الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اجل فايز .... ورفاقه

جهاد الرنتيسي

2008 / 1 / 7
حقوق الانسان


" ابقى جيب لي عيش وحلاوة " قال لي الصديق فايز سارة ساخرا في آخر حوار "ماسنجري" وهو يبلغني بانه تجاهل استدعاء جاءه من احد الاجهزة الامنية ..
ورغم ادراكي خطورة معارضة نظام موغل في الممارسة القمعية فضلت ان اقلل من حالة التوتر التي استشعرتها رغم المسافة التي تفصل عمان عن دمشق .
قلت له مازحا سآتيك بدجاجة " بس خليهم يحبسوك " ولم استطع تبديد التوتر الذي كان بالامكان التقاطه بوضوح ، ففي احدى عباراته قال لي ان " المسألة جد " ولم اجد ما اقول سوى " بيسترها الله " .
استغرق الامر اكثر من عام قبل ان يصل فايز الى قناعة بان صدر صانع القرار السياسي في سوريا اضيق من السماح لاي صوت معارض .
فمنذ لقائنا الاول في بيروت ـ التي وصلها مع مجموعة من رفاقه لتقديم العزاء بجورج حاوي ـ كان يحدثني عن نشاطات قوى لجان المجتمع المدني ، وفيما بعد قوى اعلان دمشق ، مشيرا الى امكانية التغيير السلمي .
وفي زياراته لعمان كان يطلق في داخلي صهيل شهوة زيارة دمشق ـ التي لم ازرها منذ ما يقارب 12 عاما ـ وهو يحاول ايصالي الى قناعة بان احدا لن يعترضني في العاصمة التي نمت بيني وبينها حكايات عشق مبكر .
وللحد من اندفاعه نحو التفاؤل كنت احرص على السخرية من تطميناته ، فالشام بالنسبة لفايز البيت الدافئ الذي رفض ان يغادره رغم كل مغريات الرحيل ، وضريبة البقاء الباهظة ، وبالنسبة لي زيارتها مغامرة كبرى لم اعد متحمسا لها .
وحين كان يسالني عما اريد في نهاية الاحاديث "الماسنجرية" كنت اقول له سلم لي على الشام واهلها ..
فالشام في ذهني بعدة وجوه ، احببت معظمها، بدءا بجلسات المقاهي ، ومرورا بمكاتب الفصائل ومعسكراتها التي عرفتها فتى يافعا ، والاحياء القديمة ، واصدقاء التقيتهم فيها ،وكتب قرأتها ...
وبين هذه الوجوه ثمة وجه نشاز ـ اذا صح التعبير ـ يثقل على الضمير الانساني ويشوه الوعي ، ويلحق العار بكل مثقف عربي يغض الطرف عنه ، ويتجاهل قبحه الذي لم يعد خافيا على احد ..
ففي ملامح هذا الوجه قصص سجون ابطالها خيرة الشبان العرب الذين امنوا باخلاقية الفكرة ، واغمضوا جفونهم على حلم جميل صادره العسكر ، والاجهزة الامنية .
وفي تفاصيل هذه الملامح سباق محموم مع الموساد خاضه النظام السوري لاطفاء شعلة التنوير التي حملها مثقفون وقادة فلسطينيون ولبنانيون واردنيون .
فالشام التاريخية في ذهن النظام السوري ، هي شام الاخضاع القسري ، والعبث بالجراح المفتوحة ، و ليست الوجوه التي احببتها ، ولا الشام التي فضلها فايز سارة على صقيع المنافي ..
ووفاء للشام التي احب اجد لزاما علي ان اطلق صرخة من اجل فايز ورفاقه ، تضاف الى صرخات من اجل ميشيل كيلو ، ومي شدياق وغيرهم من الضحايا املاها علينا الضمير وندفع ثمنها حرمانا من رؤية بلاد نحبها ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون في القدس المحتلة للمطالبة بصفقة لإعادة ا


.. إيهاب جبارين: ذوو الأسرى يريدون أبناءهم أحياء لا جثثا هامدة




.. انقسام في إسرائيل حول عملية رفح.. وأهالي الأسرى يطالبون بوقف


.. أحمد الحيلة: دولة الاحتلال أدركت أنها لن تتمكن من استعادة ال




.. غزة.. ماذا بعد؟ | القسام تبث تسجيلا لعائلات الأسرى بعنوان ال