الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأطيبان و الأخبثان و الأمـــران !

مصباح الغفري

2003 / 11 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 لم يبق عندي ما يبتزه الألم
  كفى بي الموحشان :الشيب والهرم
( الجواهري )

هرب أحدهم من وجه الحجاج وهو ينشد : 
  وما ذا يبتغي الحجاج مني      وقد جاوزت حد الأربعين ؟
لكن السجن العربي عادل كالموت ، لافرق عنده بين شاب ومسن ، ولا بين عربي و أعجمي ، ولا بين مؤمن وجاحد . الجميع أمام السجن سواسية كأسنان المشط .فماذا يبتغي الحجاج منا وقد ذهب الأطيبان وبقي الأخبثان ؟ ماذا يبتغي البوليس منا وقد جاءنا الأمران ؟
     في أساس البلاغة للزمخشري أن الأمَرّين هما المرض والهرم ، وتقول : ذاق الأمَرّين أي دهته الدواهي . لكن الأمرين اللذين تحدث عنهما الزمخشري رحمه الله ، غير الأمَرين في القرن الحادي والعشرين لميلاد السيد المسيح . اختلف الفقهاء في الأمرّين الحداثيين ، فالحداثة لا تلاحقنا في الشعر فقط بل هي تدخل جميع مسامات جلدنا ، يقول المؤرخ لسان الدين بن الخطاب في كتاب لم ينشر ومنعته الرقابة : الأمَــرّان : الحشف وســوء الكيل !
وتأويل ذلك أن خولياً ( ملاحظة :  الخولي هو وكيل مالك الأرض الذي يحاسب الفلاحين لاقتطاع حصة المالك من الإنتاج الزراعي  ) كان لديه مكيالان ، يستعمل المكيال الكبير عند أخذ حصة المالك ، ويستعمل المكيال الصغير عند تسليم حصة الفلاح ، ضاق الفلاحون ذرعا بالأمر فاشتكوا إلى صاحب الأرض ، استجاب صاحب الأرض لهم وعزل الخولي عن العمل ، جاء الخولي الجديد واستمر على خطى الخولي القديم في استعمال المكيالين ، وزاد على ذلك أنه صار يكيل لهم الحشف ، وهو أسوأ أنواع التمر ، فقالوا :
- أحشــفا وســوء كيلة ؟
وراحوا إلى المالك من جديد يطلبون عودة الخولي القديم الذي كان يسيء الكيل فقط !
    أما الأصمعي فله رأي آخر في حكاية " الأمَرّين " . يقول :
- أصل التسمية أن الوفود العربية إلى مؤتمر مدريد الشهير احتجت على راعية العملية السلمية الولايات المتحدة لأنها تكيل بالمكيال الكبير لإسرائيل وبالمكيال الصغير للعرب ، قال مسؤول عربي لوزير الخارجية الأميركي : ـ ـ ما بالكم تكيلون في المسألة بمكيالين ، والله لقد ذقنا منكم الأمرين !
وذهبت العبارة مثلاً ، وذهب المسؤول ولم يعد إلى وظيفته حتى هذه اللحظة .
في قول آخر رواه سجين مزمن اعتاد أن يقضي معظم إجازاته في الاعتقال ، أن الأمرّين هما أن تكون محبوساً أولاً ، وفي سجن عربي ثانياً .
القلقشندي قال : الأمــرّان ، أن تجتمع مصيبتان معاً ، وعلى سبيل المثال لا الحصر :
ـ قراءة جريدة السلطة وفي ذات الوقت الإستماع إلى خطاب قومي‍!
 أو أن تكون لاجئاً سياسياً هارباً من نظام ديكتاتوري ، في بلد آخر ذي نظام ديكتاتوري ، أو أن تكون وزيراً للثقافة في حكومة رئيسها لا يعرف القراءة والكتابة ، أو أن تكون جنرالاً في الجيش متخرجاً من أرقى الكليات العسكرية ويكون قائد الجيش صاحب مزرعة للدواجن !
     أما أنا أبو يسار الدمشقي فأقول بعد الاتكال على الباري عز وجل ، أن الأمرّين في هذا الزمان هما أجهزة الأمن ، وأجهزة المخابرات ، والله أعلم .

                                               








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي يقر إصلاح سياسات الهجرة واللجوء.. أي تداعيا


.. تونس: الاتحاد الأوروبي يطلب إيضاحات بعد موجة التوقيفات الأخي




.. ردا على افتحام مقر هيئة المحامين في تونس.. عميد المحامين يلو


.. حرب غزة والتطورات في المنطقة تخيم على أعمال القمة العربية في




.. الجزيرة ترصد معاناة سكان رفح بعد أسبوع من إغلاق المعابر