الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد التخلص من محمد اليازغي ؟

مصطفى عنترة

2008 / 1 / 13
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


تفيد كل المؤشرات أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعيـش أسوأ محطة سياسية في مساره النضالي والتاريخي.

فالأزمة التي يعرفـها "البيت الاتحادي" مركبة ومن الصعب الخروج منها بسهولة. فهـي( أي الأزمة) تتضمن جوانب إيديولوجية وسياسية وتنظيمية، وهي التي تراكمت منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وتعمقت بشكل أكبر بعد التحول السياسي الذي عرفه الحزب الاتحادي إثر دخوله إلى تجربة إدارة الشأن الحكومي.

ولم تحقق مشاركة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في حكومة "التناوب" الأهداف التي كان الجميع ينتظرها لاعتبارات متعددة منها أساسا المشاركة غير المشروطة لرفاق عبد الرحمان اليوسفي في التجربة المذكورة، وكذا ضيق هامش التحرك الذي يتيحه النظام السياسي للجهاز التنفيذي، والذي لا يسمح لأي حكومة كيفما كانت طبيعة تركيبتها السياسية من اتخاذ القرارات السياسية في القضايا الكبرى والمصيرية..إلخ.

فالاتحاد الاشتراكي لم يستفد من أخطاء تجربة "التناوب"، بل الأكثر من ذلك دخل إلى تجربة حكومية ثانية من موقع سياسي ضعيف تحت قيادة إدريس جطو وزير أول تقنوقراطـي، لا شرعية سياسية له..، وذلك رغم غياب "المنهجية الديمقراطية" التي أشار إليها البيان الشهير للمكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي.

وفي نفس السياق نهج سياسة الهروب إلى الأمام ودخل إلى تجربة حكومية ثالثة، هذه المرة تحت قيادة عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي يجر وراءه فضيحة اسمها "النجاة" ضمن حكومة أقلية يتحكم في استمرارها نواب فريق "الأصالة والمعاصرة" الذي يتزعمه فؤاد عالي الهمة رفيق الملك في الدراسة.
لقد ساهمت المشاركة غير المشروطة وغير المحسوبة للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الحكومة في إضعاف هذا الكيان الحزبي. فمؤسساته التنظيمية أصبحت شبه مشلولة وغير قادرة على الفعل بدءا من الشبيبة وانتهاء بالقطاع النسائي ومرورا بالإعلام والمرأة والقطاع الطلابي..؛ كما أن خطابه السياسي فقد جل العناصر التي كانت تميزه عن غيره، ولم نعد نميزه عن خطاب التجمع الوطني للأحرار والحزب الوطني للديمقراطي على سبيل المثال، علاوة على ابتعاده عن نبض المجتمع، ناهيك عن صورته التي تغيرت في نظر الشارع المغربي من حزب كان يحمل هم خدمة المجتمع وسطر استراتيجية للنضال الديمقراطي إلى حزب أصبح همه خدمة السلطة وسطرت قيادته التي استراتيجية الخلود في دار المخزن.
إن الأزمـة المركبة التي يعرفها الاتحاد الاشتراكي تستدعي منه القيام بمراجعة جذرية لطروحاته وأفكاره الإيديولوجية والسياسية وكذا لآلياته التنظيمية وطرق اشتغاله..، بمعنى نوع من "البريسترويكا" و" كلاسنوست " التي تجعل الحزب الاتحادي يتصالح مع ذاته وتاريخه النضالي، ويتصالح مع الجماهير التي رفضته في آخر استحقاقات انتخابية وجعلته يحتل موقعا متأخرا، ويتصالح مع باقي أطراف العائلة اليسارية التي ابتعدت عنه لقربه من المخزن والتي بدونها لا يمكن أن يفعل أي شيء في مواجهة خصوم وأعداء الديمقراطية بالمغرب.
لقد كان على "مهندسي" الانقلاب ضد محمد اليازغي أن يستفيدوا من رفاقهم الفرنسيين في الأممية الاشتراكية.

فالحزب الاشتراكي الفرنسي على سبيل المثال مني بهزيمة سياسية ثقيلة في السنوات الأخيرة، جعلت موقعه السياسي يتراجع بشكل مثير، وهو الأمر الذي دفعه إلى فتح عدة أوراش لإصلاح هياكله والوقوف عند النواقص والأخطاء والاختلالات التي ميزت سياسته.

وأعتقد أن أول إجراء قام به رفاق فرانسوا هولاند هناك هو الاعتراف بالهزيمة والدعوة إلى فتح نقاش بناء ومسؤول تشارك فيه كل أطراف العائلة اليسارية على اعتبار أن شعار المرحلة السياسية يجب أن يكون هو إعادة هيكلة وبناء يسار قوي وحقيقي وقادر على مواجهة التحديات المرتقبة.

وخلافا لما قام به الحزب الاشتراكي الفرنسي، تم تشخيص الأزمة التي يعيشها الاتحاد في شخص محمد اليازغي( رغم أنه يتحمل جزء كبير من المسؤولية) وتم الانقلاب عليه بدعم من قبل بعض "الجهات المعروفة" التي لم تترك الفرصة تمر دون تصفية حسابات الأمس...

فمشاركة وجوه معينة على وجه الخصوص في هذا الانقلاب تحمل عدة دلالات سياسية، ربما قد نفهم لماذا انقلب عليه بعض من كانوا محسوبين عليه لأسباب تعود في مجملها إلى عدم استفادتهم من مشاركة الحزب في الحكومة، لكن أن تبارك أسماء أخرى هذا الانقلاب، فالأمر ليس بالطبيعي. وما خفي كان أعظم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام