الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التربية على حقوق الإنسان (2)

سامر أبوالقاسم

2008 / 1 / 14
حقوق الانسان


ورد عن الراحل إدريس بنزكري في أول تصريح له تعيينه رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، المنشور بجريدة الاتحاد بعد الاشتراكي يومي 21 و 22 ماي 2005، قوله: «هناك حقوق لابد من تثبتيها، وهناك التزامات وأخلاقيات ومبادئ معينة، لابد من الالتزام بها سواء من طرف الدولة أو من طرف المجتمع. وتوضيح حدودها والمنزلقات التي تتهددها ويجب تجنبها».

كما ورد عنه في نفس التصريح: «عرف الأسبوع الماضي انطلاق مشروع الخطة الوطنية حول النهوض بثقافة حقوق الإنسان والتي استعملنا فيها نفس الأسلوب، حيث قمنا طيلة سنة ونصف بدراسة خبرة اطلعنا خلالها على كل ما هو موجود في الساحة الوطنية على مستوى المؤسسات الحكومية كوزارة التعليم، والعدل وغيرها.. وعلى مستوى المنظمات غير الحكومية والعمل التحسيسي غير النظامي، وأعقب ذلك تقييم لنقط الضعف والقوة في هذه التجارب، التي ستظل تجارب رائدة ومهمة بالمقارنة مع ما يجري في دول مماثلة لنا. وقد اكتشفنا أشياء مهمة كرصيد، كما وجدنا عناصر ضعف».

وحسب رهانات السيناريو المأمول لسير المغرب نحو سنة 2025، يرى تقرير الخمسينية "المغرب الممكن" أنه بالإضافة إلى ضرورة توطيد الممارسة السياسية العادية وتحسين نظام الحكامة، وإعادة بناء اقتصاد تنافسي يستفيد من انفتاح النافذة الديمغرافية وربح رهان مكافحة مختلف أنواع الإقصاء، وإعادة تنظيم أشكال التضامن والتغلب على الفقر، واستغلال فرص الانفتاح والتغلب على تحدياته وتجنب مخاطره، والمضي في مقاربات جديدة للتموقع الجهوي والعالمي، لابد من توفير شروط اندماج قوي للمغرب في مجتمع المعرفة، وفي ذلك يقول بصفحته 263: «يشكل ابتكار مدرسة جديدة رهانا بالغ الأهمية. ويتعلق الأمر بمدرسة منتجة للمعنى ولقيم المواطنة وضمانة للارتقاء الاجتماعي؛ بمدرسة يكون لها إشعاع في محيطها، مندمجة في بيئتها وحاملة لأفكار التقدم؛ مدرسة قادرة أيضا على ربح رهان الجودة والاستجابة لمتطلبات القرن الواحد والعشرين؛ مدرسة يتحمل فيها رجال التعليم، بعد تأهيلهم ورد الاعتبار والمصداقية والاحترام لهم، كامل مسؤولياتهم تجاه المتعلمين. وسيكون في مقدور مدرسة بهذه المواصفات أن تمد البلاد بالموارد البشرية، المؤهلة بما فيه الكفاية، من أجل تمكين المغرب من الولوج الواثق للاقتصاد والمعرفة وربح معركة التنمية. كما ستوفر مدرسة من هذا النوع لبلادنا النخب السياسية والاجتماعية القادرة، على إنجاح المشروع الديمقراطي الوطني».

وإذا كانت التربية «هي صيرورة أفقية تشمل كل الممارسات المؤسساتية التي تهم تنشئة المواطن والمواطنة وتنمية شخصيتهما الإنسانية بكل أبعادها الوجدانية والفكرية والاجتماعية والثقافية... في أفق التشبع بثقافة حقوق الإنسان، وتمثلها في المعرفة والسلوكات والممارسات» حسب ما هو وارد في "أرضية عمل مواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان" الصادرة عن لجنة الإشراف على إعداد خطة العمل الوطنية للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، فإن الاهتمام المتزايد بالمنظومة التربوية من زاوية البرامج المتعلقة بالتربية على حقوق الإنسان يكون في القلب من هذا التوجه العام، الذي انبثق عن حاجة وضرورة مجتمعية مؤكدة حسب النتائج المتمخضة عن العمل الشاق والمضني لهيئة الإنصاف والمصالحة.

وإذا كان تفعيل الثقافة القيمية والمبدئية في المنظومة التربوية بالارتكاز على برامج التربية على حقوق الإنسان، وتدعيم وتعزيز هذه القيم والمبادئ، وكذا المفاهيم المرتبطة بهما، في البرامج التربوية، وتتبع مختلف الظواهر والسلوكات باعتبارها مخرجات للتربية على القيمة والمبدأ، ورصدها وتقويمها داخل الحياة المدرسية اليومية، ومن خلالها داخل النسق الاجتماعي المغربي بشكل عام.

إذا كان كل ذلك يشكل دافعا تربويا أساسيا للنهوض بعملية التنشئة الاجتماعية، داخل الإطار العام المتمثل في إرساء أسس المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي بالمغرب، كما جاء في "أرضية عمل مواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان"، حيث تنص على أن «التربية على حقوق الإنسان تندرج ضمن استراتيجيات التطور والتغيير الاجتماعي ودينامية الإصلاح والتأهيل، للنهوض بالمشروع المجتمعي التنموي والديمقراطي الحداثي، عبر تملك قيم ثقافة حقوق الإنسان من طرف المؤسسات المكلفة بالتنشئة الاجتماعية، خاصة للناشئة في مجالات التكوين الأساسي (المدرسي والأسري...)، وجعلها موجِّهة للسياسات العمومية ولكل متدخل في مجال التنشئة والتربية والتكوين».

فإن الوقوف الجدي والمسؤول على مجموع الإشكالات المرتبطة بالنقاش حول المنظومة التربوية وعلاقتها ببرامج التربية على حقوق الإنسان من ناحية، وارتباطها بالسلوك المدني من ناحية أخرى، لمن شأنه أن يشكل مدخلا رئيسيا لذلك، سواء من حيث توضيح الأبعاد المفاهيمية، أو من حيث تحديد طبيعة وشكل الارتباط الفكري بتأطير تصور تربوي لمنظومة القيم والمبادئ المتوخاة، أو من حيث الارتباط الاجتماعي والتربوي بالتدقيق في المعطيات الخاصة بضبط مخرجات التربية القيمية والمبدئية في واقع حياتنا الاجتماعية المغربية، وهو ما يمكن أن يكون متضمنا في منطوق "حصيلة التربية على حقوق الإنسان والمواطنة" الصادرة عن اللجنة المركزية لحقوق الإنسان والمواطنة بقطاع التربية الوطنية في شهر فبراير 2007، حيث تقول: «هذه الحصيلة، وباعتبارها تجربة قطاعية عملية وميدانية، استغرقت قدرا من التفكير والجهد والوقت، نريدها: أن تشكل أرضية خصبة للتداول الواسع، والنقد الهادف، واستخلاص الدروس والعبر، وذلك بهدف التجاوز الممكن والمحتمل لكل الثغرات والنواقص والصعوبات، التي تعترضها كأية ممارسة أو تجربة إنسانية...».

ومن موقع المسؤولية المشتركة، لابد من الإقرار بأن المجتمع يسير بنا تجاه التعاطي مع المشاكل التي تعتمل داخل منظومتنا التربوية ومؤسسات تنشئتنا الاجتماعية، لذلك ينصب التفكير اليوم وينكب على المدرسة، باعتبارها الفضاء الذي أوكل إليه المجتمع مهمة تربية الأجيال، لكن دون أن يكون وحده معنيا ومسؤولا عن كافة التشوهات التي يمكن أن تعرفها الاتجاهات والمواقف والسلوكات التي تطبع تصرفات الأجيال الصاعدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم بدء تشغيل الرصيف العائم.. الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى


.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي




.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري


.. شاهد: -نعيش في ذل وتعب-.. معاناة دائمة للفلسطينيين النازحين




.. عمليات البحث والإغاثة ما زالت مستمرة في منطقة وقوع الحادثة ل