الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرقة 17 خانت بغداد

باقر ابراهيم

2003 / 11 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 هيأت الادارة الامريكية مسبقا، كل متطلبات غزو العراق. وفي استعدادتها العسكرية، جهزت 16 فرقة في الجيش الامريكي، مع مشاركة بريطانية فعالة.
في الجانب الاخر، فقد هيأ الغزاة الفرقة 17 العراقية، تدعم غزوهم سياسيا وفكريا، لوجستيا، وحتي عسكريا. وحديث مقالتي يتناول دور الفرقة 17 في غزو العراق.
يذهل البعض عند ملاحظة ظاهرة كثرة السياسيين والمثقفين الذين طلقوا الوطنية طلاقا لا رجعة فيه، وانخرطوا في اداء المهمات المرتبطة بالغزو الامريكي لبلادهم، باسم تحريرها من الدكتاتورية.
لابد من العودة قليلا الي الوراء لدراسة هذه الظاهرة. فالاجهزة الفاعلة لدي الطغمة الامبريالية التي تقود الولايات المتحدة الامريكية، حرصت علي اعداد وسط مناسب ممن سيروجون لفكرها الاحتلالي، باسم التحرير من طغيان الدكتاتورية، وممن بشروا بربيع بغداد القادم تحت ظلال الاحتلال.
اذا كان الفكر والثقافة، وما يزالان، مصدرا اساسيا لقوي التحرير والتغيير في العراق، فان موجهي سياسة الامبراطورية الامريكية، ابدوا اهتماما كبيرا لاجراء مصالحة تاريخية مع ستة احزاب عراقية، عرفت بماضيها الوطني، ومع فئة من حملة الفكر والثقافة والخبرة التكنولوجية.
كان اهم ركن في المخطط الامريكي لغزو العراق، هو استخدام السخط الشعبي العميق علي مظالم الدكتاتورية، وعلي ضحاياها ومقابرها الجماعية، واستخدام الرغبة الشعبية الطامحة لاقامة المجتمع المدني الآمن، الذي يخدم حقوق الانسان، كاشارات المرور لمسيرة انخراط احزاب ومثقفين وسياسيين، في ذلك المخطط المعد بدقة.
ولكن، بما عرف عن هذه الامبراطورية الامريكية، من وقاحة وشراسة واستهتار بكل القيم السياسية والدبلوماسية، فان قادتها لم يتورعوا حتي عن اهانة واحراج احزابهم ومثقفيهم، وخاصة حينما عينوا لكل وزارة عراقية، وقبل ان يتسلمها وزير عراقي، مستشارا امريكيا، او من تحالفهم، هو الفاعل الحقيقي فيها.
وقد نشر في الصحف، ان 75% من هؤلاء المستشارين هم من اليهود.
اذ يبدو انه لا مانع من ان يكون هذا الاستهتار بالقيم والاصول، سببا لبعض الاحراج للمتعاونين معهم، احزابا وحملة ثقافة وتكنولوجيا.
وهكذا يعود مجلسهم الحاكم، ومن اسموهم بالوزراء العراقيين، الي حالة هي اكثر تعاسة من وصف شاعر الوطنية العراقية، معروف الرصافي، للمستشارين الانكليز في الوزارات العراقية بالامس، حينما قال:
المستشار هو الذي شرب الطلا
فعلام يا هذا الوزير تعربد؟
لغرض تعزيز وتزويق تعاونهم مع الغزاة، صور اركان الفرقة 17، الذئب الامريكي، حملا وديعا، يريد للعراق الديمقراطية والاعمار. ولغرض تعرية كذبهم، فانا افضل الاستشهاد برأي ممثل عن الشعب الامريكي وليس بسواه.
صرح نورمان ميللر، احد ابرز الروائيين الامريكيين في لقاء مع مجلة دير شبيغل الالمانية الصادرة في 19/9/2003 بما يلي: لقد توجب علينا ان نحرر العراق من طاغية عذب شعبه ونكل به بشكل مريع، والمجلات ممتلئة بقصص مرعبة عن اناس عراقيين جرت تصفيتهم بشكل مرعب. ولكننا لا نعير اعتبارا الي اننا نحمل الذئب نفسه وبشكل ساخر وشاذ.. الان نحن نتصرف كما لو اننا انقذنا هؤلاء الناس من الارهاب.. لا يوجد سبب يدفعنا لان نبارك انفسنا بالبخور، ليست امريكا بلادا نبيلة ومقدسة.. بالنسبة لعدد كبير من المسؤولين في ادارة بوش، تتعلق المسألة بهيمنة امريكا علي الشرق الادني.. وفي النهاية بما يسمي بنظام امبريالي جديد" .

ابتهج قادة الفرقة 17، من احزاب وسياسيين ومثقفين، حينما شنت، في العشرين من اذار 2003 الولايات المتحدة وبريطانيا، الحرب علي العراق. لكن هذه التي تسمي حربا كانت مجرد عمليات تدمير من بعيد في الغالب وبالدرجة الاساسية وهذا ما وصفه الاستاذ محمد حسنين هيكل في جريدة السفير في 1/7/2003 حين قال عن الحروب الامريكية الحديثة: ان الحروب اصبحت ومضات واشارات علي الشاشات، تضيء وتبرق دون ان تظهر للعيان مأساة الحياة والموت. وبذلك فان الطابع البشري للحرب شحب وغاب لان قيادات الجيوش راحت تمارس القتل من بعد مئات الاميال وآلافها" .
في 9 نيسان، قالوا ان بغداد سقطت، وفرحوا بالسقوط. لكن الطابع البشري للحرب الجديدة، بدأ يتضح اكثر، في جانب المعتدين، بعد ذلك التاريخ اذ تجري هذه الحرب اليوم، ليس في المثلث البطولي وحده، بل في كل العراق. وهي احيت مأثرة الارادة البشرية العراقية، وبرهنت علي سقوط التكنولوجيا الحربية المدمرة الامريكية، امام الارادة البشرية المتوثبة.
عام 1936 هاجمت مدريد، اربعة طوابير عسكرية، اعدت خارجها لاسقاط نظام اسبانيا الشعبي. وداخل مدريد، كان ثمة طابور خامس مهييء للمساندة والمشاركة. ومن هنا جاءت تسمية الطابور الخامس .
المغني الزنجي الامريكي بول روبسون غني لاسبانيا وقال: الجنرالات الاربعة خانوك كلهم يا مدريد.. سنثأر لدموعك الحزينة يا مدريد . وامتدت ديكتاتورية فرانكو فيها عقودا.
في العراق، اقلية رحبت بالاحتلال، ثم راح الرفض العراقي له، ومقاومته يتسعان ويعمان الوطن المغدور. وفي الرفض والمقاومة، تبتكر كل ضروب القتال والمواجهات الشعبية.
ليست اكذوبة نقل السطة الي العراقيين ، بل المقاومة والرفض، هما اللذان يحملان الجندي الامريكي ومعه عائلته وشعبه، علي المطالبة بالعودة الي بلادهم.
اما الذين يصرون علي بقاء الاحتلال، او تزويق صورته البشعة، فهم سادة البيت الابيض واركان الفرقة 17.
الرفض والمقاومة للاحتلال، هما، وليس الحوار الخائب مع المحتل، الذي يدعيه اركان الفرقة 17، ما ينعش الامل العراقي بالخلاص من كابوس الاحتلال، ومن عودة الدكتاتورية ايضا.
مع رفض الاحتلال، ينتعش الامل بالامن وبالديمقراطية وبالمستقبل الافضل. وبه ينتعش الامل العربي والاسلامي، بالنهوض المؤمل.
كاتب من العراق يقيم في السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يمكن قراءة تصريحات بايدن حول اعترافه لأول مرة بقتل قنابل


.. بايدن: القنابل التي قدمتها أمريكا وأوقفتها الآن استخدمت في ق




.. الشعلة الأولمبية.. الرئيس ماكرون يرغب في حقه من النجاح • فرا


.. بايدن: أعمل مع الدول العربية المستعدة للمساعدة في الانتقال ل




.. مشاهد من حريق ضخم اندلع في مصنع لمحطات شحن السيارات الكهربائ