاوي

2008 / 1 / 6
الادب والفن



الأديبة الراحلة سهام عارضه علمٌ من أعلام الثقافة الفلسطينية .. وإحدى دعائم الأدب النسائي في فلسطين .. استقت تجربتها وتفاعلت معها من خلال تفاعلها الاجتماعي وتجاربها الهامة في حياة المجتمع الفلسطيني .. مما جعلها شخصية رائعة وأنموذجاً حياً لشخصية المرأة الفلسطينية .. التي تدرك أن النضال أصعدة .. وأولها البقاء على هذه الأرض رغم كل الظروف .

وكان لمكانتها الاجتماعية .. دوراً بارزاً .. انعكس جلياً على شخصيتها الأدبية .. وتفاعلت معه معبرة عن حالة عطاء دامت نحو أربعة عقود من الزمن .. دون كلل ولا ملل .. فكانت مثالاً حقيقياً للعطاء الإنساني المتمازج مع الرؤى الوطنية الفلسطينية التي يحتاجها المجتمع .. خاصة أولئك المهتمون بالاتجاه الثقافي والأدبي .. والذين يدركون بوضوح .. أن مثل هذا العطاء لا يصدر حين يصدر إلا عن شخصية متمكنة من أدواتها التوعوية والمعرفية .. ويؤكدون .. بحميمية .. صدق ونضج تلك التجربة التي يتمازج فيها الشخصي بالأدبي .
*
الأديبة الراحلة سهام عارضة .. عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين .. بدأت كتابتها الأدبية في المرحلة الثانوية من دراستها .. ونشرت العديد من القصص والقصائد والخواطر في الصحف والمجلات المحلية ..
صدرت لها مجموعة أعمال أدبية .. منها :
ـ جمل المحامل ، وهي مجموعة قصص قصيرة ، صدرت في جنين عام 1993م .
ـ خذوني ببركم ، مسرحيه ، صدرت في جنين عام 1993م .
ـ ثلاث مسرحيات تربوية ، صدرت في جنين عام 1993م .
ـ الرؤيا ـ مسرحيه صدرت في جنين عام 1994م .
ـ كلمات من ذاكره سجين ـ شعر .
ـ رواية البيت الأبيض التي صدرت عن المركز الفلسطيني للثقافة والإعلام في جنين في العام 2001م .
ولها مجموعة من المخطوطات التي كانت في طريقها للنور ، منها :
حريصة ـ مسرحيه ، صانعوا التاريخ : مسرحيات تربوية ، سوانح وذكريات : خواطر ومقالات .
شاركت المرحومة في العديد من الأنشطة والفعاليات الأدبية والثقافية .. من أهمها :
ـ مهرجان الشعر الفلسطيني في بيت لحم عام 1996م .
ـ ومهرجان مرج ابن عامر للثقافة والفنون عام 1998م .



ومن أهم ما يميز تلك الأعمال ..

ـ المنطق الشكلاني في اشتغال اللغة مع الخطاب الشعري والقصصي .
ـ آلية الخطاب اللغوي الذي ينقل المفردة إلى شكلها الحي مستمداً ومرتبطاً بالهم الاجتماعي .
ـ بروز الخطاب الثقافي المؤرخ من خلال مضامين تتعاطى الواقع لتصوره عبر نشاط لغوي .. تنظمه مضامين قابلة للصياغة الأدبية كما في رواية البيت الأبيض .
ـ إضافة إلى قدرة الأديبة الراحلة في توظيف المضامين السياسية والدينية والفلكلورية في بنية اللغة الواقعية .
*
أذكر ذات أمسية .. أنها اطلعت على قصيدتي قبل أن أقدمها للحضور .. فاستوقفتها كلمة نابية أشارت علي باستبدالها ففعلت .. كانت رحمها الله .. تأبى أن تدخل المفردة النابية إلى قاموس الشاعر والأديب .. مع أن المرحلة نابية .. ولا يعبر عنها إلا بما تستحق .

*
حين يتحدث الباحث في سيرة أدبية أو إبداعية لشاعر أو لقاص .. عادة ما يبحث عن مجمل العلائق التي تبحث في أنسنة النص .. وعن الدلالات التي تسير باتجاه مفهوم العالمية لديه .. وعن نوافذ انفتاحه على الثقافات الانسانية الأخرى .. وعلى حضور الآخر في ثقافته .. غير أنني أرى .. وعلى الرغم من أهمية مثل تلك المفاهيم في الأدب الحديث .. أرى أن التصاق الأديب في الخطاب المحلي أكبر قدراً من اقتصاره على مفهوم العالمية .. على الرغم .. كما أسلفت .. من أهمية أنسنة الأدب والانفتاح على ثقافة الآخر .. بما يحمل من فضيلة وإبداع .. غير أن الخطاب التوريثي المنبثق من مجمل العلائق والمؤثرات المحلية الواقعية اللصيقة التي تنعكس على مكنونات النفس .. وبالتالي التعبير عن مجريات الحياة الداخلية .. التي تتمكن من ترجمة الانفعالات حسب المؤثرات الخارجية..فتتشكل طاقة اللغة المنسجمة مع ما يتطلبه الانفعال من ارتباطات .

وحين أتحدث عن قامة أدبية .. كقامة الأديبة الراحلة سهام عارضة .. أجد أن العلائق الأدبية المتواترة داخل نصوصها .. كانت واثقة ومتينة بين المعرفة المستمدة من حضور واقعي .. وبين اللغة التي كانت تتشكل حية في قدرتها على صنع أفقٍ ثريٍ بالإبداع .. مما يشكل بالتالي نسيجاً متماسكاً في البناء المحلي للنص .
ثم إن التركيب السهل للمفردات اللغوية .. يصنع من القصيدة لديها سهلاً ممتنعاً .. يوحي بوضوح عمق الفكرة للمتلقي .. بعيداً عن التعقيدات التي باتت تتصف بها معظم النتاجات الأدبية الحديثة .. تحت مفهوم ما يسمى : المعنى في بطن الشاعر .
*
المتمعن في قراءة لغة سهام عارضة الشعرية .. لا بد أن تستوقفه ثلاث أنماط تتشكل من تضافر القصيدة لديها ..

أولها .. نمط التفصيل داخل النص .. حيث تلخيص الحقائق بمفاهيم جلية وواضحة وسلسة تميز هذا الأداء الشعري .

وثانيها .. الجزئيات المتداخلة في النص .. والتي تجعل من البناء الشعري للقصيدة بناء متماسكاً يقلل من حدة الفراغ الذي نلمسه لدى العديد من الشعراء ..

وثالثها .. النمط الفني .. حيث نجد النص مقسماً وموزعاً على مجموعة صور ولوحات فنية تحمل الدلالات الإيحائية لطبيعة الفكرة .

بالمجمل .. حين نلجُ إلى عالم سهام عارضه الأدبي .. التي تعتبرُ من أهم رائداتِ الأدب النسائي الفلسطيني .. نلمسُ الجماليةَ الفنيةَ في تلمسِ مستوى الإبداعِ الأدبي لديها .. في لغةٍ متفطنةٍ غير منتهيةِ الدلالات .. وهي لا تقلُ جزالةً في أدبياتِ الشعرِ والكتابةِ النثريةِ عما تطرحُهُ في أدبيات العملِ القصصيِ والروائي ..

وفي هذه المناسبة .. أدعو مديرية التربية والتعليم .. وبالتضافر مع بلدية جنين ومكتب وزارة الثقافة في المحافظة .. إلى استحداث جائزةٍ سنوية .. تحمل عنوان : جائزة سهام عارضة الأدبية للقصة القصيرة .. لعلنا من خلال ذلك .. نرقى إلى مستوى تكريم هذه الأديبة المبدعة .. وأيضاً نبادر إلى الأخذ بأيدي الطلاب والطالبات في استنهاض مكنوناتهم الأدبية .

باسم الهيجاوي
30 كانون أول 2007م
________________________________
* ألقيت هذه الدراسة المقتضبة في حفل تأبين الأديبة الراحلة سهام عارضه في قاعة مدرسة بنات جنين الثانوية يوم الاثنين 31 كانون أول 2007م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05