الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيضــة العقــر وديموقراطية الثيب والبكــر!

مصباح الغفري

2003 / 12 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


زعموا أن أعرابياً شــوهد يكلم نفسه في الطريق ويقول :
- لقد ذهبت الأمانات من هؤلاء الناس ، أودعني صديقي جارية على أنها بكر ، جربتها فإذا هي ثيب !
     ولا غرابة في أن يتكلم العربي مع نفسه ، الغريب أن لا يتكلم العربي مع نفسه ، فالديموقراطية " النابعة " من آبار أرضنا المعطاء هي ديموقراطية بكر لم يطمثها من قبل إنس ولا جان ، ديموقراطية عربية خالصة ليس فيها أي شيء مستورد ، فاستيراد الفيديو والمرسيدس مفهوم ، أما استيراد وثيقة حقوق الإنسان مثلاً فهو من كبريات الكبائر الثلاث ، وعلام نستورد مباديء الحرية ولدينا حريات لم تعرفها شعوب الأرض وقبائلها منذ آلاف السنين ؟
     وعلى سبيل المثال لا الحصر ، هل سمعتم بأنظمة حكم في العالم غير العربي تستضيف مواطنيها في منتجعاتها لمدة تزيد عن ربع قرن  بحيث توفر على المواطن مؤونة العمل لتحصيل الرزق وتقدم له  السكن والطعام مجاناً لوجه الله لا تبتغي جزاء ولا شكوراً ؟ أليست هذه الحكومات أكثر كرماً وعطاء من حاتم الطائي شخصياً ؟
     هل يتمتع المواطن الفرنسي بحق الرقص وهز البطن في الشوارع والساحات العامة ابتهاجاً بتجديد البيعة لجاك شيراك مثلاً ؟
     هل هناك بين شعوب الأرض غير العربية شعب واحد تفكر عنه قياداته وتسهر آناء الليل و أطراف النهار في قراءة المستجدات وفهمها وتحليلها ، ثم تعمد إلى القفز من الصمود والتصدي إلى طاولة المفاوضات ببساطة ودون إجراءات روتينية أكل الزمن عليها وشرب ، وبطرق ثورية لاتنكر تغير الأحكام بتغير الزمان ؟
الديموقراطية عندنا  كالسكر الذي يضعونه في أدوية الأطفال لتقبل مرارة الدواء أو التخفيف منها ، مثلها مثل الإشتراكية السمحاء والإشتراكية العربية  في الخمسينيات ، ليست ديموقراطية مستوردة كما قد يخيل إليكم أيها القراء ، ولماذا نستورد ديموقراطية الغرب الإستعماري ولدينا تراث ديموقراطي لا يختلف فيه رجل مخابرات مع رجل مقاولات  ؟
     نحن بحاجــة إلى الديموقراطية بشرط أن تكون " نابعة " من أرضنا ومن تراثنا ومن عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا التي أقسمنا أن لا نتزحزح عنها قيد أنملة ،يريدون منا أن نستورد ديموقراطية الدول الغربية وأن نترك ما خلفه لنا أجدادنا العظام من مثل أعلى ، فلماذا نذهب بعيدا إلى مونتسكيو ولدينا أبو العباس السـفاح ؟  لماذا نترجم أعمال فلاسفة عصر التنوير ولدينا الفكر النقي للحجاج بن يوسف الثقفي ؟
     يؤكد " خبراء " الحريات العامة في أجهزة الأمن العربية والشرق أوسطية أن الديموقراطية عندنا كالمرأة ، ديموقراطية بكر تحافظ على غشاء عذريتها كما تحافظ على بؤبؤ عينها ، أما الديموقراطية المستوردة من الفكر الغربي فهي ديموقراطية " ثيّب " فقدت عذريتها  ، والدليل الذي يفقأ الحصرم في عيون المعاندين والمكابرين هو أن الرئيس الفرنسي لا يحصل في الإنتخابات على أكثر من واحد وخمسين بالمئة من أصوات الناخبين ، بينما يحصل أكثر رؤسائنا العرب تواضعاً على تسعة وتسعين بالمئة من أصوات الناخبين الأحياء منهم والأموات ، الأحرار والسجناء ، المقيمين والمهاجرين ، المؤيدين والمعارضين ، فهل هناك حكم في الأرض يتمتع بهذه الثقة المطلقة ؟
     زعموا أن رئيساً أمريكياً بات لا يعرف النوم إلى جفنيه سبيلاً وهو يرى بأم عينيه ، كيف يفوز رؤساء الشرق الأوسط بهذه النسب العالية ، فكّر ودبّر ، ثم مالبث أن اتخذ قراره بالإستعانة بخبراء سوريين  لإدارة حملته الإنتخابية ، جاء الخبراء المشهود لهم بالكفاءة إلى واشنطن وقاموا بالمهمة على أكمل وجه ، وكانت النتائج هي فوز سيادة الرئيس المناضل حافظ أسد بتسعة وتسعين بالمئة من أصوات الناخبين في خمسين ولاية أمريكية ! حتى أن الجماهير في لاس فيغاس وفي تكساس وميامي خرجت وهي تهتف : بالروح .. بالدم .. نفديك يا عظيم الأمة ! وخصصت كبريات الصحف في واشنطن إفتتاحياتها لهذه النتائج ، وكان عنوان المقال الإفتتاحي في النيو يورك تايمز :
    الأبناء والأصهار ، ضمانة الإستمرار !
     تتمة القصة معروفة ، عند عودة هؤلاء الخبراء إلى الوطن ، اعتقلوا لأن النسبة كانت أقل من الحقيقة ، كانت تنقص تسعة أخرى بعد الفاصلة ! وكان آخر العهــد بهم ! وهذا دليل لا يقبل النقض على أن ديموقراطيتنا العربية النابعة من أرضنا هي ديموقراطية بكر ، لايجود الزمان بمثلها إلا حين يعلن إفلاســـه إفلاســاً إحتيالياً ، والله أعلم .   








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علاج أكثر من 1000 عضو من حماس في تركيا.. تصريح متعمد من أردو


.. وزير خارجية بريطانيا: هجمات الإسرائيليين على قوافل المساعدات




.. غزة.. صحيفة -وول ستريت جورنال-: مصر تدرس خفض مستوى علاقاتها


.. فيزا واحدة تتجول بها في جميع دول الخليج #بزنس_مع_لبنى




.. إصابات عديدة بانفجار منطاد هوائي في #إندونيسيا #سوشال_سكاي