الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمرقند

وجدان عبدالعزيز

2008 / 1 / 17
الادب والفن



فصولها اثنان فقط
يبحث الانسان الشاعر عن ماهية الخلود بماذا يبقى؟ بماذا يتجلى ؟ عند ماذا يتوقف؟ يتأمل ، ثم يتخطى الطرق ، قد يبتعد ، قد يكون غريبا ، ثم يحاول البحث المعاكس عن التعريف ، فالحب بطاقة دنو وقرب واكتشاف ولحن ليال عصيات على النوم ، وقد تأتي الكلمات على حين غرة بعبير الدنو ، لتجلو الغافلات النائمات تحت بطانة الزمن الغابر ، تجلوها في عالم العتمة ، ليكون النور بطاقة الخلود في الاكتشاف ..
(وقنديلين في عيني
اغسل بضوئهما عتمة مساربك
فبشر اصابعك بأزاميلي
ساعلمك دروسا في النحت
لتنجز تمثالا من عبيري)
لايوجد لدى الشاعر مختبر للاكتشافات الحسية انما يحمل عالم ماورائي يخلق اشكاليات الفكر الانساني ..
(لتنجز تمثالا من عبيري)
اي تمثال واي عبير هناك احتياج ماس جدا تدنو منه اشكالية الشاعرة ، لكن ليس بالضرورة بما هو متعارف انما احتياج من الاسفل الى الاعلى ، هكذا سمرقند تنشد السمو
(فانا اريد ان اتوج انوثتي
بشمعدان رجولتك)
هنا نزلت الشاعرة اللى قعر النفس الانسانية ورغباتها ، لتكون سوية غير شاذة كي تكتمل الانثى بالرجل ثم تقول (علمني كيف اغدو الهة ارضية)، فبعد ماتخرج من العتمة وترضي قابليات فسلجية لابد منها ان تستقر ثم تسمو وتحلق عاليا تنشر التعاليم وتكون كائنا خالدا وبسلاح شفاف جميل ..
(مدجج بالدفء والندى والشعر)
و(قبل ان اطوي سجادتي
يتضرع قلبي :) وتكون فصولي اثنان فقط :
(عصفورك وعشي )
والشاعرة تهتز من الاعماق طربا للشعر ، لتطوي عالمها في عالم اخر مفترض بصياغة صور تخلب اللب ..
(فغدت اضلاعي افنانا
وقميصي اضحى بستانا
هلا اصخت لهديلي
امسدك بضفيرتي
بغبار جسدك اكتحل)
هذه الصور خلقت استدراج للمتلقي المتلهف عاطفيا ، لكنها في نهاية المطاف تخرجه من العاطفة العابرة الى اللذة الباقية لذة الوجود والخلود ..
(من قال لك مت)
الحقيقة التي لاتغفل ان الشاعرة استغلت دغدغة المشاعر باساليب استفزت بها ذائقة المتلقي واستغلت انوثتها استغلال جعل القاريء امام فاتنة رائعة جدا بالمشاعر الشفافة والمتعقلة يعني ان الشاعرة استخدمت الانوثة بعيدا عن المجون والغرائز ، لانها تنشد حالات اكثر اشراقا وخلودا كما اسلفنا واتساقا مع هذا يتأكد انها تنشد النقاء والخروج اكثر اشراقا تقول:
(يطالبني بالصبر !
انا ايضا متعبة من دور الانثى)
ف(البستان من البرتقال يتعب) وتستمر سمرقند باكتمال لوحة وجودها المفارق والمغاير والخروج تارة باحلى حلي الجمال والاختفاء من اجل البحث والتأمل .. وما اروع الشعر وهو يأخذ بيد سمرقند نحو الاكتمال بهدوء الانثى بهدو الانسان الباحث عن الخلود ، الخلود ان يكون شيئا مذكورا باندهاش جمالية الحياة ..
(كنت احملك فوق اغصاني
كورد القداح)
(باب غضبك هذه تتعبني فافتحها)
وهنا تكبر معاناة الشاعرة بقولها:
(سيقف محنيا امام احزان العراق)
همها الكبير وحبيبها الذي فتحت له كل نوافذ الانوثة ، قد يكون العراق الوطن المعادل الموضوعي للحبيب وهو افتراض
(يندس في خوابي السطور)
لان(فلامعنى اذاً لحبي بلا زلزال
يدغدغ البلدان)
(والدنيا- اواه قلبي –
لاتنتظر احدا
انها تكمل فنجانها بشكل سريع ..
وتحمل اعراسها .. لتتركه وحده)
وتقول الشاعرة انا وحدي
(احاول التسكع بعمق)
هكذا الانسان الشاعر يثبت انه انسان غير عادي ، لانه يرفض السكون او السبات ويحترم اوصال الحياة في البحث عن اسرار تقول سمرقند :
(ياهادي النجم ارجوك تعال
وارفض معنا سبات الكون
واعد شغب المواسم
فللحب لغة واحدة)
رغم اني (اغريتك ببحار السر لاكسر الاصنام)
و(اهديتك قصر النورس
كي لاترحل في موسم هجرة)
وتفخر بان جمالية الحياة هي ان تكون اي الشاعرة
(.. الف بستان قد اكون ربيعها
فان عشقت خلعت حزني)
هنا ان العشق هو فرح وعمق وتأمل انفتاح نحو افق الحياة التي تنشده سمرقند وهي تقول:
(لقد امطرت بغزارة )
لانها انسانة خصبة ، خصوبتها خلود الانثى التي تبحث عن وجودها ..
(ولست اخجل باني ساومت الحياة
لأكون امرأة واكتفيت)
(الست الضوء !)
(وللشيخ قصيدة)
(وهناك سر خلف الامتار)
امرأة بهذا الحجم غير انها تنزل الى قاع الحياة تتحسس اشيائها ..
(اركلني بالعوز .. لأروض بالجهاد النفس وانجو ..)
(لقد كنت اعمل كي اضل أنا ..)
فلا كآبات الكون ولا حزنه ولياليه الموحشة تسرق مني فرح الوجود ، لأني شاعرة (كما يغسل الحزن
قلوب الشعراء من الرذائل)
(فصار يلمسني الوجود الاخر)
الحقيقة التي اكتشفتها ولامناص منها ان ديوان (بصمات قلب) يؤسس لفلسفةخاصة جدا بالشاعرة سمر قند برغم من سيلان العاطفة وجلباب الحب وعالم الانوثة الخصب الذي طرزته على هوادة قلبها وعلى استحياء يداعب النفس بكل عفة وصدق تقول سمرقند :
(ايها الصديق مد لخطاك اوراقا بيضاء
واعبر الي من الالف الى الياء
باسم الله المكنون بين الكاف والنون)
تسليم بالوجود المنظم لان(لستُ اؤمن بالصدفة لان الكون منظم
وقد ظهر الان حسب جدوال الرحمة)
نرى الشاعرة تحاول الاثبات ، لتكون على قدر المسؤولية التي قررت الاقتران بها وهي الوجود المنظم ونشدان الخلود وتأسيس عفة الانثى على قدر كبير من الاكبار والاثراء ، لترسم خطوط الجسد الحسي المتماهية داخل الانسان صعودا نحو قمة الوجود الافتراضي في منطقة بعيدة عن مستنقعات الهبوط وهذا هو دأب الشاعرة من اول السطر في ديوانها الى اخر كلمة حملت هذا حتى بين طيات ملامح وجهها وفراغات الاوراق ..
( لقد حملت عمري على اصبع واحد)
لان (الاول لايريد تركي الا باحراقي
والثاني يراني جزيرة جميلة
لم يكتشفها احد قبله)
وفي ظني لم تكتمل صورة سمرقند الشعرية بعد الا بتعدد قراءات ديوانها (بصمات قلب) كي تكتمل الذائقة تجاه صور شعرية نهجت الطرح بجوار المعنى لتقول : ( اياك اعني واسمعي ياجاره)......


/بصمات قلب ديوان سمرقند
/شكر خاص للشاعر امير ناصر الذي وضع بصمات سمرقند بين يدي
شتاء 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضحية جديدة لحرب التجويع في غزة.. استشهاد الطفل -عزام الشاعر-


.. الناقد الفني أسامة ألفا: العلاقات بين النجوم والمشاهير قد تف




.. الناقد الفني أسامة ألفا يفسر وجود الشائعات حول علاقة بيلنغها


.. الناقد الفني أسامة ألفا: السوشيال ميديا أظهرت نوع جديد من ال




.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي