الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالتي إلى اليسار الديمقراطي الفلسطيني!!!

حلمي الفرا

2008 / 1 / 5
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


من يسـأل عن اليسار الديمقراطي الفلسطيني يجد أنه يعبر عن تيار وبرنامج يجمع قوى الحداثة الليبرالية، وأنه المُحدد في التحرر والاستقلال والتنمية ودولة القانون والمؤسسات المدنية الحديثة، التي تعمل على التخلص من الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الصهيوني والتخلف وخلق المجتمع المتمدن، انطلاقاً من القناعة والحاجة الموضوعية للاسنتهاض الوطني عبر ائتلاق وطني واسع، ونحو التحول الى تيار مؤثر في الساحة السياسية، يبدأ من ترسيم قوانين موضوعية لأزمة المؤسسات الديمقراطية والتمثيبلية الفعلية.

إن مقاربة البرامج ليست هي الحل لمسألة توازن قوى التحالفات اليسارية، لأن الحل يكمن في استعادة العقل لمكانته الكبيرة في التنوير والحشد ونثر بذوره، كخطوة على طريق انتصار العقلانية في المجتمع، وانتصار سلطة القانون ومؤسساته، ومع تنامي الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان، على اعتبار أن المواطن هو الذي كان ولا يزال المخزون الاستراتيجي والقوة الحقيقية لإعمار البلاد التي دب فيها الخراب، لأنه في النهاية إنسان، أوصت به شرائع الأرض والسماء، وأوصته هو أن يكون مهماز خير وتغيير، في سبيل الجماعة.

ولعل اليسار بتوجهه العام، كان منذ بداياته عالميا الأقدر على استيعاب المعنى الذي نتحدث فيه اليوم، أكثر من غيره من التيارات السياسية الأخرى، وذلك لأنه أي اليسار، كان جيوسياسي التوجه، ولهذا سدد ضرائب عدة، طوال مسيرته، ثمنا لانحيازه للمجتمعات الإنسانية.

إن اليسار الفلسطيني الذي يعيش أزمة كما لا يجادل عاقل عاقلا على هذا، بات على محك كبير، تقتضي الإجابة على تساؤلات خطرة، ما دمنا نسمع يوميا تصريحات تستحق أن نتوقف عند حدودها. ولنا في المبادرة الوطنية الفلسطينية مستهل ملفت، وذلك حينما صرح أمينها العام، الدكتور مصطفى البرغوثي في أحدث اللقاءات الصحفية قائلا: أن الحل للمشكلة الداخلية الفلسطينية القائمة، هو انتخابات مبكرة. وهو بذلك يتفق مع مواقف لجهات يسارية فلسطينية أخرى، فالسيد عبد الرحيم ملوح القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وبسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني. وكذلك الجبهة الديمقراطية، وأطراف أخرى لها علاقة باليسار، دعوا جميعا وفي أكثر موقف سياسي سابق، إلى عقد الانتخابات المبكرة كحل للأزمة القائمة، ولكن تصطدم بصخرة الثيوقراط الذين يرفضون ذلك شكلا وموضوعا. على اعتبار أن عامين شرعيين لسلطة الإزاحة والإحلال الحمساوية، قد بقيت كاستحقاق، لا بد من الوفاء بشرطه الزمني الكامل، معللين ذلك بشرعية صندوق الانتخابات، الذي أعطاهم فرصة التسلط باعتلاء كرسي السلطة.

وأمام التراجيديا الفلسطينية المتشاكلة على كل الصعد، نسأل بالفم الملآن: ماذا فعل اليسار الديمقراطي الفلسطيني لكي يُثبت أنه بديل ومحور فاعل من محاور الخارطة السياسية والاجتماعية الفلسطينية؟ وإذا ما افترضنا أن القوم قد قبلوا بالانتخابات المبكرة استجابة لدعوات الجميع، فماذا أعد اليسار الديمقراطي الفلسطيني مجتمعا كي يثبت وجوده فيها؟! أعتقد وبكل أسف موجع، أنه لم يفعل شيئا سوى ملاحقة تصريحاته على قنوات التلفزيون، وتكايا المواقع الالكترونية، والصفحات الداخلية للجرائد. فالجماعة نائمون. فلماذا كل هذه الدعوات والمطالبات بالانتخابات المبكرة، هل هي لفض إشكال بين "فتح" و"حماس" مثلا، وتثبيت واقع تصالحي تقوده أيضا ثنائية القطب، على حساب كل اليسار الوطني الفلسطيني، المؤمن أكثر من غيره بحكم قواعد أرستها تجربة الآباء وليس الأبناء، بضرورات الديمقراطية.

فالمعنى في قلب الشاعر اليساري الركيك بلفظه، يقول وبطريقة غير مباشرة، ليرجع الحال على ما كان عليه في زمان سلطة "فتح"، ولنعارض فسادها ومفاوضاتها ونطالب بالتغيير الديمقراطي!! هذا هو حالهم.

أيها اليساريون والديمقراطيون الفلسطينيون عموما، من الآن فصاعداً أنتم مطالبون أن تقفوا أمام الجماهير وأمام كل الناس لاسيما المضطهدين والفقراء والعمال منهم، لتجيبوا على أسئلتهم وتنشطوا، فهل أعددتم قرباناً صادقا للتقرب منهم؟ ولماذا لا تجتمعوا في حركة ديمقراطية سياسية اجتماعية عريضة وموحدة، على قاعدة برنامج، يلتفت من أساس تكوينه لقضايا الشعب بكافة فئاته وشرائحه.

على اليسار أن يجيب على أسئلة المثققين الذين يؤمنون بفلسفتهم، تلك الفلسفة التي تنحاز لصالح الطبقات الفقيرة بكل وضوح وشفافية. وعلى اليسار أيضا أن يبحث في سبل التوصل إلى الآلية، التي توحد كل اليساريين والديمقراطيين وجماهيرهم في حركة ديمقراطية واحدة، محمية من الانشطار والتشظي مستقبلا، تتمتع ببرنامج مقنع يلتفت جدياً لقضايا الناس الذين قهرهم سوء الحال، فلا حاجة الآن للتمترس كالصنم الصم، في واقع شعارات سياسية لم يعد يقتنع بها أحد. قد تكون هشاشة تمثيل اليسار الديمقراطي في الشارع الفلسطيني، نابعة عن ضعف المرجعية الفكرية التي يستند إليها، والتي هي بحاجة على حالة تشريع فلسفي جديد، يكون قادرا على الوصول لكل الناس.

أعتقد جازما أن الوقت ما زال فيه متسع، يستطيع فيه اليسار استغلال اللقاءات الموسعة والفورية، لقوى اليسار والديمقراطية، للاتفاق على خيارات لتكوين بديل فلسطيني حقيقي، يملك فرصا معقولة، ولو لإثبات وجود منطقي غير مدعاة للتهكم، للتيار الديمقراطي على الساحة الفلسطينية، فالمطلوب بدايةً خطوات عمل جادة ليس أكثر، فهل سيتحرك أحد؟

ورحم الله من قال: العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاُ يثقله ولا ينفعه!!!

* الكاتب فلسطيني يُقيم مؤقتاً في الأردن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلبة محتجون في نيويورك يغلقون أكبر شوارع المدينة تضامنا مع غ


.. Peace Treaties - To Your Left: Palestine | معاهدات السلام -




.. اشتباكات عنيفة واعتقال عدد من المتظاهرين المؤيدين لغزة قرب م


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين حاولوا اقتحام الـ-م




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة أحمد الديين خلال الوقفة التضا