الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- العــورة - الوثقــى

مصباح الغفري

2003 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


                              ولا خير في رد الأذى بمذلة
  كما ردها يوما بسوأته عمرو

     يؤكد فضيلة الشيخ عبد القادر الجنابي الراوندي في مصنفه الذي طبقت شهرته الآفاق ولم يقرؤه أحد: 
    "  تنبيه الغافلين ، عن أخطار الشيخ جمال الدين على العرب والبــربر والمسلمين "
أن الجريدة التي أصدرها الإرهابي الدولي جمال الدين الأفغاني في باريس وأطلق عليها إسم " العروة الوثقى " إنما صدرت بتمويل من الحركات السرية المشبوهة التي كانت تهدف إلى النيل من الخلافة العثمانية ، وأن صاحبها ، لو كان صادقاً مع نفسه ، لأسماها " العورة الوثقى " !
     عاش الشيخ الجنابي في الهزيع الأخير من القرن العشرين ، وكان همه تتبع عورات الكتاب والمثقفين في كل ما ينال من صفاء العقيدة وتراث العورات ، ولم يستمع إلى ما قاله شاعر قديم :
       لسانك لا تذكر به عورة إمريء       فكلك عورات ، وللناس ألسن!
    ما يهمني في ما أكتبه الآن هو أهمية العورات والسوءات في التاريخ ، وفي تاريخ آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بشكل خاص ، فللعورة دور لايُنكره أي عاقل في الإبقاء على الحياة ، وفي البقاء على الكرسي ، وفي تجديد البيعة ، وفي السكوت عن تدمير المدن وعن الجرائم ضد الإنسانية  ،  هل بقي  عمرو بن العاص يوم صفين حياً لو أنه لم يكشف عن سوأته ؟،  لقد ترك عمرو بن العاص للأجيال عبرة في رد المنايا بالعورات لا بالسيوف . واستلهم الكتاب والشعراء والمثقفون هذا التراث فساروا على نهجه ، حتى ضرب المثل :
- ألف قولة جبان ولا قولة يرحمه اللــه !
     في الثلث الأخير من القرن العشرين ، إختار المناضلون في سبيل الحرية حرية واحدة يناضلون في سبيلها ، ألا وهي حرية السوق ، فلماذا الإكثار من الشعارات ؟ ألسنا في زمن الخصخصة والتخصص ؟ ثم إن حرية السوق عباءة فضفاضة تتسع لجميع الحريات الأخرى ،إنها تضمن لك الرزق من حيث تدري ومن حيث لا تدري ، عندما يصبح قانون منظمة التجارة العالمية " الغات " هو القانون المطبق في كل ركن وزاوية من الكوكب ، فماذا يفيدك الدفاع عن حرية فرد أو أفراد يقضون أجمل سنوات عمرهم في السجون خلف القضبان ؟ بل ما الذي تجنيه أيها القاريء الكريم إذا ناضلت في سبيل حريتك أو إستعادة أرضك المغتصبة ، ألست حرا وأنت تعيش في قلب العروبة النابض في انتقاد أنظمة الحكم في أنغولا وفي زيمبا بوي وحتى في نيكاراغوا ؟ ماذا تريد يا سيدي أكثر من ذلك ؟
     بعد أن توصل عباقرة الفكر" العوراتي " إلى هذه النتيجة الرائعة المريعة ، إفرنقعوا ست الجهات يبحثون عن صيد حلال ، فنحن أمة لا نأكل الحرام القليل ، إفتتحوا دور إفتاء للتنظير لقراءة المستجدات على الساحة الدولية والمستجدات في حقول المعلوماتية والعولمة ، ولضبط النفس وكظم الغيظ عند الغضب ،  تحول حلف شمالي الأطلسي وأمينه العام ســـولانا إلى حركة إنسانية للتحرر والحرية والعالم الحر ، أليس العالم كله ، ونحن جزء منه ، حراً في الموت قصفاً أو جوعاً أو كمداً أو حصاراً ؟
     هذا زمن التخلص من الردى بإظهار السوأة ، تستوي في ذلك سوأة أجمل عارضة أزياء مع سوأة أي رئيس تجدد له البيعة بنســـبة التسعة وتســـعين السيئة السمعة ، رحم الله الأستاذ محمد البزم عضو المجمع العلمي العربي ، دخل يوماً إلى قاعة الدروس في جامعة دمشق ليلقي درسه ، فرأى طالباً حلق شعر رأسه على الصفر ، وكان البزم يعشق الجمال ويكره القبح بل يتطير منه ، قال للطالب :
- أستر ســوأتك ياهذا !
أجاب الطالب وبراءة الأطفال في عينيه :
- لعن الله الناظر والمنظور !
لم يبق في الساحة اليوم إلا قلة من الأغبياء الذين يرفضون كشف سوءاتهم في سبيل البقاء على قيد الحياة ، القيادات التاريخية ، إلا من عصم ربك ، متلبسة في هذه الأيام وسراويلها تحت الركبة ، منهم من هو في حالة الركوع ومنهم من هو في حالة السجود ، وبالشكر تزيد النعم .
     في ماراتون السباق للتنزيلات وإنزال البنطلونات ، ليس لنا غير التمثل بالحديث الشريف :
     لعن الله الناظر والمنظور !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف روسي يطال نحو 30 بلدة في شمال شرق أوكرانيا وإجلاء ستة آل


.. طهران.. يد ممدودة للتعاون وأخرى على الزر النووي| #غرفة_الأخب




.. 360 ألف فلسطيني فروا من مدينة رفح جنوب قطاع غزة


.. عملية رفح العسكرية تشعل التوتر بين مصر وإسرائيل| #غرفة_الأخب




.. دمار وحرائق من أحد شوارع معسكر جباليا شمالي قطاع غزة