الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفط العراقي بين الحقيقة والوهم الأمريكي

زهير مبارك

2008 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


بتدمير قوة العراق العسكرية عام 1990م، وبوضع الحصار وبغطاء دولي ، كانت الأمور تسير نحو مأساة للشعب العراقي ، حيث الفقر والمجاعة وموت ملايين الأطفال نتيجة الحصار ، وهذا عبارة عن حلقة من سلسلة المشروع المعد أمريكيا ، فقد تم فرض ما عرف "بالنفط مقابل الغذاء"، وكان عبارة عن أداة لنهب نفط العراق، ولم يكن من مفر أمام العراق ذلك أنه بعد طول رفض له إلا أنه وافق من موقف الضعيف المضطر ، وقد ظهرت العديد من التجاوزات التي تخللت عملية نقل النفط وتبادله بالغذاء ، والغريب في الموضوع أن أسمه النفط مقابل الغذاء ، ولم يكن يصل من الغذاء إلا ما ندر ، وباقي ما يخرج من أموال يذهب كتعويضات لحلفاء الولايات المتحدة، مثل الكويت، وتقوية شوكة الأكراد ، فمن مجمل كل مليار دولار كان يذهب إلى الحكومة العراقية الغابرة فقط 5% فقط ، والباقي لا يصل للعراقيين تحت مسميات متعددة، ورغم كل ذلك لم يعد هذا كافيا بالنسبة للولايات المتحدة بل قامت بتسريع مشروعها القائم على السيطرة على نفط العراق، وكانت الأداة التي سرعت ذلك أحداث 11/ أيلول/ 2001، حيث كل المحرمات الدولية _ هذا كانت موجودة أصلاً_ سقطت، وكل ذلك تحت ذريعة "الحرب على الإرهاب".

بغزو القوات الأمريكية العراق، كان أمامها مشروعين الأول، تفتيت العراق بين طوائف متنازعة، يكون العراق عبارة عن دويلات متناحرة، وذلك لضمان إبقاء العراق ضعيفا مفتتا إلى الأبد ، وهذا يفسح المجال كي يبقى نهب النفط العراقي كما هو الحل اليوم، دون أن يقوم احد بحساب الولايات المتحدة وهو الأمر الذي لم يسر كما تريد حتى الآن ، فالمقاومة العراقية التي لملمت نفسها بصورة قياسية لم تغفل أن الولايات المتحدة تريد بالدرجة الأولى وقبل كل شيء النفط . فسعت لضرب آبار النفط بشكل مستمر ، كما أن الأمور لم تستقر كما تريد الولايات المتحدة فهي في تصورها كانت تريد إحضار من حضروا على دباباتها ليقوموا بخدمة الأطماع الأمريكية ، وهذا ما يتحقق فالمقاومة العراقية على ما يبدو تسير بخطى ثابتة، لا تجادل بل تعمل أكثر مما تتحدث ، بقوة السلاح ضد الغزو الأمريكي ، وهذا جعل المهمة مستحيلة بالنسبة للأمريكيين، وكلما زادت النعوش التي تتوافد ، وبازدياد إلى الولايات المتحدة ، فلا عجب أن تتكرر تجربة فيتنام ، هذا يتوقف على أولا، صمود المقاومة العراقية وعدم تراجعها .ثانيا، خلخلة المجتمع الأمريكي من الداخل من حيث إحداث ثغرة في جدار المحافظين الجدد وهزيمة مشروعهم المتطرف.

بعد سيطرة الولايات المتحدة على نفط العراق، أصبح يروج إلى أن العراق غير قادر على إعادة إنتاج النفط، بما يقارب ثلاثة ملايين برميل يوميا، وهذا يدعو إلى "السخرية" فعند المقارنة بين الاحتياطي الأمريكي والعراقي ، يوجد فرق شاسع بينهما، فالعراق يمتلك في الوقت الحاضر ما يقارب 112 مليار برميل ، في حين الولايات المتحدة تمتلك 22 مليار برميل في احتياطها، فكيف الذي لديه كل هذا الاحتياط لا يستطيع إعادة تأهيل نفسه للوصول إلى الرقم السابق بل وأعلى منه بكثير، في حين الولايات المتحدة قادرة على إنتاج ما يقارب 5.3مليون برميل، في هذه الحالة العراق قادر على إنتاج خمسة إضعاف الولايات المتحدة أي نحو 23 مليون برميل وبدون استكشاف أضافي.

كما يروج المسيطرون على النفط العراقي أنهم بحاجة إلى ما يقارب 38 مليار دولار لإعادة تأهيل آبار النفط وتنميتها وهي تقديرات تبدو في الحقيقة غير معقولة ، ذلك أنها لكي تعيد الإنتاج إلى ما يقارب 3 مليون برميل يوميا تحتاج فقط إلى اقل من مليار دولار. وعليه ، فالعراق عمليا لا يحتاج إلى الشركات متعددة الجنسيات .

الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا يعرفون أن العراق يستطيع أن يقوم بذلك بنفسه ولهذا السبب تنشر الولايات المتحدة الأرقام الوهمية عن تكلفة إعادة التأهيل وعدم مقدرة العراق على إعادة الإنتاج كما في السابق.

وفي نفس الاتجاه تم تحت ذريعة إعادة الأعمار في العراق إنشاء ما يسمى ب " صندوق تنمية العراق"، والذي كان من المفترض أن يتم وضع عائدات النفط فيه، ولكن على ارض الواقع لا احد يعرف أين تذهب هذه العائدات، ببساطة لان الأمريكيين هم الذين يسيطرون عليه ولا احد يعرف أين ينفقون الأموال، وكم يدخل الصندوق ، مع العلم أن الأمم المتحدة هي التي من المفروض أن تشرف عليه ، ولكن من لديه الجرأة لسؤال الولايات المتحدة ليس جزعا فقط بل طمعا بما يمتلك العراق فلكل واقف أمام مقصلة العراق يريد حصته.

تأسيسا لما سبق لا يوجد من يحاسب الولايات المتحدة عن أموال العراق سواء المنهوبة أو/و التي تذهب نتيجة الفساد المالي ، وفي المقابل "الحكومة العراقية" الحالية تعبر عن وجهة نظر الولايات المتحدة ، لا تسأل لا عن النفط ، ولا عن الأموال التي يجلبه النفط فهي غارقة في التبعية والفساد ، لان هذه "الحكومة " بأعضائها ما هم إلا موظفون عند الأمريكان، دورهم يتمثل في خدمة أهداف الولايات المتحدة ، وبالتالي فالنفط العراقي معرض للنهب وهو ينهب فعليا ، ليس أمامه إلا المقاومة الحقيقية التي بعزيمتها تخلصه من يد الأمريكيين الذين حضروا إلى العراق وقاموا باحتلاله من أجل نهبه وإفقاره.

ولكن رغم الأطماع الأمريكية إلا أنه أصبح جليا لهم أن غزو العراق ليس مجرد نزهة للجنود الأمريكيين ، فالمقاومة التي تنمو كل يوم وقعت هذه الحقيقة.

الولايات المتحدة الآن أمام أمرين : إما أن تبقى في العراق للحصول على النفط الذي تريد وبضغط من قبل الشركات التي لها مصالح كبرى في العراق، وهذا يتطلب دفع الفاتورة التي لم تكن في حسابات صناع القرار في البيت الأبيض، وإما الخروج ، وهذا ليس بالأمر الهين بالنسبة للولايات المتحدة ، فليس الأمر مجرد خسارة نفط العراق، بل خسارة هيبتها دوليا، وتكرار التجربة يمكن أن يتكرر في حال التمرد في باقي الدول النفطية التي ينهب نفطها ، وهي لا حيلة لها في الوقت الحاضر ، بسبب عمق التبعية. وفي كلا الحالتين الأمور تتوقف على مقدار الحسابات الأمريكية من حيث الربح والخسارة كمشروع استعماري في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة