الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقدمة كتاب دراسات حول القضية الكردية ومستقبل العراق

خالد يونس خالد

2003 / 11 / 30
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


 كتاب "القضية الكردية ومستقبل العراق"، تأليف الأستاذ د. منذر الفضل. من مطبوعات دراسات كردستانية في السويد. (2003). 375 صفحة.  
  كتب الدكتور خالد يونس خالد مدير مركز الدراسات الكردستانية مقدمة الكتاب مشكورا، بطلب من المؤلف. فالدكتور الفضل خبير قانوني وأحد الملمين بالقضية الكردية، وأحد أصدقاء الشعب الكردي، يُحضى بإحترام كبير لدى الشعب الكردي وجميع قياداته بدون إستثناء، وهو من المدافعين لحقوق الشعوب المظلومة، وله إسهامات جادة في معالجة القضية الكردية من وجهة نظر عربية تقدمية، معبرا عن العقلية العربية المتفتحة والديمقراطية في معالجة القضية الكردية الساخنة على عكس بعض الأصوات العربية ااشوفينية التي لاتعترف بحق الشعوب في تقرير مصيرها. ومن هنا نعلم حقيقة مواجهة القوى الخَيّرة بقوى الشر في القومية نفسها، ليعَلِمنا بأن الشعب العربي شعب عظيم لايمكن أن يضر بَحرَه يوما بالأصوات العنصرية والشوفينية وحملات الإبادة من قبل القوى الظلامية العربية المتخلفة.
   
                   مقدمة الكتاب للباحث العراقي خالد يونس خالد  
  
عندما يقرأ الإنسان أفكار الكاتب من خلال كلماته يدرك بجلاء مدى إبداع الكاتب في التعبير عن ما يختلج في قلبه من حب وما يدور في عقله من فكر ، وما للحب وللفكر من معاني الحياة. فالكاتب الصادق هو غاية بحد ذاتها، ويأبى أن يكون وسيلة أو تُرسا في آلة، إنه يدخل الغابة المظلمة المليئة بالوحوش الكاسرة لينظفها من العشب الضارة وهو ينتظر أن تفترسه تلك الوحوش في أية لحظة.
   الأستاذ منذر الفضل أضفى إبداعه في كلماته التي بين أيدينا بأسمى معاني الحياة، وهي المحبة. بل تجاوزت هذه المحبة إلى العشق الإنساني للحرية، وإلى حبه للحبيبة الكردية التي وهبته عطر دنيا الجمال.
  
كاتب محب، يجعل من الكلمات ورودا معطرة، ومن العبارات حدائق يسير القارئ بين طرقها، وهو يُضفي ذاته بالعطر، ويُفرح عينيه بالألوان الزاهية، تماما كالأفكار التي تدع ألف زهرة تتفتح، وهذه الأفكار تعطي لشعبه بعربه وكرده وأقلياته، الحق في الحياة الحرة. فالكاتب يحب العرب لأنه عربي يفهم هويته الثقافية، ويحب الكرد لأنه ديمقراطي يفهم معنى الحرية والوفاء للمحبة، ويحب الأقليات لأنه حر لا يخشى من ممارسة الحرية. فإذا ربطنا الديمقراطية بالسلام في حديقة الأخوة الحقيقية بين أبناء العراق، نجد أنه لاتنبت فيها اشواك الكره والحقد، لأن ما يُزرع فيها من ورود تنبت بالمحبة، والمحبة لاتعيش في أجواء الإرهاب والظلم والإضطهاد. فالأستاذ الفضل لا يكتب إلاّ عندما يفكر، إنه الإبداع الإنساني الجميل. وهذا هو الفرق بين المثقف والمتعلم، فأمامنا كاتب مثقف تأتيه الكلمات طوعا فيضعها في قوالبها بالمحبة للإنسانية كلها.

عندما قرأت في شبابي شعر الشاعر الفلسطيني محمود درويش في قصيدته "معكم" وهو يغني لكردستان قبل بضعة سنين:
"معكم .. معكم قلوب الناس
معكم عيون الناس
معكم عبيد الارض
معكم أنا .. معكم أبي وامي
معكم عواطفنا .. معكم قصائدنا"

ويستمر الشاعر في قوله وبجرأة متناهية:
"هل خرَّ مهرك يا صلاح الدين؟
هل هوت البيارق؟
في أرض كردستان حيث الرعب يسهر والحرائق
الموت للعمال إن قالوا لنا ثمن العذاب
الموت للزرّاع إن قالوا لنا نور الكتاب
الموت للأكراد إن قالوا لنا حق التنفس والحياة
ونقول بعد الآن فلتحيا العروبة
مري إذن في أرض كردستان .. مري يا عروبة
هذا حصاد الصيف هل تبصرين؟
لن تبصرين إن كنت من ثقب المدافع تبصرين".

عرفتُ حينئذ بأن الشاعر كان يغني للحرية، والحرية لا تتجزأ ، ولا يمكن أن يكون شعبا من الشعوب حرا إذا حجب الحرية عن غيره. فالشاعر كان يغني  لشعبه الفلسطيني، وأدرك بجلاء حق الشعب الكردي المضطَهد أيضا في الحرية فانتقد بجرأة العقليات التي لا تؤمن بالحرية. وأعطى للكرد كما للفلسطينيين هذه الحرية قبل أن تخمد جذوة عطاءه.
  
أما الدكتور الفضل، فإنه يُضفي للحرية محبته، وللعطاء وفاءه لشعبه العربي، وهو يروي قصة مأساة المظلومين من الكرد دفاعا عن الإنسانية.
   في هذا الكتاب الذي بين أيدينا، يقرأ القارئ موضوعات عن الكرد بقلم عربي يعرف مفهوم الحرية بأحلى صورها، ويدخل عالم الحرية يكل جرأة وشجاعة لممارستها، وهو مُتيقن أنه لا يمكن ممارسة الحرية في العراق في أجواء القهر والخوف، إنه يقول ما يريد أن يقوله، ويفعل ما يريد أن يفعله بعيدا عن العنف، وبدون أن يعتدي على الأخرين. إنه إعتراف بحقوق الشعب الكردي مثلما هو إعتراف بحقوق الشعب العربي، كما هو إعتراف بحقوق الإنسان أيا كان. إنه يجعل كل كردي في موقع يحب أخاه العربي، وكلهم كعراقيين في سفينة العراق في بلد ديمقراطي تعددي فدرالي برلماني. إنه بهذا الموقف الإنساني النبيل، ومن خلال دراساته عن القضية الكردية ومستقبل العراق يبين لنا أهمية الوعي بالتاريخ وليس مجرد قراءة التاريخ.
  
الكاتب لا يفهم التاريخ كوقائع عفىعليها الزمن فينساها الإنسان ولا يستفيد منها حتى لا يسئ فهم واقعه، إنما التاريخ أهم من ذلك بكثير. إنه كما قال عبد الرحمن إبن خلدون، التاريخ علم كبير وخطير. فجانب كبير من مشاكلنا هو أننا لا نعي التاريخ فلا نستفيد من تجارب نجاحنا وفشلنا. والتاريخ كما يفهم القارئ من دراسات الباحث منذر الفضل عن القضية الكردية والقضية العراقية تأكيد على ضرورة الوعي به. وهناك فرق كبير بين قراءة التاريخ ، وبين الوعي بالتاريخ. فالناس الذين يقرؤون التاريخ للترفيه لا يمكن أن يأخذوا دروسا منه. وهنا تكمن المأساة، حين سُئل موشي دايان عن أسباب هزيمة العرب في حرب الأيام الستة، فقال "العرب لا يقرؤون". وهو تعبير قاله مستشرق ألماني لا أتذكر إسمه بالكامل حتى لا تخونني الذاكرة، حين قال "الأهمية التي تكمن في قراءة التاريخ هي أنه ليس للتاريخ أهمية". وهذا صحيح إذا تجردت هذه القراءة من الوعي بالتاريخ. وهذا هو أيضا أسباب الإستسلام القومي والإستسلام الطبقي للنظام العراقي الذي يتحكم بشعب العراق ويضطهده، وهو يتنازل لكل القوى الدولية، ويرفض أن يتنازل لشعبه. هزيمة بعد هزيمة، وإحتفال بالنصر بالهزيمة في ظل الإضطهاد والإستعباد والإرهاب.

هذا الوعي بالتاريخ يتجلى في دفاع الكاتب عن حقوق الشعب الكردي، وهذا الدفاع متمم ومكمل لوعيه بحرية الشعب العربي. إنه يدافع عن حق الشعب الكردي من منطلق إيمانه ودفاعه عن حق الشعب العربي في أن يعيش حرا بين الأحرار، وأن يكون العقل العربي والعقل الكردي في وحدة من أجل الدفاع عن قضاياهم للعيش بكرامة وأخوة على أساس العدالة والمساواة، وما للشعوب من حق في تقرير مصيرها بنفسها. فالحرية كلٌ واحدٌ، ولا يمكن أن يكون الإنسان نصف حر ونصف عبد. فإما أن يكون حرا وإما أن يكون عبدا ولا وسط بينهما "ومن لم يفهم هذا الأمر من التاريخ فهو غبي لا علاج له".    

هذه الدراسات تنم على قدرة الكاتب القانونية الكبيرة، وقد بذل جهدا مستفيضا لتقديم أفكاره ، مستندا على المصادر العلمية وتحليلاته العميقة.  إنه يفكر بجوهر الحقيقة الصافية المتمثلة بدفاعه عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهي حقيقة  تختلف عن الحقيقة التكتيكية المزيفة. إنه يعبر عن تلك الحقيقة الصافية بجرأة متناهية، وفكر نير من منطلق إيمانه بالحياة الحرة الكريمة للإنسان أيا كان وأينما كان.

لمن يرغب بإقتناء نسخة من الكتاب يمكنه الإتصال بمركز الدراسات الكردستانية 
[email protected] 
   سعر الكتاب مع أجور البريد 15 يورو في أوربا. و20 يورو خارج أوربا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل