الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نتمكن؟

سعدون محسن ضمد

2008 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


كنّا، ولا نزال، نطمع بحراك سياسي لا يستند إلى ـ أو ينطلق عن ـ الطائفية، خاصَّة مع فشل مراكبنا الطائفية في الوصول لأي مرفأ. فهذه المراكب لا تصلح للإبحار إلا زمن الحروب. أي عندما تُهدَّد هوية ما بالتصفية، عندها تضطر جميع فئاتها لضرب خلافاتها عرض الحائط والاتفاق على تشكيل جبهة دفاع. لكن ما أن ينتهي التهديد حتى تبدأ الخلافات بوجهات النظر بالبروز شيئاً فشيئاً. وهذا ما نتمنى أن بشائره لاحت في الأفق العراقي. ذلك أن ظهور الخلافات بين المكونات المصطفة طائفياً يوفر فرصة لبحث هذه المكونات عن أرضية وطنية للاتفاق مع كيانات الطوائف الأخرى.
لن تتمكن الطائفية من التغطية على الخلاف المتأصل بين البعثيين والشيوعيين، أو بين الليبراليين والإسلاميين إلى نهاية المطاف، لا تستطيع، وحدها، أن تجمع كيانات تعمل بأجندة متناقضة على صيغة عمل مشتركة. هذا ما بدأ يتجلى في التفاهمات وربما التحالفات التي أخذت تضهر تباعاً على ساحة الفعل السياسي. فانفراد الحزب الإسلامي بالتفاهم مع الأكراد يعني بأن العنوان الطائفي الذي يجمع جبهة التوافق السنية أخذ ينهار. كما أن تحرك التيار الصدري وحزب الفضيلة اتجاه التفاهم مع القائمة العراقية وجبهة الحوار يعني أيضاً بأن الإئتلاف العراقي الشيعي الموحد في سبيله هو الآخر للتفكك. يتأكد هذا التفاؤل مع التصريحات التي أدلى بها سياسيون عدَّيدون من المعنيين بهذا التفاهم والتي أجمعت كلها على أنه يأتي في سياق مقاطعة أي خطر يمكن أن يشكله تفاهم دوكان الثلاثي على موقف حكومة المالكي من مطالب أقليم كردستان. والتي يحاول الأكراد فرضها بقوة.
يخطئ من يعتقد بأن وجود الحزب الإسلامي بتفاهم دوكان الثلاثي دليل مرض فيه، على العكس فالصحة كل الصحة تأتي من تمكن كياناتنا السياسية من القفز على عنوانها الطائفي أو العنصري خلال عملها. التحالف الستراتيجي المبرم بين الائتلاف الشيعي العربي والتحالف الكردي السني خير دليل على أن المصالح المشتركة مثمرة أكثر من الهويات المشتركة. فبين التحالف والإئتلاف تمايز عنصري وتمايز طائفي، لكن مصالح الطرفين المشتركة، مكنتهما من تشكيل جبهة إنقذت العراق من أخطر المآزق التي واجهته خلال سنواته الأربع والأخطر في تأريخه الحديث. الآن بدا واضحاً بأن مصالح الطرفين أخذت تتقاطع، ما مكن من إيجاد مساحة للاتفاق بين الحزب الإسلامي والأكراد، الذين اقتربت مصالحهم أكثر نتيجة لبعض التطورات السياسية، فالأول بحاجة ماسَّة لكتلة قوية ككتلة التحالف، تدعم مطالبته بحصَّة أكبر بالقرار السياسي، والأكراد بحاجة أيضاً لكيان بقوة الحزب الإسلامي يستطيع أن يفتت التحالف العربي السني الواقف ضد الكثير من مصالحهم. هكذا يجب أن تعمل البيئة السياسية الصحية. فمن حق الأكراد أن يدافعوا عن مصالحهم لآخر نفس. ما دام هذا الدفاع معقولاً وشرعياً. من جهة أخرى على المكونات التي تعتقد بعدم شرعية بعض هذه المصالح أن تجد أرضية تتجاوز من خلالها تقاطعاتها الطائفية لتتمكن من أن تفرض ما تعتقد بأنه شرعي.
لكن ثمة سؤال جوهري يطرح نفسه إزاء هذه التحالفات الجديدة هو: هل أن المصالح الآنية التي أخذت تجمع المختلفين تستطيع وحدها أن تواجه التحالفات الطائفية المبنية على غريزة الصراع من أجل البقاء؟ أعتقد بأن الجواب رهن باستقرار الوضع الأمني أكثر والقادر وحده على إقناع الجميع بأن الخوف من الإبادة لم يعد مبرراً. من جهة، ومن جهة أخرى رهن بوعينا السياسي الذي سيمكن الأطراف المتحركة للتفاهم على تقديم تنازلات أكثر لبعضها البعض.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل


.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف




.. استطلاع: ارتفاع نسبة تأييد بايدن إلى 37% | #أميركا_اليوم


.. ترامب يطرح خطة سلام لأوكرانيا في حال فوزه بالانتخابات | #أمي




.. -أنت ترتكب إبادة-.. داعمون لغزة يطوقون مقر إقامة وزير الدفاع