الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أجندة غزة وشط الذاكرة - 8 -

غريب عسقلاني

2008 / 1 / 13
القضية الفلسطينية


يحدث الآن في غزة – 2 -

1- من رسالة لصديقة تقيم في مكان ما

يا سيدتي:
لا ضوء في غزة, لا عود شمع.. ولا سراج.. ليل في النهار وليل في الليل.. العتمة شرشت في الزوايا..افترشت كل الطرقات.
تاهت المواعيد إلا من مواعيد الضوء, الذي إن أتى يأتي مع القادم جودو "الكهرباء"
هل سمعتِ آخر الأخبار في غزة؟
العصافير أخذت قراراً جماعياً بالانتحار, ربما يأخذك الهول.. ربما تسكنكِ الدهشة، تسألين عن مبررات القرار..
لا ضوء يطرق أبوابها..يرفع النعاس عن أجفانها, لا حَبَ في الطرقات، ولا سنابل ينضجها هجير الصيف, لا كسرة خبز, لا حليب, لا غناء, ولا شوق انتظار..
ربما يأخذك الحنق.. ربما تصرخين غضبى:
- ما الذي في غزة إذن؟
- لا شيء غير جنون الانتظار
والانتظار هنا موت, فهل في الموت انتصار؟
تخرج جموع الناس تطلب خبراً, تتجشأ البنادق حشواتها.. تتخلص من بعض نجمات..يسقط الناس بين قتيلِ وجريح, تصدح الإذاعات.. ترفع الرايات للقاتل والقتيل..
تهزج غزة بأهازيج الذهول.
كل من غاب شهيد.
كل من حضر شهيد.
كل من توارى عن المشهد, يشهد:
انه فعل الجنون..
هل أدركت الآن يا سيدتي سر العتمة في غزة.
لا ضوء في غزة.
لا أصبع شمع, ولا حتى سراج.
نَضب الزيت وجفت شرايين الفتيل.. وغاب الضوء عن جفن القتيل.
ليل في النهار وليل في الليل.. أسود صار دمي
***
2- نائب فاعل

في غزة يُخطف الكبير والصغير والأمير والحقير, والخاطف في وسائل الإعلام مجهول, والمخطوف معلوم, قد يعود, وقد يصبح مبنياً على المجهول. والناس في غزة تدلهم حواسهم أن الخاطف في جميع الحالات هو نائب فاعل.
وفي غزة يُداهم منزل عضو المكتب السياسي, , ويُؤخذ الوزير من بيته, وهو ليس من فتح, ولا من حماس, قبل أن يمسح عن وجهه غبار المعابر والبوابات.
الذي يفعلها دائما هو نائب فاعل, والتحقيق ما زال مستمرا, فلا قلق ولا, خوف ولا إجابات على أسئلة معلقة في غزة هاشم, حيث الأمن والأمان..
هل منا من ينكر ذلك!!
***
3- وردة العاشق

شاعر عاشق يعيش في غزة, تمنى لو يهدي خطيبته وردة بيضاء في يوم عيد ميلادها, فلم يعثر في جيبه على شيكل واحد لتحقيق الأمنية, فألف لها قصيدة زرع فيها باقات من الورود التي تحبها, لكنه لم يجد ورقة بيضاء يسطر عليها القصيدة, فكتبها على آخر ورقة كلنكس أخذها من بائع الفلافل..
وفي الطريق تذكر حماته التي لا تمل من تذكيره بميعاد الفرح, فضربته قشعريرة الجوع, فسعل وبصق في الورقة/القصيدة.. بكى ولكنه واصل الطريق وظل يبكي..
أخذته خطيبته إلى حضنها وربتت على ظهره, وهمست:
- هل ضربوكَ؟
- وكيف عرفت ِ
ووشوشها بقصيدة طازجة تبرعمت بينهما للتو اللحظة..
***
4- تناسل

في غزة تعلن الحقائق عن نفسها..
ففي غزة تتناسل الرايات الخضراء والصفراء والحمراء, أما الراية الأم فتنادي على من يرفعها..
واللافت في غزة, أن الريح عندما تصفع الرايات, تتحول الرايات إلى سواد بلون الليل..
ففي غزة مغلقة ورش العمل لغياب المواد الخام, والمصانع طال الصدأ مفاصلها وأصابها داء التكلس والموات.
وفي غزة موظفون مدنيون يقبضون من حكومة رام الله, ولا يعملون قسرا, وموظفون مدنيون يقبضون من حكومة غزة ويجهلون ما يعملون لحداثة العهد.
وفي غزة عسكر غادروا مواقعهم أو ابعدوا عنها, وعسكر جدد علقوا النياشين والرتب ووقعوا في بلبلة المسئولية.
وفي غزة الناس كل الناس في إجازة طارئة, يرهفون السمع لمنابر إعلامية تتنافس على المرتبة الأولى في الردح والقدح والذم ونشر الغسيل الوسخ.
هل أعلنت الحقائق عن نفسها في غزة..!؟
***
5- وطن القصيدة

غزة تحتفل بالوطن, فتكرم الشاعر الكبير احمد دحبور..
كلية الآداب في جامعة الأزهر بغزة تكرم الولد الفلسطيني, وتقدم له الوسام, والولد الفلسطيني أُبعد عن مسقط رأسه في وادي النسناس بحيفا وهو ابن عامين, وفُطم تحت ضغط الحاجة قسرا في الشتات, ولكن ما رضعه من حليب قليل في حيفا زوده بطاقة الصمود في المنافي, وجعله يذوق حلاوة التمرد, فانضم إلى الثورة, وظلت حكاية الأهل وشجرات الكينياء في البيت الأول ماثلة أمامه لم تفارقه, وعندما عاد إلى الوطن, رجع إلى غزة, ومنع من الصعود إلى الكرمل وارتسمت له الفجيعة من جديد.. فاختار غزة.. يرنو لبحرها الموصول ببحر حيفا, فالماء واحد, لكن ماء حيفا أول من عمده رضيعا..
ولأن غزة وفية, كبرت بالولد الفلسطيني, وصارت بمساحة الوطن, وأعادت المجد للأغاني والأهازيج والقصيدة, فكرمت أحمد/ القصيدة.. فغزة ترى كل الأشياء بهاجس الأم الوفية, وترى في القصيدة العناوين والأسئلة كأوضح ما يكون..
أغرب ما في الأمر, عجيب الوقت/ الحالة في غزة, فحراس بوابة الجامعة يحبون أحمد, ويحفظون أشعاره وأغانيه, وينظرون للوافدين للتكريم والقائمين على الاحتفالية شزرا, والمحتفون يحبون أحمد, ويحفظون أشعاره وأغانيه, ويعتبرون وجود الحراس نتاج وقت طارئ..
عجبي لكِِ ومنكِ يا غزة..
سيمضي الحراس والمحتفون والمحتفى به, وستبقى غزة تردد أشعار الولد الفلسطيني..
فهل من معترض!؟
المرتد عن الوطن من يعترض..










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر