الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اولمرت يجهض زيارة بوش قبل ان تبدأ

احمد مجدلاني

2008 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ما ان أعلنت الإدارة الأمريكية عن موعد زيارة الرئيس بوش للمنطقة ، في إطار سعيه المحموم لإنجاز شيئا ما قبل مغادرته المكتب البيضاوي في البيت الأبيض ، خاصة وان أهداف الزيارة قد حددت بدفع عملية السلام بين الفلسطينيين –والإسرائيليين التي انطلقت في أنابولس عبر ثلاث مسارات ، المسار السياسي استئناف المفاوضات الثنائية حول قضايا احل النهائي ورقابة الولايات المتحدة لتطبيق المرحلة الاولى من خطة خارطة الطريق ، والمسار الثاني المسار الاقتصادي الذي حقق تقدما فاق ما هو متوقع منه عبر التزامات الدول المانحة لدعم خطة التنمية الفلسطينية بأكثر من 7.6 مليار دولار ، في حين ان المسار الثالث يركز على بناء مؤسسات الدولة والذي بتابع ملفه مع السلطة الوطنية الفلسطينية والدول المانحة السيد توني بلير مبعوث اللجنة الرباعية .
الرئيس بوش اعتبر ان ما أنجز في أنابولس شكل انطلاقة لهذه العملية وسوف يولد مفاعيل قوية في خدمة الاستراتيجية الأمريكية من خلال توفير إطار حليف في المنطقة يسهم في احتواء إيران ومعالجة ملفها النووي ، وكذلك الوجود الأمريكي في العراق .
وإذا ما كانت أهداف هذه الزيارة قد تلخصت بهذين الهدفين المعلنين ، فإن نجاح الإدارة الأمريكية في احتواء إيران من خلال تشكيل هذا الحلف العربي الإسلامي العريض لا يمكن ان يتم إلا من خلال تقديم إنجاز ملموس على صعيد القضية الفلسطينية التي بات أوضاع الصراع مع إسرائيل من جهة، والانقسام الداخلي الفلسطيني – الفلسطيني مصدر قلق كبير لاستقرار دول المنطقة بعد ظهور الإسلام السياسي في فلسطين وخروجه من عباءة الاعتدال التي طالما تدثر بها الأخوان المسلمون ، وكشفه عن وجهه الحقيقي القائم على التطرف والعنف واستخدم أساليب العنف والقوة في حسم الصراع الداخلي علاوة على استخدامه الديمقراطية كسلم للصعود إلى كرسي السلطة، ومن ثم التخلي عنه .
ان مجمل هذه الأوضاع تدفع بالإدارة الأمريكية وهي في آخر أيامها إلى المسارعة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه لضمان مصالحها الاستراتيجية في المنطقة وعلى وجه الخصوص ضمان تدفق النفط بأمن وسلام ، وخاصة بعد ارتفاع أسعاره المبالغ فيها ، والذي استنزف طاقات وإمكانيات الكتل الاقتصادية المنافسة للولايات المتحدة ، ومن جهة أخرى قد يؤثر على مستويات النمو بالاقتصاد الأمريكي الذي دخل دورة الركود الاعتيادية .
الإدارة الأمريكية الحالية وهي في عامها الأخير تسعى للاستفادة من كل الممكنات الخارجية وتوظيفها في الحملة الانتخابية الداخلية التي انطلق مبكرا لضمان نجاح مرشحها القادم والبقاء في البيت الأبيض لفترة رئاسية جديدة ، عبر إنجازات خارجية قد تنعكس إيجابا على الوضع الاقتصادي.
في حين ان حكومة إسرائيل من جهة ثانية لا ترى ان مصالحها تتحقق في إطار هذه الرؤية الاستراتيجية الأمريكية الجديدة القائمة على الاحتواء ، بل ان مصلحة إسرائيل الاستراتيجية هي في بقاء أجواء التوتر في المنطقة حتى تحتفظ على قيمتها الاستراتيجية العالية بالنسبة للاستراتيجية الأمريكية ، وكذلك الحال فإنها تعتبر نجاح المشروع النووي الإيراني تهديدا وجوديا لها ، كما إنها وهذا هو المهم لا ترى من داعي لتقديم أية تنازلات على صعيد المسار السياسي الفلسطيني في نهاية عهد إدارة بوش ، لان هذه الإدارة في آخر أيامها ومن غير المرجح ان تعود للسلطة بعد الانتخابات ، كما إنها اعجز بحكم أزماتها الخارجية وفشلها في إغلاق كافة الملفات التي فتحتها بدأ من أفغانستان مرورا بالعراق ونهاية بالسودان من ممارسة ضغوط عليها لإنجاح المسار السياسي من لقاء أنابولس .
لذا فلم يكن من المستغرب أطلاقا ان نرى القرار السياسي الإسرائيلي بتصعيد الموقف عسكريا قبل وصول الرئيس بوش للمنطقة ،سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة من اجل تغير الأجندة السياسية إلى أجندة أمنية وقلب الضغوط التي من المكن ان تمارس ضدها لإجبارها على احترام اتفاقات أنابولس وخطة خارطة الطريق ووقف الاستيطان لإطلاق مسار المفاوضات الذي تعطل بفعل هذه السياسة الممنهجة والمدروسة .
خطة حكومة أولمرت وضع قضية الأمن "والإرهاب" مجددا كقضية رئيسية لتحويل جولة الرئيس بوش بدلا من دفع العملية السياسية كما وعد في جعل عام 2008 نهاية فترة رئاسته تتوج بالاتفاق على موعد إعلان قيام الدولة الفلسطينية ، إلى العودة مجددا للغرق في القضية الأمنية وتحميل الفلسطينيين مسؤولية تقاعسهم عن ضرب البنية التحتية لما يسمى "الإرهاب" وربط أي تقدم على المسار السياسي بالقضاء على ما يسمونه "الإرهاب" .
وفي هذا السياق فإن التصعيد العسكري العدواني الذي طال مدينة نابلس واستهدف الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد وجهة ضربة بالصميم لمشروع خطة الحكومة الفلسطينية لبسط الأمن وتطبيق سيادة القانون ، وهي الجزء الرئيس من خطة خارطة الطريق .
لقد أزعج نجاح حكومة فياض أولمرت في ضبط الأمن في نابلس وامتداد ذلك لعدة محافظات فلسطينية اخرى، لان من مصلحة إسرائيل استمرار حالة الفوضى والفلتان للتذرع بعدم قدرة السلطة الفلسطينية على ضبط من جهة، ولتبرير من جهة أخرى تنصلها من دفع استحقاقات التزاماتها السياسية .
لقد أجهض موقف أولمرت- باراك زيارة الرئيس بوش وفي الجوهر منها دفع العملية السياسية قبل ان تبدأ وما يمكن ان يبنى عليها من حلف إقليمي واسع خدمة للاستراتيجية الأمريكية القائمة على الاحتواء ،وحول هذه الزيارة والتي ربما تكون الاخيرة في عهد بوش إلى زيارة بروتوكولية خالية من أي مضمون او نتائج فعلية ملموسة على دفع ونجاح العملية السياسية التي تحقق رؤية الرئيس بوش دولتين لشعبين ، وسيبقى هذا الهدف مؤجلا او مرحلا للإدارة القادمة وهذا ما تراهن عليه حكومة أولمرت- باراك لعلها وفي ظل إدارة جديدة تحظى بظروف وشروط أفضل لفرض رؤيتها "للسلام" في المنطقة والذي لا يعدوا ان يكون استسلاما يفرض على العرب والفلسطينيين ان استطاعت ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيارة الرئيس الصيني لفرنسا.. هل تجذب بكين الدول الأوروبية بع


.. الدخول الإسرائيلي لمعبر رفح.. ما تداعيات الخطوة على محادثات 




.. ماثيو ميلر للجزيرة: إسرائيل لديها هدف شرعي بمنع حماس من السي


.. استهداف مراكز للإيواء.. شهيد ومصابون في قصف مدرسة تابعة للأو




.. خارج الصندوق | محور صلاح الدين.. تصعيد جديد في حرب غزة