الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب الرجل والجنس للدكتورة نوال السعداوي

باسنت موسى

2008 / 1 / 7
العلاقات الجنسية والاسرية


تطرب المرأة الجميلة عند سماع كلمات الإعجاب من الرجل ولكنها تشعر داخل أعماقها أن هذا الإعجاب موجه إلى شكلها الخارجي وليس إلى ذاتها كشخص، أيضا الرجل القوى جنسياً الذي يرضيه إقبال النساء عليه يشعر أن هذا الإقبال ليس لكونه شخصاً يحب وإنما لأنه شخص قوى بيولوجيا. هذا الفصل بين الحب " للشخص ذاته" وبين الحب لأسباب مادية كالجمال الجسدي والقوة الجنسية يرجع إلى الفكرة القديمة في التاريخ البشرى حيث الفصل بين جسد الإنسان ونفسه،وحياة البشر البدائية تشبه حياة الطفل الذي لا يفرق بين جسده ونفسه والذي يشعر بحب أهله له بغير مقابل وغير مشروط وأنه موجه إلى شخصه كله لكن ما إن يكبر هذا الطفل حتى يدرك أن حب والديه له ليس على هذا النحو الكامل وأنه حب مشروط، حب يتقبل أشياء ويرفض أخرى وأهم ما يرفضه هذا الحب هو ما يتعلق بالجنس والرغبات الجسدية، مع أن تلك الرغبات هي التي تسبب أكثر وأكبر لذة وسعادة. هنا لا يجد هذا الطفل حل سوى أن يقسم نفسه إلى جزئيين هذا الجزء الذي يحبه أهله وأسرته ومن شابههم أما الجزء الثاني فهو ذلك الذي لا يحظى بحب الأهل لكنه يمنحه أكبر لذة وسعادة . وعلى هذا يكبر الطفل ويشعر أنه شيئان شيء واحد نفسي والأخر جسدي.
إن إحساس الثقة بالنفس ينبع أساساً من قدرة الفرد على جعل جسده ونفسه شيئاً واحداً . فالكفاءة الجنسية والجمال الجسدي قد يقود كل منهما لعلاقات جنسية لكنها سرعان ماتنتهى لأن تكامل النفس والجسد بها غير موجود.
الرجال أصحاب العلاقات الجنسية المتعددة ويقال عنهم " الدون جوان " ليسوا إلا رجال فاقدين الثقة بأنفسهم ويعيشوا حياة عاطفية وجنسية غير مشبعة فهم يحاولون دائماً سد الثغرة بين نفوسهم وجسدهم.وتلك الحقيقة تفسر لنا الدهشة التي يظهرها الرجال من ذوى العضلات حينما يرون امرأة تحب رجلاً بغير عضلات. إنهم يتهكمون ولكن تهكمهم هذا ماهو إلا مدارة لشعورهم الحقيقي بالألم نتيجة عجزهم عن إقامة علاقة حب حقيقية.
أجهزة الإعلام وتحديداً التليفزيون دائماً ما يروجون لإعلاناتهم من خلال أجساد النساء العارية وعضلات الرجال مما يجعل المتلقين يشعرون بعقدة النقص وأنهم أقل أنوثة أو ذكورة من هؤلاء العارضين والعارضات.لكن إحساس الرجل بالنقص في الرجولة أكثر وأعلى من النساء اللائي يشعرن بمثل هذا النقص في أنوثتهم، لذلك الرجل يحتاج دائماً لمن يؤكد له من حين لأخر رجولته حتى يظل واثقاً من نفسه.
تذكر د / نوال السعداوى في كتابها "الرجل والجنس" أن الأزواج الرجال لا يؤرقهم أو يخيفهم أن يطردوا من أعمالهم أو يجوعوا أو يتعروا ولكن يؤرقهم دائما أن يفقدوا قوتهم الجنسية يوماً ما وذلك لان هذا العجز يعنى أن زوجته سوف تبحث عن رجل أخر وليس هناك رجل في العالم يتخيل أن تذهب زوجته لرجل أخر لتستمتع بين أحضانه.
" الإحساس بالذنب "
لايمكن لأي رجل أو" امرأة" أن ينكر مهما بلغ من إدراك معنى الجنس أن يمحى من أعماقه البعيدة إحساس الذنب الذي يصاحب ممارسته الجنسية أو مجرد التفكير فيها. هذا الإحساس بالذنب ليس إلا رواسب باقية من الطفولة، حفرت في الذاكرة والعقل منذ سمع الطفل لأول مرة في حياته كلمة " عيب " من أمه وأبيه.
يمكننا أن نقول إذن أن الجنس من الموضوعات المحاطة بالضباب والخزعبلات والأثم أو الشعور بالذنب، وهذا الشعور يفسد بدرجات متفاوتة حياة الناس الجنسية أو يحول طاقتهم الجنسية الطبيعية إلى نواح أخرى تسمى بالانحرافات. وقد يكون هذا الانحراف أحياناً نوعاً من الهروب من العملية الجنسية الكاملة مع الجنس الأخر تلك العلاقة التي ترسبت في أعماق الشخص على أنها نوع من الإثم، ويتوقف إحساس الفرد بالذنب على حسب موقف أبيه وأمه من الجنس منذ كان طفلاً وحسب موقف المجتمع الذي يعيش فيه تجاه الجنس. قليل جداً من الناس يستطيع أن يتحرر تماماً من هذا الإحساس بالذنب في مجتمع مثل مجتمعنا العربي الذي يقوم على التدين الشديد والعفة والتزمت النظري والقيم التقليدية التي سادت مئات السنوات ونظرت للجنس على كونه إثم وعيب وفصلت بين النساء والرجال.
إن الفكرة التي قالت بأن الامتناع عن الجنس نوع من السمو الإنساني والأخلاقي لم تعد فكرة مقبولة علمياً أو خلقياً وذلك لأنه ثبت أن الإنسان الذي لا يعيش علاقة جنسية سوية ومستقرة ومشبعة يصبح عاجزاً عن تبادل الحب أو الصداقة الحقيقية مع الآخرين. بمعنى أخر يصبح عاجزاً على أن يصبح إنساناً.

يقول العلماء أن الطفل حينما يرفض أن ينظر إلى أمه كمخلوق جنسي فإنه يخلق فكرة امكان وجود المرأة بغير جنس والتي يسقطها على كل امرأة تذكره بأمه أو كل امرأة يحاول أن تعوضه على علاقته العاطفية بأمه وفى هذا الإطار قال أحد الأزواج ل د/ نوال أنه ظل طوال شهر العسل عاجزاً على أن يمارس الجنس مع زوجته مع أنه كان يمارس الجنس بكفاءة عالية مع عشيقته ، ونجح في الاتصال بزوجته بعد أن كسر قدسيتها في عينه وذلك بأن جعلها ترتدي قميص نوم متهتك جعلها أشبه بعشيقته منها بأمه، وزوج أخر أكتشف بعد الزواج أن لزوجته صوت كصوت أمه وأنه بمقدار ماكان محباً لهذا الصوت فقد أصبح يكرهه لأنه يسبب له نوعاً من الضعف الجنسي الذي يصل أحيانا إلى العجز الكامل،وشاب أخر تزوج من فتاة عن حب شديد ولكنه ظل لشهرين كاملين عاجزاً عن الاتصال بها لأنها كانت تبدو أمامه كالملاك الطاهر وكلما كان يحاول لمسها يتراجع مستغفراً الله كأنه مقبل على إثم كبير ومن فرط شعوره بأن زوجته كالملاك تصور أن إبليس نفسه لا يستطيع أن يلمسها. لكن السؤال هنا هل الزوجة تساهم بدور في إحساس زوجها تجاهها بتلك المشاعر؟ نعم الزوجات تساهم حيث يدعين العفة والملائكية والقداسة ليس لأن تلك سماتهم الشخصية وإنما نتاج لتربية الكبت مما يعمق لدى أزوجاهن الإحساس بالذنب.

" الرجل والسادية"

من الشائع أن الرجل يميل إلى " السادية" في الجنس وأن المرأة تميل إلى " الماسوشية" . والسادية اصطلاح عرف في علم النفس على أنه نوع من الانحراف الجنسي بسبب أن اللذة الجنسية لأتحدث إلا بعد إحداث ألم بشخص أخر. أما الماسوشية هي أن تحدث اللذة بعد استقبال الألم الذي يحدثه الشخص الأخر، وقد يتغلب العنصر السادي داخل الشخص أحياناً أكثر من العنصر الماسوشى أو العكس. تقول د / نوال أنها قابلت في سجن القناطر عدداً من النساء العاملات في الدعارة ودرست حياة بعضهن بشكل مستفيض وقالت لها إحداهن أن أحد الرجال كان يحمل معه في كل زيارة سوطاً " كرباج" لتضربه به ضرباً مبرحاً وهكذا يمارس معها الجنس بكفاءة عالية وهناك رجال لا يمكنهم ممارسة الجنس إلا بعد ضرب من يمارسون معها ويخشوا أن يفعلوا ذلك مع زوجاتهم لكون هذه الزوجة من طبقة عالية أو لأنه رجل مثقف ويخشى بطلبه الغريب زوجته حتى لا يهبط في مستوى نظرها.
لذلك لاشك أن نضج شخصية الرجل وتخلصه من بقايا السادية والماسوشية التي ورثها من الظروف التي أحاطت بظروف نشأته يساعده على أن تكون ممارسته الجنسية واعية ولا تحمل أمراضاً نفسية.

" الرجل والاستعراض الجنسي "

تقول د/ نوال أنها عندما كانت في العاشرة من عمرها كانت ترى رجلاً يطل من الشرفة المواجهة لبيت أبيها ولكنه كان يطل عارياً وكانت النساء عندما تراه بتلك الصورة يقمن على الفور بغلق النوافذ لكنها كانت لا تخاف مما يفعله هذا الرجل بل ولا ترى فيه شذوذاً فكل الرجال بالعالم يرغبن في استعراض ذكورتهم كل منهم بدرجات متفاوتة وطرق مختلفة. وقد وجد أن الرجل المصاب بالاستعراضية الجنسية يعانى من فكرة مسلطة تدفعه إلى هذا الفعل رغم إرادته ورغم تعرضه للعقاب أكثر من مرة وقد يفسر هذا لنا الصدمة التي نشعر بها كنساء عندما نرى رجل يسير بالشارع وهو سعيد بأن أعضاءه التناسلية في وضع الانتصاب
المصدر:- كتاب " الرجل والجنس" لدكتورة نوال السعداوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي