الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فدرالية المحافظات.. الحل المنسي من احزاب وقادة العراق؟!

سليم مطر

2008 / 1 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هنالك سر عجيب يجعل جميع الاطراف العراقية، حكومية ومعارضة، تصر على تجاهل واحد من اهم موضوعات المعضلة العراقية، الا وهو ( مشروع فدرالية المحافظات). ان هذا المشروع الذي كان متداولا حتى قبل عامين، نراه بقدرة قادر قد غيب عن ساحة الحوار العراقي رغم بقاء المعضلة الوطنية عالقة وحارقة:
( معضلة ماهية النظام المطلوب للعراق.. فدرالي ام مركزي)؟
السيدين الطلباني والبرزاني ومعهم السيد الحكيم، يصرون على (فدرالية قومية ـ طائفية)، أي دولة هشة منقسمة الى اقاليم كردية وسنية وشيعية!
سنوات الكارثة الاخيرة جعلت غالبية العراقيين واحزابهم بما فيها غالبية احزاب الحكومة، تعي وتقتنع بفشل مثل هذا المشروع الفدرالي لانه يقسم العراقيين على اساس قومياتهم وطوائفهم ويبقي الدولة ضعيفة والشعب منقسم والوطن عرضة للتجزئة.
لكن المشكلة التي تدعو الى الاستغراب والعجب ان هذه الاغلبية المعارضة للمشروع الفدرالي القومي الطائفي، لم تطرح أي مشروع مقابل، وتغض الطرف تماما عن المشروع المعقول العملي والبديل والمناسب تماما للوضع العراقي، الا وهو (مشروع فدرالية المحافظات)!

الفدرالية الانسانية
ان (نظام فدرالية المحافظات)، هو افضل الحلول الديمقراطية والإنسانية. وهذا النظام هو المعمول به في جميع الانظمة الفدرالية ومنها الانظمة الامريكية والسويسرية والالمانية. فليس هنالك مثلا في امريكا، اقليم من عدة ولايات خاص بالسود، واقليم خاص بالناطقين بالاسبانية..الخ، كذلك نفس الامر في المانية وسويسرا. صحيح ان هذا النظام بالنسبة لتطبيقه في العراق قد يواجه بعض الصعوبات بسبب وجود بعض الامر الواقع، خصوصا بالنسبة للمنطقة الكردية، واصرار الاحزاب القومية على التعامل معها كـ(إقليم كردستان) خاص ومتميز.
لكن خبراء الحالة الكردية يتفقون على ان نظام الاقليم الواحد غير مطبق عمليا، فهناك (مركز محافظة اربيل) الذي يتمتع به حزب السيد البرزاني بالهيمنة المطلقة، ثم (مركز محافظة السليمانية) الذي يتمتع به حزب السيد الطلباني بالهيمنة المطلقة، وهنالك منافسة وتمايز معروف بين الادارتين، رغم كل الواجهات التوحيدية.
ثم ان نظام (فدرالية المحافظات) ليس بالضرورة ضد وجود( الاقليم الكردي)، فهو لا يمنع من وجود اتفاقات خاصة بين المحافظات المتقاربة والتنسيق فيما بينها في مختلف المجالات. ان تجارب البلدان الفدرالية المعروفة، مثل المانيا وسويسرا وامريكا، تبين لنا ان نظام (فدرالية المحافظات) يعني:
ـ ان تجري الانتخابات، ليس على اساس القوائم الممثلة للاقاليم والتحالفات القومية والطائفية، بل على اساس كل محافظة( قد تسمى مقاطعة او ولاية)، بما تحتويه من مناطق انتخابية مختلفة. وحسب عدد سكان كل محافظة يتم انتخاب ممثلين الى البرلمان الوطني(مجلس الامة). يعني ان يكون نواب (مجلس الامة) ليسوا ممثلين لطوائفهم وقومياتهم، بل ممثلين لمحافظاتهم.
ـ اما بالنسبة لتكوين الحكومة، فالامر يختلف تقريبا. حيث يتم اختيار اعضاء الحكومة من جميع المحافظات الثمانية عشر، بحيث تكون كل واحدة منها لديها على الاقل وزير واحد في الحكومة. ونعتقد ان التقسيم الامثل هو: وزير واحد لكل محافظة سكانها اقل من مليون. ووزيرين لكل محافظة تتجاوز المليون. اما بغداد فثلاثة وزراء. وفي حالة وجود عدد فائض من الوزراء، يكون بعضهم وزيرا بلا وزارة. ويتم تداول رئاسة الحكومة والوزارات المهمة على جميع المحافظات بصورة تناوبية عقلانية.

الحل المناسب
جميع من فهم مضمون (مشروع فدرالية المحافظات) ، يعتبره حلا مناسبا وحاسما لعدة اشكاليات خطيرة ومعقدة تعاني منها الدولة العراقية:
اولا، انه يحل مشكلة (نظام المحاصصة الطائفية والعرقية) المتبع حاليا في تكوين الدولة. فغالبية العراقيين يتفقون الآن على خطأ نظام المحاصصة، لأنه يلغي القيمة الوطنية والإنسانية عن المواطن، ويحوله الى قيمة عرقية وطائفية انعزالية. لقد اثبتت السنوات الفائتة ان نظام المحاصصة الطائفية والعرقية، لا يحقق ابدا التوازن والمساواة بين الفئات المختلفة، بل هو بالحقيقة يضيف اشكالية جديدة، تتمثل بانعدام التوازن بين ابناء مناطق الوطن. فبأسم التمثيل القومي والطائفي يتم اختيار معظم ممثلي القومية والطائفة من المحافظات الفلانية والفلانية على حساب ابناء باقي المحافظات!
ثانيا، ان(فدرالية المحافظات) تعزز مشاعر الانتماء الى الارض ومكان العيش والاقامة لدى المواطن، قبل القومية والطائفة والعشيرة والحزب وغيرها. انه يجعل مبدأ الانتماء الى المحافظة هو المعيار الوحيد لتقاسم سلطات الدولة والاحزاب وجميع المؤسسات السياسية. قد يحدث مثلا ان يمثل محافظة الرمادي او الموصل شخصا كرديا او سريانيا او فيليا شيعيا، مقيما في المحافظة منذ اجيال او سنوات طويلة ويحوز على رضا غالبية السكان. وكذلك ضمن هذا السياق قد يمثل محافظة النجف او الحلة شخصا سنيا او صابئيا، مقيما فيها وهو جزء من اهلها... وهكذا دواليك في جميع المحافظات العراقية، حتى تكون المحصلة العامة، ان الانتماء الى الارض الصغيرة (المحافظة) هو المعيار للانتماء للارض الكبيرة (الوطن العراقي).
ثالثا، انه يحل واحدة من اعقد المشاكل العراقية، الا وهي مشكلة كركوك. فبدلا من ان يتم الجدال حول (ضمها!) الى الاقليم الفلاني ام العلاني وعن هويتها القومية .. الخ.. تكون كركوك محافظة تتمتع بحقوق فدرالية حالها حال جميع محافظات العراق، يديرها اهلها، وهي لا تنتمي الى اي اقليم او قومية او امبراطورية، بل هي تنتمي اولا وقبل كل شيء الى ذاتها واهلها وتاريخها، ثم طبعا الى الوطن العراقي.

ان (مشروع فدرالية المحافظات) لا يمكن ان يكون متكاملا بصورة تامة، بل هو بحاجة دائمة الى نقاش ودراسة من اجل تطويعه بما يناسب وضع بلادنا. لكنه يبقى الامثل لتجنب الانشقاقات الطائفية والعرقية السائدة.
اننا ندعو الكتاب والسياسيين وجميع المعنيين بسلامة وطننا، الى اعادة احياء مشروع فدرالية المحافظات وطرحه للحوار في الساحة العراقية ليكن حلا معقولا وواقعيا لمستقبل دولتنا المريضة ووطننا الجريح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح