الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوسي

أحمد الفيتوري

2008 / 1 / 15
الادب والفن


خال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟
حين ينساب في شرايينها كل صباح معتمرا طاقيته الحمراء ترى الشعر فيه .
فلا تنبس وتكتم حبها المتجلي في عينيه من يري الشعر في عينيها .
أخالها كل صباح تتهيأ كي تراه تنهض علي عجل منتظرة تأنيه ، هذا هو الشعر تقول.. حينها يطل كطل الصبح الشذى ، ينساب فيها من ابتسامة خفية خفاء شمس حيية أدركها يخب محمولا مع ندى نفس طرية ، طراوة حب أول وأخير .
هكذا تلتقيه صبحا في شوارع بنغازي يعتمر قلبه؛ في ممشاه اليومي لا يكل و لا يمل يمنح من قلبه كل من يلتقيه ، كأنه أو أنه هو الشعر حين يكون الشعر ابتسامة خجلة ونفسا بهية .
ينعطف ككمشة ودّ هنا وهناك، ويتسربل بحنو المحب من شارع الاستقلال إلي شارع الإذاعة حتى عمر المختار ليختم النهار بدار الكتب .
هو كل يوم قصيدة الصباح : أخال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟
يبدأ الصباح في قلب بنغازي ساعة يمرق فيها قاطعا بتأنيه النهار ؛ المشاء ينساب بدنه في ظله ويخطو خطوة خطوة مركبه اليومي رجلاه، ينهض للشمس كي يحيي المارة وكي يحيون بطلته الحيية ، عند كل مفترق تراه و لا تراه فهو ليس علي عجل من أمره ، بنغازي من تعرف أنه صبحها تراه يدنو من قلبها كل يوم لا يعرف غيرها ، كل يوم يومها وكل يومه ساعة صبحه يلتقيها .
يطلق السلام علي روح شجرة الميدان التي وؤدت، من هناك يدس نفسه بين المرتجلين الميدان ويرنو بتمهل لأهل الصباح، في تمهله هذا يهندم خطوه كي يلتقي بنغازي في معتاده مكتبة الجربي ما تعرف الآن بالفضيل عمر، يحوطه هنا جمهوره من يحبون محياه؛ رفقته في دنيا الكتاب.
يتصفح أوراق هذه الدنيا وتتصفح الكتب عينيه، كل شعر شعره ، الكلام في الكلام كلامه ولكن في صمت المتأمل يحاور الصحف ويلقي السلام علي كاتبيها الأحياء وعنده كل مسطر حي.
حينا يبدو وكأنه يكتب جواب حب وهو ينقش إهدائه لكتاب من كتبه، حينا يتأبط جريدة وينسل عن المكان في خفة لا تحتمل.
يمرق ظله حينها في تؤدة حتى شارع الإذاعة كي يغذي روحه بصحبة صحبه والوجوه الحسان، هو الشعر هناك يلتقي غذاء الشعر : الجمال .
من ركن شارع الإذاعة يطل البحر ويطلق السلام عليه، ويري ثغرا تفلق بسمة وجهه،ويرى ما يحب : جذوة القلب ممن يحبون الشعر كما نفسه؛ عندها يختال ضاحكا مثل كل فعله في خفر، وفي غفلة يختلس من الزمن شدو الروح .
لم يتسن للزمان مرة أن يختله؛ هو من شكم الزمان وأطلق للروح العنان كي تصهل بما تعشق.
ما انشغل مرة بالشعر عن شعر الحياة ولا انشغل عن الشعر بماهيته، لذا في شارع الإذاعة يضرب موعدا للحياة نفسها، ويسلح عنه أغراضها بأن يغزل غزله كعاشق لا يؤب و لا يتوب و لا يخشي البلل.
هذه الروح تمتص الحياة ومن الحياة تشب كل يوم ساعة الصبح ميلادها .
الصمت ملاذه هو حديث الروح كأن لا وجود له هذا الموجود في خجل، يهف في النفس كالنفس، لذا كنا صويحبات الشعر يسكرن جذلانات من هكذا روح. ويمر بنا كالنسمة؛ طالعا عن شارع الإذاعة في الكثير من الصباحات صبوحا، ومحياه كخد طفل لسعته شمس ظهيرة؛ فيه حبور مشع.
يحزم ظهره بذراعيه عند الضحى موليا وجهه دار الكتب : أخال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟.
من الشعر عنده الروح يتسربل سكون المنتشي؛ من تعتعته خمر الحياة، في ممشى الضحى يضحى هانئا،فتتأني رجلاه ويترأ كما لو به مسّ الشعر أليس الشعر أن تحيا ؟ .
يدوزن الروح علي مقام الصبا عند الضحى حتى يغدو كما طائر يحوم في دنيا لا نعرفها و لا تعرفنا ، كأنه الصوفي يمشي في ساحة العشق لا تريث و لا عجل وهو يقطع نهاره إلي محجه دار الكتب.
السكينة تمشي كذا تراه بنغازي في ضحاها كما يراها امرأة لا تريد أن تبيت إلي البيت، بنغازي تريد نهارها صبحا كي تراه .. المحب الوله ..
في برأة ورأفة يتسلل بين خيوط شمس الضحى فلا يدرك و لا يدركه أحد، كأن الصبح أداة تعريفه والضحى ضميره المستتر،يتغيب عنه الناس وعنهم يغيب في رداء بني يضم جسده وينساب كما اللا موجود،يحمص فكر اليوم ويختزل أطراف ما دار في صبحه حتى يدنو منه مبتغاه..
الدار داره والدار ختام مسك نهاره ، تضمه رفقة ويضمها، في الدار أهل الدار أهله أليس خير جليس الكتاب أو كما قال الشاعر ؟ . بين دفتي الدار دفتره دفتر الروح ومسكنه ومن حيث تمكن مخاتلة الزمان ، كل من ضمته بين دفتها الدار حي كما لو أنه لا يموت، هنا المتنبي متنبيا الدهر والمعري الطليق ومنطق الطير منطق أرسطو .. هنا تجول حيث يجول أرواح لا تموت ، ومن ذا تمكن أن يحي كم أحب ، أحب كما يحي ، هامت الروح في مكان يعول عليه مكان مؤنث هو الدار دار الكتب .
أخال بنغازي كلما هلّ تتسأل ما الشعر ؟
في الدار دار الكتب تهلّ الروح وتسوس الشعر أو كما هو الشعر والسلام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر