الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدنان حسين: الإستقلال هو مطلب مشروع للشعب الكوردي

نزار جاف

2008 / 1 / 18
مقابلات و حوارات


عدنان حسين أحمد، وجه ثقافي معروف على الصعيد العراقي و له دور بارز في مجال النقد الادبي و الترجمة و العمل الصحفي. ويتميز هذا الاديب العراقي بتأکيده الدائم على النواحي العلمية و التکنيکية في العمل الصحافي، کما إنه واحد من أولئک المثقفين العراقيين الذين يتعاطفون مع مطالب الشعب الکوردي و يدعوالى لغة الحوار لإنجاز ذلك.

* أنتم من الوجوه الثقافية المميزة التي تتابع الاوضاع الثقافية في العراق، کيف تقرأ مرحلة مابعد 9 نيسان 2003؟
- إن الخلاص من النظام الدكتاتوري السابق هو منعطف كبير في حياة الشعب العراقي، ويُفترضْ أن يكون نقطة تحوِّل جذرية تشمل مفاصل الحياة كلها، ولا تقتصر على تبديل نظام بنظام آخر، أو حزب واحد بستة أحزاب سياسية، تقود العملية السياسية بواسطة إغراء وإستدراج عدد آخر من الأحزاب المعارضة أو تلك التي تتحفظ من الخوض في العملية السياسية. إن مرحلة ما بعد 9 نيسان 2003 تبشِّر بخير كثير لأنها طوت مرحلة الظلم، والتعسف، والإستبداد، والقائد الواحد، والحزب الواحد، لكن أخشى ما أخشاه هو إستمرار النزعة الإستبدادية. فالضحية، في كثير من الأحيان، تتخلق بأخلاق الجلاد، وهنا مكْمن الخطورة. والقراءة العملية للمشهد السياسي العراقي الراهن تكشف أن نظرية الحزب الواحد قد تحولت الى نظرية الأحزاب الستة، كما أن وتيرة القتل، والتصفيات الجسدية قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء حتى في مفهوم الحرب الأهلية. وعلى هذه الأحزاب الممسكة بسلطة القرار أن تبذل كل ما بوسعها من أجل إيقاف حمامات الدم المتواصلة. فالأفكار التي تزرعها السيوف تغرقها الدماء!
* أنتم رئيس تحرير لمجلة " أحداق " الثقافية، ماذا تريدون أن تقولوا من خلال أحداق؟
- إن مجلة " أحداق " التي تُعنى بالأدب والفن والثقافة والفكر هي محاولة لإستيعاب جزء من الثقافة العراقية التي ينجزها العرب، والكرد، والتركمان، والكلدان، والآشوريون، والسريان، والأكراد الفيليون، والعراقيون من أصول إيرانية، وما الى ذلك من قوميات وأديان وأطياف عراقية متنوعة. وكنت أحلم مع، هيئة التحرير الموقرة، أن نُصدر أعداداً خاصة تحت عناوين " أحداق كردية " و " أحداق تركمانية "، " أحداق آشورية " وهكذا دواليك، لكن ضيق ذات اليد، والكلفة المادية العالية هي التي حالت دون إستمرار هذا المشروع الأدبي المتواضع. أردت أن أقول من خلال " أحداق " إذا كانت السياسة قد فرّقت العراقيين، فإن الثقافة كفيلة بأن تجمعهم وتوحدهم.
* الاعلام العراقي في العراق الجديد يصفه البعض بالقصور في مواجهة الاعلام العربي المضاد، کيف ترون ذلك؟
- لم يتبلور إعلام عراقي ديمقراطي بالمعنى الصحيح للكلمة لأنه ظل تابعاً للأحزاب السياسية التي تسنمت كراسي السلطة في العراق الجديد، بينما كنا نحلم، كإعلاميين عراقيين، أن يكون الإعلام متحرراً من ضغوط السياسيين، وقيود الرؤية السياسية الضيقة، وأن يتحول فعلاً الى سلطة " رابعة " تراقب المقصرين في أدائهم السياسي والوظيفي، وتحيلهم الى الجهات القانونية المتخصصة. وإذا لم يتحرر الإعلام العراقي برمته من ثقل أحزابه السياسية فلن يقوى على مواجهة الإعلام العربي المضاد، وهو قطعاً ليس كل الإعلام العربي، وأنما الجزء الذي يحمل النزعة الشوفينية التي تخشى من التعددية، وتبغض المناخ الديمقراطي.
*عراق فدرالي، مطلب ينادي به الشعب الکوردي بشکل خاص وقطاعات قد تکون محددة لأسباب متباينة، بتصورکم ما مدى قناعة الشارع الثقافي العراقي بشکل عام بالفدرالية سيما وهناک مسارات سياسية ـ فکرية معينة بإتجاه مضاد للفدرالية تماما؟
- إذا كان الشعب الكوردي العزيز يطالب بالفيدرالية فلماذا نقف ضد رغبته وإرادته؟ أنا على المستوى الشخصي أتمنى أن تعود الفيدرالية، فيما إذا تحققت، بالخير العميم على مستوى الإنسان العادي في حلبجة وجمجمال وسيد صادق وديانا وراوندوز وكفري وكلار وغيرها من المدن والقرى الكوردية. إن خلاصة الفيدرالية من وجهة نظري المتواضعة هي أن تتوزع " السلطة والثروة " على كل أفراد الشعب الكوردي، وليس على حزبين أو ثلاثة أحزاب سياسية كوردية مع عميق الإحترام للشخصيات المسؤولة عنها. أنا أعتقد أن الفيدرالية قد صدمت، ليس المثقف العراقي حسب، وإنما الشارع العراقي برمته، لأنه لم يعتد على ثقافة الحوار، ولم يترسخ لديه مفهوم قبول الرأي الآخر حتى وإن كان هذا الرأي يقف ضد المصلحة القومية. المسارات السياسية والفكرية المناهضة للمشروع الفيدرالي تتراجع وتنكمش يوماً بعد يوماً. أما المنادون بالفيدرالية والتعددية وما يتبعهما من ضمانة للحريات الشخصية، وكفالة للحريات العامة فهم الذين ينالون حظاً كبيراً من التأييد والمؤازرة.
* البعض يرى في طموحات الشعب الکوردي بالحصول على المزيد من الاستقلالية في الجوانب السياسية ـ الاقتصادية ـ الثقافية بإنه سعي للإنفصال و تمزيق الدولة العراقية، هل يعني ذلك عدم إمکانية تحقيق فکرة"التعايش"بذهنية منفصلة في سياقات و متصلة في أخرى، أم إنه هنالك ثمة طريق آخر؟
- لكي لا أكون كوردياً أكثر من الكورد أنفسهم أقول إن الإستقلال هو مطلب مشروع للشعب الكوردي فيما إذا كان يسعى لتحقيقه الآن أو مستقبلاً. فكيف تريدني أن أعترض على مفهوم " المزيد من الإستقلالية "؟ أنا أرى أن إستقلالية الشعب الكردي يجب أن تتحقق بالكامل، وأن تتوزع هذه القيمة، حتى النظرية منها على عموم الشعب الكوردي، وليس على أحزابه فقط، ولكن لدي وجهات نظر أخرى فيما يتعلق بتطبيق وإدارة السياسة الفيدرالية الكوردية مع الحكومة المركزية في بغداد، وخصوصاً فيما يتعلق ببعض الوزارات المهمة والمحورية مثل الخارجية والداخلية والدفاع والمالية وما الى ذلك وهناك أمثلة كثيرة للدولة الفيدرالية في العالم مثل بلجيكا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية آخذين بنظر الإعتبار أن أمريكا نفسها ليست لديها سلطة مركزية وإنما " إدارة مركزية " وثمة فرق كبير بين الإدارة والسلطة. إن فكرة " التعايش " ممكن أن تتحقق بين القوميات والطوائف العراقية فيما لو أخذ كل ذي حق حقه. ولكي نجسّد هذه المقولة يجب ألا نُقصي أحداً ونحرمه من " السلطة أو الثروة " عند ذاك سيقتنع الجميع من دون شك.
* بعد أکثر من خمسة عشر عاما، کيف تقيمون تجربة برلمان و حکومة إقليم کوردستان؟
- أثبتت التجربة الديمقراطية في إقليم كوردستان في العراق أنها شجرة يانعة ومثمرة ووارفة الظلال، لأنها نمت في أرض صالحة، وفي محيط مناخي ملائم جداً، لكنها لا تخلو من نواقص وعيوب أنا أشرت إليها أكثر من مرة. ومن بينها إحتواء كل الأحزاب السياسية الكوردية التي تقف على الحياد أو في الجهة المقابلة، وهذا لم يحصل حتى الآن. أتمنى أن تكون في كوردستان حكومة ظل وأحزاب معارضة تقف في جلسات البرلمان وتنتقد الحزبين الكبيرين بكل حرية. كما أن تجربة الإقليم قد كشفت مع الأسف الشديد أن القادة الكورد يضيقون ذرعاً بالإنتقادات التي يوجهها بعض الصحفيين الكورد المتنورين والليبراليين، وخصوصاً أؤلئك الذين يعملون في حقل الصحافة الإستقائية.
*مما لاشك فيه أن التجربة الکوردية في کوردستان العراق تعاني من سلبيات تتعلق بأسباب متباينة، برأيکم هل تمکنت هذه التجربة من جعل نفسها نموذجا يمکن الاقتداء به عراقيا؟
- لا شك في التجربة الديمقراطية هي أنضج تجربة عراقية قائمة حتى الآن. ويمكن الإقتداء بها إذا ما شذبناها من العيوب التي أشرنا إليها سلفاً. يجب أن نتخلص من سياسة رأس الهرم الإستبدادية. فقاعدة الهرم أكثر أهمية من رأسه، لأن الرأس يظل واحداً، وأن القاعدة هي الجميع، ولا بد أن نفهم من أن الجمع يفكر أفضل من الفرد الواحد.
* کيف هي نظرتکم للإعلام الکوردستاني الموجه باللغة العربية، وماهي مآخذکم بخصوص ذلك؟
- لأن التفاؤل هو رأسمالي الوحيد، لذلك أرى، على رغمٍ من كل النواقص والعيوب، أن الإعلام الكوردستاني، بشقيه الموجّه للكورد أو للعرب، قد حقق قفزة نوعية في التواصل والأداء. ما أتمناه حقاً هو ترسيخ مفهوم " الإعلام الإستقصائي " الذي يكشف كل شيء على حقيقته. من حق الشعب أن يعرف كل شيء سواء عن طريق تصريحات قادته أو مسؤوليه أو عن طريق الإعلام المركزي أو الفيدرالي. وهذا الأمر لم يتحقق حتى الآن. الإعلام الكوردي الذي يجامل العراقيين عرباً وتوركماناً وكلداناً وآشوريين وسريان هو إعلام ملغوم ومشكوك فيه، كما أن الإعلام الذي يزرع ثقافة البغضاء والكراهية هو إعلام مرفوض لأنه يقف بالضد من طموحات الشعب العراقي بكل قومياته وطوائفة. أتمنى أن يرى الإعلام الكوردي العراق بنظّارة عراقية ترى المشهد بالكامل، ولا تجزئه بحسب القوميات والأديان والطوائف. سأرضى عن الإعلام الكوردي الذي يقول الحقيقة للجميع، ولا يخبئ التسعة أعشار الغاطسة من جبل الجليد.
عدنان حسين أحمد
خريج قسم اللغة الإنكليزية، كلية الآداب، جامعة بغداد عام 1982. حاصل على شهادة الماجستير في النقد الأدبي المقارن. أصدر عدداً من الكتب من بينها: " جولة في مملكة السيدة هاء " قصص قصيرة، و " أقواس المتاهة " قصص قصيرة، " أطياف التعبيرية " نقد تشكيلي. وفي الترجمة صدرت له: " دبليون " لجيمس جويس، و " هدية المجوس " لـ أو. هنري. أما آخر كتاب له فهو " أدب السجون خلال سنوات الحكم الدكتاتوري في العراق "
ملاحظة: نشرت الترجمة الکوردية للحوار في صحيفة"کوردستان ريبورت"الصادرة في مدينة أربيل بإقليم کوردستان العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار