الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زينب

نبيل ياسين

2008 / 1 / 13
الادب والفن



تلكَ وردتُها
التي انفطرتْ لها الرؤيا وأعمدةُ الرخامْ
تلك وردتُها
وصوتُ نحيبِها القاسي يمد ُّ صداه
عبر المساءِ ، فتذبل الدنيا
ويصعدُ من صدى الماضي نسيمٌ من صَبا بردى
كدخانٍ ورملٍ ساخنٍ
تلك وردتُها
التي انتشرتْ
ليصعدَ من صدى كلماتِها عبَقٌ إ لهيٌّ فتنفجرُ المياه
من صخرةٍ
ما بين بابلَ والشآمْ
تلك وردتُها التي انفطرت لها الرؤيا وأعمدة الرخامْ

تلك وردتُها
أين اختفتْ ؟
في الروحْ
أمْ في غيمةٍ
أم في البكاءِ
ومرقدٍ تحت المطرْ
تلك وردتُها التي سَقطتْ
وراء هوادج ِالأطفالِ ،
وارتفعت وراءَ دجى جيرونَ شمسُ قريشَ ،
ساطعة ً على رمحٍ
يمر على الجزيرةِ قطرةً من طلِّ صيفٍ عابرٍ
في قطرةٍ من دم ْ
قرأتْ كلاماً غامضاً
وتهدجتْ في الفمْ
تلك وردتها
التي ارتفعت كثوبٍ هاشميٍّ
ظلّلَ الصخرَ المبعثرَ في الطريقِ
وظل يخفقُ ألفَ عامْ
تلك وردتُها التي انفطرتْ لها الرؤيا واعمدةُ الرخامْ

تلك وردتُها
وهذا قمحُها
هذا صهيلُ الخيلِ ، قعقعةُ السيوفِ
ولحظةٌ صعدتْ الى برجِ الحياة
هذا اختلاطُ اللهُ أكبرُ في غبارِ الحربِ
كانت فوق ناقتِها كآلهةٍ من التاريخِ ،
عشتاراً تمرُّ على اليباسِ لتنهضَ الأعشابُ ،
جرفاً تحت بابلَ
قوسَ نصرٍ في الرمالِ
قبيلةً من كاهناتْ
تلك وردتُها التي نبتتْ على جمرٍ
فاشعلت الكلامْ
تلك وردتُها التي انفطرتْ لها الرؤيا وأعمدةُ الرخامْ

هل يكذب التاريخْ
من زوّرَ الرؤيا
وأعطى زنبقَ الصحراءِ طلاًّ بارداً
وسقاهُ من وجعِ النحيبِ
مَنْ ههنا
يمضي ويعبر عَشرةَ الأيامِ في هذا المُحرَّمِ ،
مُحرِماً بثيابِ فاطمةٍ ،
ويكتشف الفجيعةَ تحت قبّرةٍ وفي شجرٍ غريبِ
مَنْ ههنا
يأتي على فرسٍ تخبُّ ويعبر الصحراءَ
في هذا الزحامْ
تلك وردتها التي انفطرتْ لها الرؤيا وأعمدةُ الرخامْ ْ
تلك وردتها
التي شقّت حجارةَ هذه الدنيا
وقامت مثل عنقاءٍ على رملِ الجزيره
تلك وردتها
أتَتْ من معبدِ الماضي السحيقِ ،
وأزهرتْ فوق البلادِ
وتلونت بالطلِّ والدمِ والرمادِ
تلك وردتُها التي مطرتْ على ريحِ الصَبا
وعلى الجنوبِ
على الغمامْ
تلك وردتها التي انفطرتْ لها الرؤيا واعمدةُ الرخام ْ

تلك وردتها
لها قمرُ البوادي
حين مرَّ على القوافلِ في الأناشيدِ القديمة
عطرُ سيدةٍ
تمدّ على وسادتِها جدائلَ شعرِها الليلي
تلك وردتها
لها تنهيدةُ العشاقِ ينتظرون قُبلتَهم
وسحرُ اولئك الأسلافِ في هيئاتِهم
وثيابُهم بيضاءُ في الأحلامْ
تلك وردتها التي انفطرتْ لها الرؤيا وأعمدةُ الرخامْْ

تلك وردتها
أتت من شاطئِ النهرِ المقدسِ ،
من جنائنِ بابلٍ
من ذلك البستانِ
بستانِ الدمِ المسفوحْ
تلك وردتُها نَمتْ في الروحْ
تلك وردتُها على صدرِ الزمانِ وسالفِ الأيامْ
تلك وردتها التي انفطرت لها الرؤيا وأعمدةُ الرخامْ

تلك وردتها
التي طلعت من هودجِ الأطفالِ حين يميلْ
تلك وردتُها التي سقطتْ على ظلِّ العراقِ
وتفتحتْ في حائطِ التاريخِ
في جسدِ الشهيدِ
وفي زوايا البيتِ
في دمِنا المراقِ
تلك وردتُها التي حطَّتْ على حدِّ السيوفِ
كأنها ريشُ الحمامْ
تلك وردتها التي انفطرت لها الرؤيا وأعمدة الرخامْ ْ

كانون الثاني 1997








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??


.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??




.. فيلم -لا غزة تعيش بالأمل- رشيد مشهراوي مع منى الشاذلي


.. لحظة إغماء بنت ونيس فى عزاء والدتها.. الفنانة ريم أحمد تسقط




.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش