الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية.. كسلاح استراتيجي غربي .. وكحاجة شعوب المنطقة إليها ؟

سيلفان سايدو
حقوقي وكاتب صحافي

(Silvan Saydo)

2008 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


جاء في كلمة الرئيس جورج بوش الإذاعية الأسبوعية السبت المنصرم، بينما كان يعد العدة لزيارته ربما الأخيرة للمنطقة، لتكون صورة موجزة لأجندة جولته التى تستغرق ثمانية أيام، مقترناً فيها جولته بالجهود التى تقودها إدارته لمحاربة الإرهاب الدولي، ولبناء أرضية ديمقراطية في المنطقة، قائلاً: كما شهدنا فى 11 سبتمبر 2001، الأخطار المنبثقة من الجانب الآخر من العالم، التي جلبت الموت والدمار إلى شوارعنا.. ومنذ ذلك الحين، اغتال المتشددون القيادات الديمقراطية من أفغانستان إلى لبنان وباكستان، واغتالوا المواطنين الأبرياء من السعودية إلى الأردن والعراق. وأضاف أن المتشددين يسعون لامتلاك أسلحة متطورة وتجنيد عناصر جديدة لمهاجمة الولايات المتحدة مجدداً، وللإطاحة بحكومات فى الشرق الأوسط، وفرض رؤيتهم البغيضة بالقوة على الملايين.

من هنا يرى الرئيس بوش أن براعم الديموقراطية قد اينعت في كل من أفغانستان والعراق والأراضي الفلسطينية، حيث نجحت هذه المناطق في إقامة انتخابات حرة ونزيهة، لأول مرة في تاريخها، كذلك إجراء انتخابات بلدية للمرة الأولى في تاريخ السعودية، وأيضاً اقتراح الرئيس المصري مبارك بتعديل دستوري يفتح المجال لاختيار أكثر من مرشح في الانتخابات القادمة، من ما كانت إدارته تسعى إليها. ومن هنا يترائ أمامنا نقطتان مختلفتان:

• النقطة المضيئة في الضغوطات الغربية: يمكن القول إن المنطقة هي الآن بأمس حاجة إلى الضغوطات الغربية على أنظمتها لدفعها للسير في طريق الديموقراطية، لأن شعوبها ليست بمقدورها التجرؤ القيام بتغييرات كبيرة ومفاجئة. لهذا يتعين على الشعوب التعامل بشكل براغماتي وعملي مع تلك الضغوطات، كونها باتت شراً لابد منه، ولن تكون هناك قوة دافعة للتغيير بدونها. فالأفغان ما كان بمقدورهم إزاحة حكم طالبان وحدهم، وكذلك بالنسبة للعراقيين في إسقاط نظام صدام. لهذا فالصيغة الملائمة للظرف الراهن هي انتشار الديمقراطية بوتيرة غير متسرعة، تعتمد على تفريغ قوة الأنظمة الشمولية الحديدية، وليس عبر الانقلابات، والانفجارات، وإراقة الدماء..
وينبغي أيضا عدم التقليل من شأن الخطوات الصغيرة الايجابية المتعاقبة، كما حدث بالفعل اليوم في فلسطين في ورغبة الفلسطينيين في تغيير إدارتهم. وكما حدث ذلك في العراق من خلال انتخاب برلمان عن طريق انتخابات حرة، رغم خطورة الموت التي حاقت بهم. ومن كان يصدق أن تحدث انتخابات في السعودية؟. وجرأة اللبنانيين في المطالبة بالخروج السوري، كلها إشارات صغيرة تدل على أن شيئاً ما يحدث في المنطقة، ويجب انتهاز هذه الفرصة لإكساب هذه الخطوات دعماً حقيقياً يمكّنها من إحداث تغيير أوسع.

• النقطة السوداء في سياسات الدول الغربية: بعد مرور نصف عقد ولم يستتب الأمن في العراق ليصبح بلداً لإشعاع الديموقراطيةً، فكل يوم تنفجر سيارة مفخخة تودي بحياة العشرات، وكل يوم يختطف عامل أجنبي لمساومة. ولهذا باتت للكلمات اليمقراطية والاصلاح السياسي معسولة، ككلمة حق يراد بها باطل، فلا يختلف اثنان على حاجة مجتمعات المنطقة الماسة إلى الإصلاح السياسي، لكن الإصلاح بمعزل عن مشروع وطني كبير سيبقى مجرد إصلاح مبتور، مجرد اداة في الحرب على الإرهاب. وإزاء هذه الازدواجية في المعايير فللإدارة الأمريكية تاريخ طويل من عدم الثقة بها، وهذا ما يجعل المرء بأن يستريب المرء في نواياها، ولها مع حاكمه تاريخ مواز من القمع والقهر يريد أن يضع له حداً بأي شكل. وبدون أجندة خاصة به سيقتصر الأمر على تغيير نظام حكم بنظام حكم شبيه، دون تقدم فعلي.
فرصة زيارة الرئيس بوش للمنطقة: إذ لو أن واشنطن خصصت نصف ما تنفقه على الأسلحة والحروب في مجال حقوق الانسان ونشر الديمقراطية بطرق سلمية، لكان العالم فعلا مدينا لها، وهذا ما أظهرته مؤخرا المعونة الجبارة التي قدمتها واشنطن للمناطق المنكوبة في جنوب آسيا بعد كارثة المد البحري. وهذه المبادرات الايجابية تقرب قلوب الشعوب الأخرى من القييم الغريبة عنها، أكثر من أي شيء آخر.

وعلى الرغم من أن الرئيس بوش جعل من قضية النهوض بالحرية في شتى أرجاء العالم موضوعاً رئيسياً على جدول أعمال فترته الرئاسية الثانية، ووعد في خطاب التنصيب جميع المقهورين والمظلومين بوقوف أمريكا الى جانبهم إذا هبوا من أجل حريتهم. بيد أنّ خطابه ذلك بقي في سياق العقائد والقيم الامريكية التقليدية. أما الواقع السياسي فحدده المأزق السياسي ولاعسكري في العراق، وكذلك الأزمات السياسية المتنامية في المنطقة كالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والضع السياسي العقيم في لبنان، بالإضافة إلى المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي. وعندما يستطيع بوش أن يبرهن أنه يملك صفات القائد العالمي، عندها فقط ستحظى الرسالة الديمقراطية الامريكية بنجاح على المدى الطويل. والى ذلك الحين، من الطبيعي أن يرتاب المرء بعض الشكوك.

وفي ما يخص عملية السلام، مازال المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون لم يحققوا تقدما كبيرا رغم التوقعات بأنهم سيتفقون على قضايا متصلة بالإجراءات الأساسية مثل تشكيلة ومسؤوليات فرق العمل. وعلى مستوى جلب الديمقراطية إلى المنطقة، لا تخفي واشنطن إحباطها من قلة التقدم الحاصل في هذا الاتجاه. وأن هذه التحديات لم تمنع الرئيس بوش من الاعتقاد أن الوقت مناسب لتوصل لاتفاق سلام شامل مع نهاية السنة الحالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا