الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في المشهد العراقي .....3 _ الاكراد بين خيارين أحلاهما مرير !

ثامر قلو

2008 / 1 / 7
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


يمثل الاكراد أحد المكونات الاساسية في الفسيفساء العراقي ، فهم يستقطنون في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من العراق ، وهي المنطقة التي يطلق عليها كردستان العراق في الادبيات السياسية ، والشعب الكردي ، شعب كبير وأصيل عانى من الاضطهاد القومي العروبي كثيرا على امتداد القرن العشرين بسبب المطالبة بحقوقه القومية المشروعة ، وهي الحقوق التي يستحق الاكراد نيلها ، كما نالها اغلبية الشعوب الكبيرة في العالم ، لكنهم تعرضوا لاجحاف كبير حسب الاتفاقيات الاستعمارية التي قسمت شعوب الشرق ، وقد يعود التهاون الكردي بالقبول بهذه الاتفاقيات في جانب كبير منه ، لضعف الشعور القومي الكردي ، وتفوق الايمان بالشعور الديني وتفضيله على الشعور القومي حينها ، الامر الذي يسر وسهل اندماجهم في المجتمعات الاسلامية المحيطة بهم ، وهي الدولة الايرانية ، تركيا والعراق .
في النصف الاول من القرن العشرين ، بدأ الشعور القومي للاكراد بالتبلور ، وبدأ سخطهم على الاوضاع القائمة يتفاقم ، فكانت النتيجة اشعال ثورات القائد الكردي محمود الحفيد مرورا بحركات وثورات القائد التأريخي الملا مصطفى البرزاني حتى انهيار الحركة الكردية في العام 1975 ، بسبب تخلي الولايات الامريكية والدولة الايرانية عن دعمهم مقابل تنازل بطل العروبة صدام عن المياه الاقليمية العراقية للدولة الفارسية التي اصبحت الجمهورية الاسلامية الايرانية حاليا . وهي الاتفاقية الذليلة التي طالب مؤخرا السيد جلال الطالباني بالغائها لغرض في نفس يعقوب ليس الا .

في اعقاب انتفاضة الشعب العراقي على النظام الدكتاتوري في العام 1991 ، نال الاكراد بعض حقوقهم المشروعة نتيجة ضغط الرأي العام العالمي على الدول الكبرى ، فقد تم لهم ادارة مناطقهم من قبلهم للمرة الاولى في تأريخهم الحديث ، وقد تم لهم أيضا اجراء انتخابات برلمانية محلية ، أفرزت نتائجها عن استقطاب مناطقي بين حزبين كبيرين هما الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة رئيس الجمهورية حاليا جلال الطالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة السيد مسعود البرزاني رئيس الاقليم الكردستاني، فكانت النتيجة تشكيل ادارتين حكوميتين منفصلتين من قبل الحزبين في مناطقهما ، وقد يسر سقوط النظام الصدامي في العام 2003 الكثير من مسببات الاختلاف بين الحزبين، وهي الاختلافات التي تقوم في أغلبها على المصالح الحزبية والنفعية .

بعد السقوط في العام 2003 ، دخل الاكراد بقوة في المعترك السياسي العراقي ، وأسهموا بشكل كبير في احداث الاستقرار في المناطق المحيطة بكردستان العراق ، ودخلوا طرفا قويا في الحكومات العراقية المتعاقبة وشكلوا الضلع القوي في المثلث العراقي الكبير بجدارة ، غير أن اسهامهم في الشأن العراقي ، رافقه الضغط بقوة للحصول على مطاليبهم القصوى ، ومن بينها المحاولة لالحاق المدينة النفطية كركوك بالاقليم الكردستاني ، مما يعني وضعهم اليد على مكامن تأسيس الدولة الكردية المنشودة حين يتم الالحاق ، الامر الذي يعني وضع الحكومة العراقية والشعب العراقي أمام خيارات معقدة ، وقد يكفي للدلالة ، تلكأ الحكومات العراقية المتعاقبة عن تنفيذ بنود الدستور وخصوصا المادة 140 المتعلقة حصرا بأوضاع مدينة كركوك ، وكان ابراهيم الجعفري اول الضحايا في هذا الخصوص بعد شم الاكراد ما يفيد بممانعته عن تنفيذ هذه الفقرة فتم اسقاط حكومته ، فهل يكون السيد نوري المالكي رئيس الوزراء الحالي الضحية الثانية في هذا الطريق الشائك ؟
الايام المقبلة ستشهد المزيد من التوتر بين الحكومة المركزية ، وحكومة الاقليم الكردي ، وحسب كثير من المراقبين ، لم تكن زلة لسان ، حين صرح الطلباني بالغاء اتفاقية الجزائر ، وانما كانت اشارة صريحة وواضحة للاشمئزاز من مواقف المالكي والتنويه بامكانية اسقاط حكومته مثلما حدث لحكومة سلفه ابراهيم الجعفري في جانب ، وحث الحكومة الايرانية للضغط على الحكومة الدينية الحليفة لهم لتنفيذ مطاليبهم في الجانب الآخر ، فقد كان وقع الالغاء كبيرا على الجانب الايراني الذين تحركوا على اكثر من صعيد لاحتواء مواقف الطالباني الجديدة .
لكن الملفت في الامر أن الحليف الجديد للحزبين الكرديين ، هو طارق الهاشمي وامتداته الطائفية والدينية الاخرى ، الباحث بتلهف عن أي وسيلة يمكن أن تبرز وترفع من شأنه ، فما فعلوه بالسيد أياد علاوي شاهد دامغ على نرجسية هذه القوى الطائفية، والحق ان القوى الدينية العراقية لم يكونوا يوما يؤمنون بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ، لايمانهم، بان الاسلام يوفر للمكونات العراقية حقوقهم في كل المجالات ، وتبقى المزايدات من هذا الطرف أو هذاك لا تعدوا كونها مراوغات آنية ووقتية .
السؤال الكبير ، هو هل ينال الشعب الكردي حقوقه المشروعة في ظل الفوضى وانهيار الوضع الامني ، أم حين يتم استتباب الامن واستقرار اوضاع البلاد ؟ ولا يقل عن هذا التساءل القول مرة اخرى ، هل ينال الشعب الكردي حقوقه المشروعة في ظل حكومة دينية أم في ظل حكومة علمانية ليبرالية ؟
حلم الطفل الكردي ، هو الاستقلال وتشكيل الدولة الكردية ، كما هو حلم وطموح الشيخ والمرأة عندهم ، ولهم الحق بحلمهم الجميل ، فكيف يستكين شعب يملك كل مقومات الحياة للبقاء في كنف شعوب اخرى ؟ غير أن الحلم الجميل محاط بالاشواك ، فهناك يحيط بهم دول عدوة لهم ، دول لاتتوانى أبدا عن تحطيم كل طموحاتهم ، ثم أن الدولة الكردية المنشودة تثير الشجون العراقية ، فانها، لن تقام الا على انقاض دولة يحبها العراقيون ويعشقونها ، فلو سألت أي من العراقيين، أطفالهم ، وشيوخهم ، يقرون للشعب الكردي حقوقه ، لكن بعيدا عن كركوك ، لعلمهم ان بقاء كركوك ضمن الدولة المركزية يعني بقاء الفسيفساء العراقي مكونا للعراق الكبير .
حقا لا قيمة لدولة كردية ، دون أن تكون كركوك قلبها ، وهو ما يعلمه الاكراد جيدا ، لكن تحقيق هذا الحلم ، وفي هذه الآوان عسير المنال ، وخيار مفتوح على كل الاتجاهات ، ولا يقل خيارهم الاخر مرارة ، عند البقاء مكونا يكمل بقية المكونات للشعب العراقي ، فكيف يلغي شعب يمتلك كل هذه المقومات افقه المنشود بالاستقلال ؟
لتكن مرارة البقاء مكونا أصيلا من مكونات الشعب العراقي ، أقل وطأة على أبناء الشعب الكردي من الخيارات الاخرى ، وحسب ظني أن بناء دولة المواطنة بعيدا عن الطائفية وبعيدا عن تغلغل الدين والدينيين في الدولة المنشودة يخفف من حنكهم ويزيل عنهم غبار عشرات السنين من القهر والاضطهاد ، لذلك ، يقتضي من أبناء الشعب الكردي وأحزابهم تعزيز القوى العلمانية والديمقراطية في العراق ، لان العلمانيين والديمقراطيين هم القوى الحقيقية المؤمنة بحقوق الشعب الكردي المشروعة .
أيها العلمانيون أبحثوا عن وسيلة تلبون بها طموحات الشعب الكردي المشروعة ، مع شدهم للعراق الكبير !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا