الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع اطلالة العام الجديد: هل من جديد في استراتيجية العدوان والافقار والتمييز القومي الاسرائيلية؟

احمد سعد

2008 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


* القضية الاساسية التي تشغل المكانة الاولى في سلم اهتمامات الرأي العام الاسرائيلي والعربي وحتى العالمي، هي غياب السلام والاستقرار والامن في الشرق الاوسط بسبب العدوانية الاسرائيلية المدعومة بالمساندة الامبريالية الامريكية سياسيا وعسكريا واقتصاديا *
لسنا من انصار من ينظرون الى مسار التطور واحداثه المرتقبة عبر النظارة السوداء التشاؤمية، ولا ننهرق بالطوش على شبر ماء في تقييم ما يدور حولنا وما يواجهنا من احداث وظواهر متغيرات يفرزها الواقع المتغير. كنا ولا نزال وسنبقى من المشحونين بالتفاؤل الواعي انطلاقا من مقولة الواقع ومعطياته الحقيقية التي تؤكد "ان بقاء الحال من المحال". ورغم تفاؤلنا الواعي فإننا غير متفائلين من ما تطرحه حكومة اولمرت – براك – ليبرمان من استراتيجية للتطور في العام الفين وثمانية، وخاصة من النتائج السياسية والاقتصادية والاجتماعية المرتقبة لهذه الاستراتيجية.
ان القضية الاساسية التي تشغل المكانة الاولى في سلم اهتمامات الرأي العام الاسرائيلي والعربي وحتى العالمي، هي غياب السلام والاستقرار والامن في الشرق الاوسط بسبب العدوانية الاسرائيلية المدعومة بالمساندة الامبريالية الامريكية سياسيا وعسكريا واقتصاديا، واحتلال اسرائيل للمناطق الفلسطينية والسورية المحتلة منذ اربعين سنة وتنكّر حكومات اسرائيل منذ النكبة الفلسطينية في الثمانية والاربعين. وخلال ستين سنة مضت لحق تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني، لحقه في الحرية والاستقلال الوطني، لحقه في الدولة وعاصمتها القدس الشرقية وحق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية.
قبل توديع العام الفين وسبعة بأقل من شهرين "بشرنا" رسول عولمة ارهاب الدولة الامريكية المنظم، الامبراطور جورج دبليو بوش، انه سيجسد رؤيته باقامة الدولتين – اسرائيل وفلسطين – حتى نهاية العام الفين وثمانية، وتقمص بوش واختزل دور الشرعية الدولية بقيامه باحتكار الدعوة لمؤتمر انابوليس الدولي بحضور دولي واسع شمل مشاركة ستة عشر نظاما عربيا واعضاء مجلس الامن الدولي ومن مختلف البلدان الاسلامية والاوروبية والافريقية. وجرى التهليل لهذا المؤتمر بانه انطلاقة لمحادثات مباشرة اسرائيلية – فلسطينية حول الحل الدائم والنهائي الذي سينتهي التفاوض حوله باقامة الدولة الفلسطينية بجانب اسرائيل في نهاية العام الفين وثمانية! ولم نتفاءل او نستبشر خيرا من الموقفين الاسرائيلي والامريكي او من ان مؤتمر انابوليس سيقود الى تجسيد ثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية وبناء قواعد السلام العادل، الشامل والثابت في المنطقة. وبمرور اكثر من شهرين على عقد مؤتمر انابوليس يتضح اليوم اكثر الاهداف الاستراتيجية الحقيقية التي رسمها ويتوخاها التحالف الاستراتيجي الامريكي – الاسرائيلي من وراء هذا المؤتمر، والتي يمكن ايجازها بما يلي: اولا، التوصل الى اتفاق اسرائيلي – فلسطيني برعاية الادارة الامريكية حول اقامة كيان فلسطيني مقطّع الاوصال يطلق عليه جزافا اسم دولة ويجسد هذا الكيان ما جاء في رسالة الضمانات التي قدمها بوش الى رئيس حكومة اسرائيل في نيسان الفين واربعة، فبموجب هذه الضمانات الامريكية تشرعن ادارة بوش ضم الكتل الاستيطانية بما فيها القدس الشرقية وغور الاردن الى اسرائيل مع السماح "بفاتيكان ديني" مقزّم تحت السيادة الدينية للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية، وان يكون جدار الضم والفصل العنصري الحدود السياسية لاسرائيل مع الكيان الفلسطيني المرتقب، وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين!! وجرائم اسرائيل التي تمارسها بتصعيد الاستيطان في القدس الشرقية وضواحيها من الجنوب والشرق، ومواصلة تصعيد اعمال القصف والقتل والاغتيالات والاجتياحات والهدم والتدمير وفرض الحصار الاقتصادي والتجويعي على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة يعكس حقيقة انه لا يوجد في برنامج همج البشر من المحتلين الاسرائيليين خطة استراتيجية للسلام العادل مع الفلسطينين. ثانيا: ان نجاح واشنطن في التوصل الى صفقة "سلام امريكي" بين الفلسطينيين واسرائيل يفتح الباب لنجاح التحالف الاستراتيجي باقامة "الشرق الاوسط الكبير" كإطار لتطبيع العلاقات والتحالف بين الانظمة العربية في المشرق والمغرب العربيين وبين اسرائيل وتركيا وتحت المظلة الامريكية. وسيكون لهذا التحالف التطبيعي الاسرائيلي – الامبريالي – العربي المدجن امريكيا انياب عسكرية عدوانية للانقضاض على كل نظام او قوة تقف في طريق عرقلة استراتيجية الهيمنة الامريكية في المنطقة او تهديد مصالح احتكاراتها النفطية. فمن يريد السلام في المنطقة لا يعبّئ المخزون الاحتياطي والترسانة العسكرية الاسرائيلية بمنظومات اسلحة عصرية امريكية من صواريخ وقاذفات وطائرات بثلاثين مليار دولار امريكي او حوالي مئة وثلاثين مليار شاقل اسرائيلي. والواقع انه في اطار "الشرق الاوسط الكبير" يخصص لاسرائيل موقع ودور المخفر الاستراتيجي الامريكي، مخلب القط العدواني ضد لبنان وسوريا وحزب الله وكل شعب او قوة ترفض استراتيجية الهيمنة الاسرا – امريكية.
ان نظاما يخصص للأتون العسكري، لميزانية الامن (الميزانية المباشرة) مئة مليار شاقل اضافة الى 130 مليار شاقل امريكي من الادارة الامريكية لتعزيز الطاقة العسكرية التي واجهت ضربة موجعة على ايدي المقاومة اللبنانية، وحوالي خمسة مليارات لتكثيف الاستيطان وبناء جدار الضم والعزل العنصري في الضفة الغربية المحتلة، وحوالي اربعة الى خمسة مليارات شاقل لعمليات الاستيطان والتهويد داخل اسرائيل، في النقب والجليل، ان نظاما ينفق مثل هذه الاموال الطائلة لتمويل سياسته العدوانية فانه من الطبيعي ان لا يطرح في موازنة العام الجديد معالجة القضيتين الملتهبتين، قضيتي الفقر والبطالة في ظل سياسة توسيع وتعميق فجوات التقاطب الاجتماعي بين الاغنياء والفقراء الثمار الأمرّ من العلقم للسياسة الاقتصادية الاجتماعية النيولبرالية التي تنتهجها حكومات اسرائيل المتعاقبة في الخمس عشرة سنة الاخيرة، فوجود اكثر من مليون ونصف مليون انسان يعيشون تحت خط الفقر في اسرائيل يعتبر وصمة عار في جبين حكومة الاحتلال والعدوان والافقار.
من القضايا التي ركزنا عليها من خلال نشاطنا الكفاحي السياسي والجماهيري والنقابي دق اجراس التحذير والانذار من تصعيد مخاطر الهجمة الفاشية العنصرية المعادية للعرب وللدمقراطية في اسرائيل والتي اتخذت مصداقيتها وشرعنة نشاطها في رأس قمة الهرم السلطوي في اسرائيل، وزراء ونائب رئيس حكومة "افيغدور ليبرمان" واحزاب سياسية صهيونية عنصرية امثال المفدال واسرائيل بيتنا وهئيحود وهلئومي. وقد اكدنا دائما ان الفاشية العنصرية لا تنشأ من فراغ، بل تترعرع وتنمو في رحم سياسة التمييز القومي السلطوية الممارسة وعلى خلفية ازمة هذه السلطة سياسيا واقتصاديا اجتماعيا وتورطها في مستنقع احتلالها الاستيطاني الآسن. كما حذرنا مرارا من المخططات الصهيونية الترانسفيرية لاقتلاعنا من وطننا واللجوء الى ممارسة التطهير العرقي العنصري ضد اهلنا من عرب النقب، خاصة في القرى العربية غير المعترف بها. ولعل معطيات الميزانية الجديدة للعام الفين وثمانية تعكس بشكل صارخ المدلول الحقيقي للسياسة الاقتصادية - الاجتماعية الحكومية التمييزية ضد الاقلية القومية العربية الفلسطينية في اسرائيل، ضد المواطنين العرب في اسرائيل. فحسب الاحصائيات الرسمية الاسرائيلية مخصوما منها اهل القدس الشرقية المحتلة واهالي قرى هضبة الجولان السورية المحتلة التي لا تعترف بشرعية لجوء المحتل الاسرائيلي لضمها الى اسرائيل، فحسب الاحصائيات الرسمية يؤلف المواطنون العرب 19،11% من عدد السكان الاجمالي في اسرائيل. ولكن ما هي نسبة العرب من مختلف الميزانيات ومرافق النشاط الاقتصادي؟ بسبب عدم شمول المدن والقرى العربية في مناطق التطوير "أ" و"ب" التي تحظى بالعديد من الامتيازات وفق "قانون تشجيع الاستثمار"، فالمناطق ذات الاغلبية السكانية العربية، فان مدنها وقراها العربية "غائبة" عن برامج التطوير والتصنيع، ولهذا ليس صدفة انه اذا كانت نسبة البطالة في البلاد 9،2% فان نسبة البطالة في المدن والقرى العربية يبلغ معدلها حوالي 15%. وحسب ميزانية الفين وثمانية العامة، فان ميزانية وزارة المعارف تبلغ سبعة وعشرين مليارا ونصف المليار شاقل، حصة العرب منها اربعة وعشرون مليون ونصف المليون شاقل أي اقل من ثلاثة في المئة!! الميزانية المخصصة للتطوير في الوسط العربي لا تصل الى اربعة في المئة. ميزانية وزارة الصحة تبلغ 18،2 مليار شاقل منها خصص للعرب 1،8 مليون شاقل، أي اقل من واحد في المئة. ميزانية دائرة اراضي اسرائيل التي تتصرف بأراض عربية مصادرة ومسلوبة تبلغ ميزانيتها اربعة مليارات ومئة مليون شاقل، حصة العرب الذين يعانون من الضائقة السكنية لا تتعدى الاثنين في الالف بالمئة ميزانية المواصلات 5،2 مليار شاقل، خُصص منها للعرب 70 مليون شاقل 5،51%!!
لقد اردنا بهذه المعطيات الصارخة التي تكشف مدى عفونة النظام القائم والمآسي السياسية والاجتماعية التي تخلفها، وهدفنا من كل ذلك لا ينحصر في تصوير حدود هذا الواقع المأساوي وجرائمه في ظل نظام تفوح منه رائحة الدم والعنصرية النتنة، بل هدفنا تحريك الضمائر والتشمير عن السواعد لمواجهة معارك وتحديات العام الفين وثمانية وذلك بأوسع وحدة صف كفاحية عربية – عربية وعربية – يهودية مشتركة. فالمعركة من اجل السلام العادل والمساواة القومية والمدنية والتقدم الاجتماعي والدمقراطية والعدالة الاجتماعية لا تزال محور وجوهر ومدلول اجندتنا النضالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز